*لا تقبل المحكمة العليا إحالتها في الطعن بالنقض إلى العرائض السابق تقديمها*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن المحكمة العليا لا تقبل إحالتها في الطعن بالنقض إلى العرائض والمذكرات السابق تقديمها في مراحل التقاضي السابقة على الطعن بالنقض ، لان المحكمة العليا متقيدة بما ورد في أسباب الطعن بالنقض المذكورة في عريضة الطعن بالنقض ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-8-2015م في الطعن رقم (57106)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أما قول الطاعن أنه يحيل المحكمة العليا إلى ما قدمه من عرائض أمام المحكمة الابتدائية والشعبة الاستئنافية، فإن الدائرة لا تقبل الإحالة إلى عرائض قد تم تقديمها في مرحلة قضائية سابقة، لان المحكمة العليا تتقيد بالأسباب التي اشتملت عليها عريضة الطعن بالنقض، عملاً بالمادة (299) مرافعات)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: السند القانوني للحكم بعدم قبول الإحالة إلى العرائض السابق تقديمها:*
➖➖➖➖➖
*▪️حسبما هو ظاهر في أسباب الحكم محل تعليقنا فقد أستند في قضائه بعدم قبول الإحالة إلى العرائض السابق تقديمها في مراحل التقاضي السابقة أستند الحكم في ذلك إلى المادة: (299) مرافعات التي نصت في نهايتها على أنه: (ولا يجوز التمسك بغير الأسباب التي اشتملت عليها عريضة الطعن إلا إذا كانت متعلقة بالنظام العام فتأخذ بها المحكمة من تلقاء نفسها وعليها في هذه الحالة تنبيه الخصوم ان رأت موجباً لإستعمال حقهم في الدفاع)، فاسباب الطعن بالنقض التي يذكرها الطاعن في عريضة الطعن هي التي تحدد نطاق الطعن وأسانيده وطلباته، وعلى هذا الأساس ينبغي أن تكون أسباب الطعن المذكورة في العريضة كافية في دلالتها تغني عن الرجوع إلى العرائض والمذكرات التي سبق للطاعن تقديمها في مراحل التقاضي السابقة حسبما ذهب الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: معنى إحالة المحكمة العليا إلى العرائض السابق تقديمها:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الدائرة لا تقبل إحالة الطاعن لها إلى المذكرات والعرائض التي سبق للطاعن تقديمها أمام المحكمتين الابتدائية والاستئنافية، فمعنى الإحالة التي أشار إليها الحكم محل تعليقنا أن الطاعن يذكر في عريضة طعنه في معرض استدلاله على صحة ماذكره في العريضة يقول الطاعن: ونحيل الدائرة إلى عريضة دعوانا التي سبق لنا تقديمها أمام المحكمة الابتدائية أو يقول في معرض الاستدلال :حسبما هو مبين في عريضة استئنافنا، فهذه الإحالة العامة هى المقصودة في الحكم محل تعليقنا، لان هذه الإحالة تعني ان الطاعن قد فوض الدائرة بالرجوع إلى المذكرات التي سبق له تقديمها أو غيرها، حيث تتولى الدائرة دراسة تلك العرائض وإستخلاص أوجه دفاع واستدلال الطاعن منها ومعرفة أحقية ما أورده الطاعن في تلك المذكرات، فهذه الإحالة تخالف حياد القاضي الذي يختلف عمله عن عمل المحامي، فالقاضي ليس وكيلا للطاعن حتي يقوم بدراسة المذكرات السابق تقديمها ويستخلص القاضي منها أوجه دفاع الطاعن وادلته ، وعلى هذا الأساس فإن الإحالة تنقسم إلى نوعين: النوع الأول: الإحالة العامة: وهي التي قصدها الحكم محل تعليقنا، حيث يحيل الطاعن في عريضة طعنه المحكمة العليا إلى المذكرات السابق تقديمها بصفة عامة أو إحالة مجملة مثلما ورد في الطعن الذي تناوله الحكم محل تعليقنا حيث ذكر الطاعن في طعنه: ولمعرفة صحة ماذكرناه نحيلكم إلى عريضة دعوانا أمام محكمة أول درجة وعريضة استئنافنا أمام الشعبة، فيغلب على الإحالة الإجمالية أو العامة طابع التوكيل كأن المحيل للمحكمة العليا يوكلها بدراسة المذكرات السابق تقديمها وإستخلاص أوجه دفاعه وإستدلاله والتأكد من وجاهتها!!!؟