إقرار المحامي نيابة عن موكله - في اليمن - القانون اليمني

*إقرار المحامي نيابة عن موكله*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز إستناد الحكم إلى إقرار المحامي نيابة عن موكله، لان الإقرار لايصدر من المقر نفسه وان الإقرار يجب أن نابعا عن علم وادراك ومعرفة للاشياء التي يقر بها المقر، وإن الواجب على محكمة الموضوع التثبت من وسيلة الإثبات المناسبة بالنسبة للمسأئل الفنية حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 17-10-2015م في الطعن رقم (56508)، وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم: ((وحيث اشارت الشعبة في أسباب حكمها إلى أن محامي الطاعن اقر أن موكله ليس لديه وديعة لدى البنك بل حساب جارٍ، وإن إقرار المحامي تأكيد لإقرار الطاعن، ولم يظهر من الشعبة التأكد من صحة الإقرار، لان المعوّل عليه في ترتيب الأحكام هو التصريح من صاحب الشأن، فيلزم إستيفاء ذلك، ولما سلف يتبين أن الطعن في محله فيما ذكر، ولذلك يلزم التثبت والإستيفاء، وللشعبة الاستعانة بالمحاسب القانوني المختار من محكمة أول درجة إن لزم الأمر حسبما تراه الشعبة التجارية، وإستناداً إلى ما ذكر تقرر الدائرة نقض حكم الشعبة التجارية المطعون فيه وإعادة ملف القضية لمعاودة النظر للإستيفاء على نحو ما سبق بيانه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية الإقرار ومفترضاته:*
➖➖➖➖➖

*▪️الإقرار لا يكون إقرارا بالمفهوم الشرعي والقانوني ولا تنطبق عليه أحكام الإقرار إلا إذا كان صادرا من الشخص نفسه الذي يعلم علم اليقين ماهية وحقيقة الشيء الذي يقر به لخصمه، وهذا هو المفهوم الشرعي والقانوني للإقرار كدليل من أدلة الإثبات الجائزة قانونا، وبناءً على هذا فلا يطلق مصطلح الإقرار إلا على الأقوال الصادرة من الشخص المقر نفسه، فأقوال الغير ولوكان المحامي لا تكون إلا شهادات على إقرار الشخص إذا صدر منه في غير مجلس القضاء، حيث يطلق على أقوال الغير في هذه الحالة شهادات وليس إقرارات، ومن هذا المنطلق فقد قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز الإستناد إلى قول المحامي بأن موكله ليس لديه وديعة لدى البنك وإنما حساب جاري، فهذا القول لايعد إقراراً، كما أنه ليس شهادة على إقرار موكله، لأن موكله لم يقل ذلك أمام المحامي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إقرار المحامي نيابة عن موكله وحجيته:*
➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول أن الإقرار لا يصدر إلا من المقر نفسه وليس من غيره، وعلى هذا المعنى فإن ما يصدر من المحامي لا يكون إقراراً، إلا إذا صدر من الموكل للمحامي توكيلاً خاصاً تضمن ان الموكل قد وكل محاميه بأن ينقل إلى المحكمة إقراره وأن يذكر الموكل الشيء الذي يقر به وحدد الموكل الفاظ الإقرار التي يتلفظ بها المحامي أمام المحكمة، ومع ذلك فإن المحكمة تحتاج في الغالب إلى استفصال المقر، ولذلك فإن الأصل في الاستماع إلى الإقرار ان يقوم الشخص نفسه بالادلاء به أمام المحكمة، كما ينبغي أن يكون الإقرار صريحاً في مضمونه، فلايكفي ان يستنبط الإقرار من قول المحامي ان موكله ليس له وديعة في البنك وإنما حساب جاري ، وبناءً على ذلك فقد اشترط قانون المرافعات صراحة أن يكون لدى المحامي توكيلاً خاصاً بالإقرار نيابة عن موكله، وعندئذٍ لا ينبغي أن يذكر في محضر جلسة الإقرار أو في الحكم أن الإقرار منسوب للمحامي وإنما ينبغي أن ينسب الإقرار إلى الموكل الأصيل الذي هو المقر وليس محاميه ، ومن هذا المنطلق فقد قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز الإستناد إلى قول المحامي على أنه إقرار، لأن ذلك القول لم يصدر من الأصيل، فضلا عن الأصيل لم يوكل المحامي في نقل إقراره إلى المحكمة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الموازنة بين الإقرار والخبرة الفنية:*
➖➖➖➖➖

*▪️أرشد الحكم محل تعليقنا أرشد محكمة الموضوع بأن تستوفي الموضوع عن طريق أعمال الخبرة المحاسبية، لأن تحديد نوع العلاقة التي نشأت فيما بين الطاعن والبنك وكيفية التعامل هل هو وديعة أم حساب جاري وما إذا كان الطاعن دائنا ام مديناً ومقدار الدين والمبالغ المسحوبة والمودعة وتواريخ ذلك، فكل هذه المسائل تحتاج إلى إثباتها عن طريق أعمال الخبرة، لآن الإقرار عندما يصدر من المقر لا يشمل هذه التفاصيل المحاسبية الفنية، إضافة إلى أن المقر عند إقراره يجب أن يكون عارفاً بالأشياء التي يقر بها، وهو مالم يحصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، خاصة أن البنك المطعون ضده لم يكن قد وافى الطاعن بكشف حساب يتضمن المبالغ المودعة والمسحوبة والقيود المحاسبية للعمليات التي جرت فيما بين الطرفين خلال فترة التعامل فيما بينهما، لان مصادقة الزبون على كشف الحساب بمثابة إقرار منه على صحة العمليات والقيود المحاسبية وتواريخها ونوعها، فالمصادقة في هذه الحالة نابعة من علم وإدراك لتفاصيل الأشياء التي يصادق عليها صاحب الحساب، والله اعلم.*