المستندات المعتمدة في تحديد سن تقاعد العامل

*المستندات المعتمدة في تحديد سن تقاعد العامل*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن المستندات التي يتم الاعتماد عليها في تحديد سن العامل هي تلك المستندات التي تقوم الجهة التي يعمل بها العامل بإرسالها لمؤسسة التأمينات التي يتم بموجبها الاشتراك لدى مؤسسة التأمينات وتحديد المركز التاميني للعامل المؤمن عليه، كما قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يتم الترجيح في تحديد سن العامل بما ورد في المذكرة التي يقدمها العامل عند طلبه العمل لدى الشركة المتضمنة تاريخ ميلاد العامل حيث يتم الاعتماد عليها في تحديد سن تقاعد العامل، وقضى الحكم بان المستندات التي يقدمها العامل بعد قبوله في العمل وإرسال بياناته إلى مؤسسة التأمينات لايتم الاعتماد عليها في تحديد سن العامل، لان الوثائق التي يتم الإستناد والإعتماد عليها في تحديد سن العامل وتحديد سن تقاعده هي تلك المستندات المقدمة من العامل التي يرفقها بمذكرة طلبه العمل لدى الشركة، لان التعاقد معه فيما بين العامل والشركة قد تم على أساس البيانات والمستندات المقدمة من العامل وقت التعاقد معه، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 8-8-2018م في الطعن رقم (61593)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة تجد ان نعي الطاعن غير سديد، إذ أن قانون التأمينات الإجتماعية قد نص بأن يعتمد في تحديد سن المؤمن عليه وتحديد مستحقاته على شهادة الميلاد حال ولادته أو البطاقة الشخصية أو العائلية أو جواز السفر المقدمة من جهة العمل لمؤسسة التأمينات من التي سبق للعامل المؤمن عليه أن قدمها لصاحب العمل عندما تم تعيين العامل لدى صاحب العمل، وهي تلك المستندات التي يقدمها صاحب العمل عند بداية تعامله مع مؤسسة التأمينات، فلا يعتمد أي مستند آخر يقدم بعد ذلك، أي ان المعيار في المستند الذي يتم الإعتماد عليه في تحديد سن المؤمن عليه هو ما قدمه المؤمن عليه عند طلبه العمل، وبعودة الدائرة إلى صورة المستند المقدم من الطاعن عند تقديمه للعمل لدى شركة.... فقد اثبت الطاعن بخط يده وتوقيعه أن تاريخ ميلاده قد كان في عام.... ولم ينكر الطاعن صدور هذا المستند من قبله، وهو الأمر الذي يجعل نعي الطاعن بأن شهادة الميلاد هي المحرر المعتمد في تحديد السن القانوني ولو لم يقدمه عند بداية التعامل هو نعي غير قائم على أساس مما يتعين عدم التعويل عليه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: البيانات الواردة في طلب العامل الإلتحاق بالعمل:*
➖➖➖➖➖

*▪️بعض الشركات والمؤسسات تقوم بإعداد نماذج لطلبات الإلتحاق بالعمل لديها، حيث يقوم العامل بتعبئتها وإفراغ البيانات اللازمة الشخصية والمهنية وخبراته ومؤهلاته في تلك النماذج ، كما قد يقوم العامل نفسه بصياغة طلب الإلتحاق من غير نموذج سابق ، وفي الحالتين فإن العامل يقوم بالتوقيع على طلب العمل بما يفيد صحة البيانات الواردة في طلبه وموافقته على ذلك.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: التكييف القانوني لطلب العمل الموقع من قبل العامل والمستندات المرفقة بطلب العمل وحجيتها:*
➖➖➖➖➖

