*جزاء مخالفة البنك لشروط العميل*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن مخالفة البنك لشروط عميله تجعل البنك مسئولاً عن نتائج وتبعات مخالفته لتعليمات عميله التي افصح عنها عند تعاقده مع البنك حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-4-2016م في الطعن رقم (57576)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فإن نعي الطاعن مردود بأن الحكم الاستئنافي قد ناقش نعى الطاعن في أسبابه التي ورد فيها بأن المدخل(رئيس محلس إدارة الشركة )قد حضر إلى الشعبة وذكر أنه معترف بالمخالفة التي وقعت منه مع البنك المستأنف، و تضمن الحكم المطعون فيه: ان حضور رئيس مجلس الإدارة لايغير من الأمر شيئاً كون المسئولية الكاملة عن المخالفة تقع على البنك المستأنف لمخالفته شرط العميل المقترن بطلبه فتح الحساب، لان البنك ملزم قانوناً بتنفيذ شروط العميل، وفقاً لنص المادة (376) من القانون التجاري، أما قول محامي البنك المستأنف بأن موكله البنك قد استلم نسخة من النظام الأساسي للشركة وتبين للبنك ان السحب من الحساب من إختصاص رئيس مجلس الإدارة، فهذا القول لا يعفي البنك المستأنف من المسؤولية، لان الأخوين الشريكين اللذين قاما بفتح الحساب وايداع المبلغ في الحساب قد اشترطا عند إيداع المبلغ بأن السحب لا يكون إلا بتوقيعهما المشترك، فمخالفة البنك لهذا الشرط تجعله يتحمل مسئولية ذلك، لان فتح الحساب باسم الشركة لم يكن بموجب طلب موقع عليه من رئيس مجلس إدارة المدخل، كما أن ذلك لم يتم بموجب مذكرة تحمل توقيع رئيس مجلس إدارة الشركة وختمها، كما ان إعتماد البنك للتوقيع المشترك على الشيكات المسحوبة من ذلك الحساب لم يكن بموجب خطاب رسمي من الشركة وبتوقيع رئيس مجلس الإدارة، ومع ان الأخوين اشترطا التوقيع المشترك استناداً إلى ارادتهما، ومع ذلك لم يطلب الينك حينئذ االنظام الأساسي للإستناد إليه حيث قبل البنك المستأنف إشتراط الشريكين الأخوين يومه، واعتمد البنك ذلك في بطاقة فتح الحساب حسب نماذج كرت التوقيعات، وقام البنك بتنفيذ ذلك في سحب شيكات بالتوقيع المشترك لمعظم المبالغ المودعة لديه، وحيث ان استخلاص الحكم الاستئنافي سائغ وموافق للقانون والثابت في الأوراق، وحيث ان هذا التسبيب مبني على أدلة مقبولة قانوناً من شأنها ان تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم الاستئنافي مما يجعل الطعن غير مقبول)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: تحرير موضوع النزاع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا:*
➖➖➖➖➖
*▪️قاما الاخوان الشريكان في الشركة بفتح حساب باسم الشركة، وبموجب ذلك قاما بإيداع المبلغ في ذلك الحساب واشتراطا عند فتح الحساب وإيداع المبلغ على البنك ان لا يتم السحب من ذلك الحساب إلا بتوقيعهما المشترك، وبالفعل قام الشريكان بسحب غالبية المبلغ المودع في الحساب بموجب توقيعهما المشترك، وبعد فترة قام رئيس مجلس إدارة الشركة بصفته الممثل القانوني للشركة بموجب النظام الأساسي الذي يحق له بموجب النظام الأساسي للشركة سحب المبالغ من حسابات الشركة قام رئيس مجلس الإدارة بسحب بقية المبلغ من حساب الشركة الذي قام الشريكان بفتحه باسم الشركة، وبسبب ذلك قام الشريكان برفع دعوى على البنك طلبا فيها من المحكمة الزام البنك بسداد المبلغ الذي سحبه رئيس مجلس الإدارة، لان البنك قد خالف شرطهما وهو (ان لا يتم السحب) من الحساب إلا بتوقيع الشريكين المشترك، في حين كان البنك يحتج بان سحب المبلغ من الحساب قد تم بطريقة نظامية بإعتبار الحساب الذي فتحه الشريكان هو باسم الشركة إضافة إلى أن النظام الأساسي للشركة ينص صراحة على ان: حق السحب من حسابات الشركة مقصور على رئيس مجلس الإدارة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: تكييف عقد الحساب المصرفي أو البنكي ومسؤولية البنك:*
