العمل بالوصية الأخيرة - في القانون اليمني

*العمل بالوصية الأخيرة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖

*▪️في غالب الاحيان يقوم الشخص بتحرير وصية جامعة في وقت ثم يقوم في وقت لاحق بتحرير وصية أخرى توافق الوصية الأولى أو تخالفها، وهكذا كلما ألم به مرض أو هم بسفر حيث تتعدد وصايا الشخص الواحد، وقد قضى الحكم محل تعليقنا ان الوصية الأخيرة هي التي ينبغي التوقف عليها والعمل بموجبها حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية في جلستها المنعقدة بتاريخ 21-1-2018م في الطعن رقم (60132)، فقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم أنه: ((أما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة ما أورده الطاعن في عريضة طعنه والرد عليه وأوراق القضية، حيث وجدت الدائرة ان حكم الاستئناف موافق من حيث النتيجة للشرع والقانون وذلك لما علل به وأستند إليه في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي حيث قضى بقبول ما تمسك المدعى عليه بشأن الغاء الوصية السابقة بالوصية المتأخرة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: إثبات الوصية وعلم الموصى له وتكييف الوصية في قانون الاحوال الشخصية:*
➖➖➖➖➖

*▪️اشترطت المادة (229) أحوال شخصية الإشهاد على الوصية إذا كانت بخط الغير أما إذا كانت بخط الموصي المعروف فلا يشترط الإشهاد عليها، ووفقاً للقانون ذاته فلايشترط علم الموصى له بالوصية، وبموجب قانون الاحوال الشخصية فإن تكييف الوصية هو: انها من تصرفات الإرادة المنفردة فلاتنعقد كالعقد، ولذلك فهي ليست عقداً، ولذلك فأنها لا تنعقد بالإيجاب والقبول، فضلاً عن ان الوصية إقرار من الموصي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: تعدد الوصايا وتزاحمها والعمل بالوصية الأخيرة:*
➖➖➖➖➖

*▪️المقصود بتعدد الوصايا ان الموصي يقوم بأوقات مختلفة بتحرير وصايا بمناسبة مرضه أو سفره للعلاج أو للحج أو غيره، بل انه يندب للمسلم ان يحرر الوصية في كل الأحوال والظروف لانه لايدري ماذا يكسب غدا ولايعلم باي أرض يموت حيث تتضمن وصيته الأموال والاشياء التي عليه للناس والتي له لدى الناس وغيرها من الالتزامات والمسائل والأمور التي تتضمنها الوصية، فمن الملاحظ ان بعض الأشخاص لايموت الا بعد أن يكون قد حرر عشرات الوصايا في تواريخ ومناسبات مختلفة ، حيث ترد هذه الوصايا على أموال أو أمور واحدة، حيث تتزاحم هذه الوصايا على أموال أو مال واحد، وفي هذه الحالة فقد نصت المادة (254) أحوال شخصية على أنه (إذا تواردت الوصايا على عين واحدة فالعمل بالوصية الأخيرة) وهذا النص صريح في ان الوصية الأخيرة هي الواجبة التطبيق حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الوصية الأخيرة رجوع من الموصي عن الوصايا السابقة وناسخة لها:*
➖➖➖➖➖

*▪️الوصية الأخيرة تكون بمثابة رجوع من الموصي عن وصاياه السابقة، وذلك جائز بموجب المادة (257) أحوال شخصية التي نصت على أنه: (للموصي الى حين موته الرجوع عن الوصية قولاً وفعلاً، كما إذا تصرف في العين الموصى بها أو هدمها أو غير معلمها، ولا يعتبر تغيير اسم العين الموصى بها أو صفاتها رجوعاً وإذا اضاف الموصى إلى العين الموصى بها دون ان تتغير معالمها اشترك الورثة مع الموصى له بقدر ما تناولته الإضافة والتصرف المنجز لا رجوع فيه إلا أن يكون في مرض الموت أو كانت فيه حيلة فيأخذ حكم الوصية) وبموجب هذا النص فإن الوصية الأخيرة إذا كانت قد تضمنت الأموال أو الاشياء التي سبق للموصي أن أوصى بها في وصاياه السابقة فإن الوصية الأخيرة تعد رجوعاً عن تلك الوصايا وناسخة له، لأن المتأخر ينسخ المتقدم، أما إذا لم تختلف الوصية الأخيرة عن الوصايا السابقة فإن الوصية الأخيرة تعد توكيدا للوصايا السابقة، والله اعلم.*