*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه على تاريخ ميلاد العامل المدوّن في الطلب المكتوب المقدم إلى الشركة الذي طلب بموجبه العامل العمل لدى الشركة والمتضمن بعض البيانات عن العامل طالب التوظيف، وقد اعتمد الحكم محل تعليقنا تاريخ ميلاد العامل الذي كتبه العامل بخطه وقام بالتوقيع عليه بإعتبار الطلب المكتوب من العامل بمثابة إقرار كتابي تعلق به حق الجهة التي عمل بها التي قبلت العامل للعمل لديها بموجب تلك البيانات المثبتة في الطلب المكتوب من قبله حيث اعتمدت الشركة في قبولها للعامل على صحة تلك البيانات المثبتة في الطلب المقدم من العامل الذي كان بمثابة إيجاب منه، علاوة على أن الجهة التي يعمل لديها العامل قد قامت بتسليم تلك البيانات والمستندات إلى مؤسسة التأمينات حيث تم التأمين على العامل بموجب تلك المستندات والبيانات، وفي ضوء ذلك تحدد المركز التاميني للعامل واستقر على هذا الأساس.*
*▪️ومن المعلوم العامل يقوم بارفاق المستندات اللازمة بمذكرة طلبه العمل مثل البطاقة الشخصية أو جواز السفر ومؤهلاته العلمية وشهادات خبرته وغير ذلك، حيث يحتج العامل ويستدل بتلك المستندات التي إرفاقها بطلبه ، وفي الغالب يقوم العامل بالإشارة في طلبه إلى المستندات التي إرفقها بطلبه، فتقوم الجهة التي يتقدم اليها العامل بدراسة البيانات الواردة في طلب العامل والمستندات المرفقة بالطلب، وفي ضوء ذلك يتم  قبول الطلب أو رفضه، وبناء على ذلك  فإن طلب العامل يكون إقرار من العامل بصحة وسلامة البيانات الواردة في الطلب والمستندات المرفقة به، وبموجب ذلك الطلب والمستندات المرفقة به تقوم جهة العمل بموافاة مؤسسة التأمينات بالبيانات المقدمة من العامل حيث يتم تحديد سن العامل بناء على ذلك، ويتم في ضوء ذلك يتم تحديد المركزالتاميني للعامل لدى مؤسسة التأمينات، وبعد تقديم البيانات إلى مؤسسة التأمينات لايجوز إعتماد اية مستندات أو بيانات أخرى قد يقدمها العامل لاحقا حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: حجية المستندات المقدمة لاحقاً لطلب العمل المقدم من العامل:*
➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول بأن الشركة  تقوم بإعتماد البيانات الواردة في الطلب المقدم من العامل ومرفقاته، حيث تقوم الشركة بالتامين والاشتراك لدى مؤسسة التأمينات بموجب تلك البيانات والمستندات، حيث تتعلق بالبيانات الواردة فيها كعمر العامل وتترتب عليها آثار قانونية مثل إحتساب اشتراكات التأمين على العامل وتحديد المركز التاميني للعامل، لذلك فأن تلك المستندات كشهادة الميلاد هي المعتمدة بإعتبارها محررات رسمية أستدل بها العامل نفسه ، ولذلك فقد نص قانون التأمينات  صراحة على أن تحديد سن العامل يتم على أساس ما ورد في شهادة الميلاد بإعتبارها الوثيقة الرسمية القانونية المعدة لإثبات سن الشخص ثم البطاقة الشخصية ثم البطاقة العائلية ثم جواز السفر على النحو المشار إليه في أسباب الحكم محل تعليقنا هذا بالنسبة للبيانات التي يقدمها العامل عند الحاقه بالعمل والتي تقوم جهة العمل بالتامين على العامل بموجبها، اما المستندات التي يقدمها العامل بعد ذلك، فلا يتم تحديد سن العامل على أساس ما ورد في تلك الوثائق، لان هذه الوثائق تالية للعقد بين العامل وصاحب العمل الذي قام بدوره بتقديمها إلى مؤسسة التأمينات وتم  بموجبها التأمين على العامل.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: إشكالية تحديد السن قبل العمل بشهادة الميلاد:*
➖➖➖➖➖

