*إنعدام الحكم الإداري إذا صدر من غير رئيس المحكمة العادية*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الحكم الإداري ينعدم إذا صدر من غير رئيس المحكمة الابتدائية العادية في المحافظات التي لم تنشأ فيها محاكم إدارية، لأن قرار مجلس القضاء الأعلى بإنشاء محكمتين إداريتين في كل من صنعاء وعدن قد صرح بأنه بالنسبة للمحافظات التي لم تنشأ فيها محاكم إدارية فإن رؤساء المحاكم الابتدائية فيها يتولوا الفصل في الدعاوى الإدارية فيها، ويتم الفصل فيها من قبل رئيس المحكمة الابتدائية وليس غيره من القضاة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26-8-2015م في الطعن رقم (56798)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أما نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه بشأن رفضه للدفع بإنعدام الحكم الابتدائي لمخالفته للقانون، فالدائرة تجد أن هذا النعي صحيح، فبالعودة إلى قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (177/2010م) بشأن إنشاء محكمتين إداريتين قد صدر بحسب ما ذكر في عنوانه لإنشاء محكمتين إداريتين في كل من أمانة العاصمة ومحافظة عدن للنظر في القضايا الإدارية في كل من صنعاء وعدن، وحددت المادة الثانية من القرار الإختصاص النوعي للمحكمتين الإداريتين بالنظر والفصل في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات والوحدات الإدارية العامة وفقاً للقوانين ذات الصلة ودعاوى التعويض عن القرارات الإدارية والعقود الإدارية والطعون والقرارات الإدارية المتعلقة بالمسائل التأديبية وفقاً للقوانين ذات الصلة وأية منازعات إدارية لم ينط الفصل فيها لمحكمة أو جهة أخرى، ونصت المادة (3) من القرار على أن: يبقى الإختصاص الوارد في المادة (2) من هذا القرار منعقداً للمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة في المحافظات التي لا توجد فيها محاكم إدارية، على أن يتولى نظرها والفصل فيها رئيس المحكمة الابتدائية –إلخ، وبالتالي فإن قضاء المحكمة الاستئنافية المطعون فيه برفض الدفع بإنعدام الحكم الابتدائي قد شابه مخالفة القانون، لأن الولاية قد انيطت حصراً وقصراً برئيس المحكمة الابتدائية في المحاكم ذات الولاية العامة في المحافظات التي لم تنشأ فيها محاكم إدارية، ومن ثم فصدور الحكم من قاض في المحكمة الابتدائية صادر من غير ذي ولاية لمخالفته نص المادة (3) من قرار مجلس القضاء الأعلى، الأمر الذي يقتضي معه قبول الطعن موضوعا، وهذا السبب كافٍ وحده لنقض الحكم)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: مجلس القضاء الأعلى مصدر الولاية القضائية:*
➖➖➖➖➖
*▪️قانون السلطة القضائية يصرح بأن مجلس القضاء هو الذي يختص بتعيين القضاة ونقلهم وعزلهم، كما أن مجلس القضاء هو المختص بإنشاء المحاكم وتحديد نطاق إختصاصها النوعي والمكاني، ويباشر مجلس القضاء إختصاصه في هذا الشأن عن طريق قرارات يصدرها المجلس بتعيين القضاة و نقلهم وعزلهم ، وتكون هذه القرارات نافذة وملزمة بحسب ما يرد في هذه القرارات، وبناءً على ذلك تتحدد إختصاصات المحاكم بموجب قرارات مجلس القضاء، وكذا يستمد القاضي ولايته من قرار المجلس بتعيينه أو نقله، فإذا لم تكن للقاضي ولاية من قبل مجلس القضاء المختص قانونا بتولية القضاة ونقلهم وعزلهم فإن الحكم الصادر عن هذا القاضي يكون منعدماً حسبما هو مقرر في المادتين ( 9 و15) مرافعات، وتطبيقاً لما تقدم فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن الحكم الابتدائي منعدم، لأنه صدر من أحد قضاة المحكمة الابتدائية، فلم يصدر من رئيس المحكمة الابتدائية نفسه الذي نص قرار مجلس القضاء على ان رئيس المحكمة الإبتدائية يتولى بنفسه الفصل في الدعاوى الإدارية في المحافظات التي لم تنشأ فيها محاكم إدارية، وبناءً على ذلك فلا ولاية لقاضي المحكمة الابتدائية بالنظر في الدعوى الإدارية والفصل فيها بحكم، ففي هذه الحالة يكون حكم القاضي منعدماً.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الولاية والإنعدام في قانون المرافعات وتطبيقها على الحكم محل تعليقنا:*
➖➖➖➖➖
*▪️نصت المادة (9) مرافعات على أن: (يتقيد القاضي في ولايته للقضاء طبقاً لقرار تعيينه أو ندبه أو نقله إلا ما استثنى بنص خاص)، وتطبيقاً لذلك فإن قيام أحد قضاة المحكمة الابتدائية بالنظر والفصل في الدعوى الإدارية في المحافظات التي لم تنشأ فيها محكمة إدارية يعد خرقاً لقرار مجلس القضاء الذي أسند هذه الولاية لرئيس المحكمة، وعلى هذا الأساس فإن القاضي الابتدائي في هذه الحالة لم يتقيد بقرار مجلس القضاء الذي إناط الولاية بنظر الدعوى الإدارية برئيس المحكمة وحده، في حين نصت المادة (15) مرافعات على إنعدام العمل القضائي وكل ما يترتب عليه، وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا بإنعدام الحكم الابتدائي الذي صدر من أحد قضاة المحكمة الابتدائية وليس من رئيس المحكمة، والله اعلم.*