➖➖➖➖➖
*▪️وفقاً لما ورد في الفصل الخاص بعمليات البنوك في القانون التجاري فإن الحساب المصرفي: عقد يتم بالإيجاب بالقبول فيما بين البنك وعميله حينما يتقدم العميل طالب فتح الحساب إلى البنك بطلب فتح الحساب المتضمن البيانات اللازمة في هذا الشأن، فيوافق البنك على طلب فتح الحساب، فينعقد العقد، ويتضمن عقد الحساب الشروط الذي يشترطها اطراف العقد، ومن ذلك الشروط التي يشترطها عميل البنك طالب فتح الحساب كشرط عدم السحب من الحساب الا بالتوقيع المشترك من قبل طالبي فتح الحساب، حيث قضى الحكم محل تعليقنا بأنه كان يجب على البنك ان يحترم شرط العميل بعدم سحب أي مبلغ من ذلك الحساب إلا بالتوقيع المشترك على الشيكات اوغيرها من قبل الشريكين بإعتبار عقد فتح الحساب شريعة المتعاقدين أي البنك وعميله، وأنه كان يجب على البنك إحترام شروط العقد، ومن ذلك عدم السحب من الحساب إلا بموجب شيكات أو طلبات يتم التوقيع المشترك عليها من قبل الشريكين، إضافة إلى أن المادة (376) تجاري قد نصت في هذا الشأن على أن: (-1- يكون البنك مسئولاً عن أي قيد غير صحيح للمدفوعات في حساب العميل أو أي تنفيذ غير صحيح للسحب من الودائع مالم يثبت البنك ان القيد أو السحب قد جرى بخطأ العميل نفسه -2- يسأل البنك عن تنفيذ تعليمات العميل طبقاً لقواعد الوكالة) فبموجب هذا النص فإن البنك يكون قد خالف تعليمات العميل أو الشريكين اللذين تعاقدا مع البنك واللذين اشترطا على البنك عدم سحب أي مبلغ من الحساب إلا بتوقيعهما المشترك، ولذلك فإن البنك يتحمل نتيجة هذه المخالفة فيكون مسئولاً عنها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: مدى جواز فتح حساب مصرفي باسم الغير:*
➖➖➖➖➖
*▪️كان جانباً من الجدل الذي دار في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان الجدل بشأن ما إذا كان تصرف الشريكين بفتح الحساب باسم الشركة دون ان تكون لهما الصفة في تمثيل الشركة التي فتحا الحساب باسمها، حيث أنه من المقرر في القوانين النافذة والمتبع في القواعد والاعراف المصرفية ان يتحرى البنك من صفة وشخصية طالب فتح الحساب، لاسيما اذا كان الحساب المطلوب فتحه باسم شخص اعتباري(شركة /مؤسسة /محل تجاري /جمعية.. الخ) لما لذلك من أهمية سواء للبنك أو العميل لتجنيبهما مخاطر كثيرة ليست محل تعليقنا، حيث يجب عند فتح حساب باسم الشخص الإعتباري كالشركة يجب أن يتم ذلك بناء على طلب رسمي موقع من الممثل القانوني للشركة في مذكرة رسمية باسم الشركة يقوم بالتوقيع عليها الممثل القانوني للشركة وان ترفق بهذا الطلب المستندات التي تثبت تعيين أو إختيار الممثل القانوني (رئيس مجلس الإدارة) وان يرفق بالطلب أيضاً النظام الأساسي الذي يتضمن صلاحيات الممثل القانوني الذي يجوز له بموجب ذلك النظام السحب والإيداع في الحساب وارفاق افادة من الإدارة المختصة بوزارة الصناعة والتجارة بأن الشركة لازالت قائمة وان الممثل القانوني لها لازال على رأس عمله ، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن البنك يتحمل نتيجة خطئه حينما فتح الحساب باسم الشركة بموجب طلب من الشريكين وليس من قبل رئيس مجلس الإدارة وحينما لم يتحقق البنك من صفة الشريكين، فمن غير المقبول ان يتحمل العميل نتيجة المخالفة وتبعتها، فالبنك هو المعني بتطبيق القوانين والنظم والقواعد المصرفية عند فتح الحساب، ولذلك فهو المسئول عن نتائج مخالفته، والله اعلم.*