، وهذا الأمر مخل بمقام المحكمة العليا وحيادها، فضلاً عن ان ذلك يخل بمبدأ تقيد المحكمة العليا بأسباب الطعن بالنقض، أما النوع الثاني من الإحالة إلى العرائض وأوراق القضية السابق تقديمها: فهي الإحالة الجزئية: حيث يقوم الطاعن بشرح أسباب طعنه تفصيلا ثم يستدل على صحة سبب الطعن عن طريق الإحالة الجزئية إلى رقم الصفحة اوالفقرة في العريضة أو المذكرة أو التقرير السابق تقديمه، شريطة ان يذكر الطاعن في عريضة طعنه وجه استدلاله، فلايوكل ذلك إلى محكمة الطعن أو القاضي، ومثال الإحالة الجزئية أن يثير الطاعن في أسباب طعنه بأن محكمة الموضوع قد اغفلت طلباً جوهرياً من طلباته الواردة في مذكرته المقدمة إلى محكمة الموضوع، فيشير الطاعن في عريضة الطعن الى رقم البند اوالصفحة في عريضة دعواه المتضمن طلبه الجوهري الذي اغفله الحكم الطعين حيث يطلب الطاعن في عريضة الطعن بالنقض يطلب من المحكمة العليا التأكد من صحة ما أورده في أسباب طعنه بالنقض، أو يذكر الطاعن في عريضة طعنه بالنقض بأن الحكم الطعين قد اخطأ في فهم واقعة من وقائع النزاع اواخطأ في تطبيق النص القانوني عليها، فيطلب في عريضته من المحكمة العليا الرجوع إلى الصفحة أو الفقرة في مذكرته المقدمة إلى محكمة الموضوع في معرض استدلاله على خطأ الحكم المطعون فيه ويطلب أيضاً من المحكمة المقارنة فيما بين ما ورد في مذكرته المقدمة إلى محكمة الموضوع وما ورد في الحكم الطعين حيث يذكر رقم الصفحة في الحكم شريطة ان يبين الطاعن وجه استدلاله بالجزئيات التي يحيل المحكمة اليها، فالإحالة الجزئية إلى المذكرات السابق تقديمها إلى محكمة الموضوع لا يتعارض مع المادة (299) مرافعات التي أستند إليها الحكم محل تعليقنا، لان الطاعن قد اثار المسألة المحال إليها في أسباب طعنه بالنقض وذكر في سبب الطعن وجه استدلاله بموضوع الإحالة، فضلاً عن أن الطاعن قد احال إلى المذكرة السابقة في معرض الاحتجاج والاستدلال بعد إن ذكر وجه الاستدلال بتلك الجزئية التي احال إليها، إضافة إلى أنه من غير المعقول أن يقوم الطاعن بتضمين طعنه بالنقض كل المسائل المتصلة بأسباب الطعن بالنقض التي سبق للطاعن تضمينها في مذكراته السابق تقديمها أمام محكمتي الموضوع!!!، إضافة إلى أن هذا الفهم سيجعل عريضة الطعن بالنقض تصل إلى الف صفحة مثلا، فقد وقفت شخصيا على عريضة طعن بالنقض بلغت عدد صفحتها 342 صفحة، وعندما راجعت معد هذه العريضة صرح بأن أسباب الطعن بالنقض يجب أن تشتمل على كافة الادلة والشواهد من كافة المذكرات السابقة سواء تلك التي قدمها الطاعن أو خصمه وغيرها من أوراق القضية عامة، وبسبب هذا الفهم المغلوط تطول عرائض الطعن بالنقض إلى مئات الصفحات، ولهذا يشكوا قضاة المحكمة العليا من ضخامة عرائض الطعن بالنقض وانها خالية من الاستدلال الصحيح بالمذكرات السابق تقديمها، حيث يقتبس الطاعن في عريضة طعنه من المذكرات السابقة مايحلو له، ولذلك فإن الإحالة الجزئية على النحو السابق بيانه هي المسلك المحمود والعادل، فمحكمة الطعن ملزمة اصلا بالإطلاع على كافة أوراق ملف الطعن وليس عريضة الطعن فقط.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: معنى لا يجوز التمسك بغير الأسباب التي اشتملت عليها عريضة الطعن بالنقض:*
➖➖➖➖➖
*▪️الأصل أن أسباب الطعن بالنقض محصورة في المادة (292) مرافعات، ولذلك يجب ان تكون أسباب الطعن بالنقض المذكورة في عريضة الطعن مطابقة لحالات الطعن بالنقض المقررة في المادة (292) مرافعات، ولهذه الغاية يجب ان تكون أسباب الطعن المذكورة في العريضة مكتملة وواضحة وكافية في الدلالة على تتحقق حالة الطعن بالنقض التي يدعيها الطاعن بالنقض، فمثلاً عند تضمين عريضة الطعن مخالفة الحكم الطعين للقانون كسبب من أسباب نقض الحكم ينبغي على الطاعن أن يذكر في عريضة طعنه النصوص القانونية التي خالفها الحكم الطعين واوجه المخالفة والشواهد والأدلة على ذلك، بما يقنع المحكمة العليا بتحقق حالات الطعن بالنقض المدعى بها، والله اعلم.*