*▪️تحديد سن العامل بموجب شهادة الميلاد في الوقت الحاضر صار وجوبيا وصار إستخراجها وجوبياً وصار العمل بها وجوبيا، حيث صارت شهادة الميلاد الوسيلة القانونية المعدة قانوناً لإثبات السن والمسوغ القانوني في هذا الشأن، ولذلك فقد انحسرت الإشكاليات بالنسبة للأجيال التي ولدت بعد العمل بشهادة الميلاد، غير ان الأجيال التي ولدت قبل العمل بشهادة الميلاد، وهي الشريحة الواسعة المصلت على رقابها سيف التقاعد تثور بشأنها إشكاليات تحديد السن بالنسبة لهذه الأجيال التي نص قانون الاحوال المدنية على تقدير اعمارهولاء جزافاً عن طريق ما يسمى (شهادة التسنين) حيث  يتم اصدار تلك الشهادة وتدوين بياناتها بطريقة جزافية لا تمت للحقيقة بصلة، مع أنه كان بوسع الجهات الطبية التي  تصدر هذه الشهائد ان تقوم بفحص الشخص المجهول سنه وإصداره شهادة تسنين صحيحة له بموجب ذلك، خاصة أن الفحص الطبي لعظام اليدين وغيرها يقدم بيانات شبه قطعية عن سن الشخص الذي يتم فحصه.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الخامس: تناقض بيانات السن في الوثائق المختلفة وقواعد دفع التعارض بينها وتفسير الشك لمصلحة العامل:*
➖➖➖➖➖

*▪️من المألوف في اليمن التلاعب بسن الشخص بحسن نية أو سوء نية، حيث تتم الزيادة في السن لطلب الوظيفة أو عمل، كما يتم إنقاص السن  فراراً من مسئولية جزائية أو غيرها ، لذلك من المألوف في اليمن ان يكون   سن الشخص متناقضاً في الوثائق المختلفة كشهادة الميلاد والبطاقة الشخصية والبطاقة العائلية وجواز السفر وبطاقة العمل وشهادة المدرسة...إلخ، بل ان التناقض قد يقع في الوثيقة الواحدة حيث تجد أن سن الشخص في البطاقة الشخصية القديمة يختلف عنه في البطاقة ذات الرقم الوطني الجديدة ، وكذلك الحال بالنسبة للبطاقات الأخرى والجوازات عند تجديدها، ومع ان القانون قد حدد الوثائق التي يتم إعتمادها في تحديد سن العامل إلا أن القانون قد سكت عن كيفية التعامل مع بيانات السن المتناقضة في الوثائق الرسمية المختلفة، وقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى بعض قواعد الترجيح عند تناقض بيانات السن حيث قضى بتقديم ما ورد في مذكرة طلب العمل المكتوب من العامل نفسه لأنه إقرار ولأنه لا يقبل شرعاً وقانوناً ان يتهم الشخص في إقراره على نفسه وهو ترجيح سديد، كما قضى الحكم بتقديم المستندات التي استدل بها العامل اولا على تلك المقدمة منه لاحقا كما قدم  الحكم المستندات التي قدمتها الشركة إلى مؤسسة التأمينات لتحديد المركز التاميني للعامل على تلك المقدمة من العامل لاحقا، وبالاضافة إلى ذلك فهناك قواعد ترجيح أخرى بين الوثائق المتناقضة بشأن السن وفقا للقواعد العامة للترجيح منها: قاعدة تفسير الشك لمصلحة العامل بإعتباره الطرف الضعيف فحيثما يثور الشك في سن العامل فينبغي تفسير الشك في هذه الحالة لصالح العامل ، وكذا قاعدة الترجيح بالكثرة التي تعني الترجيح بكثرة الوثائق التي اتفقت على تحديد سن معين على الوثائق الأقل، والترجيح بالقوة التي تعني ترجيح الوثيقة الأقوى على الوثيقة الأضعف كترجيح شهادة الميلاد على البطاقة الشخصية بإعتبار شهادة الميلاد هي الوثيقة المعدة اصلا لإثبات السن ، و وكذا قاعدة الترجيح بالصحة وهي ترجيح الوثيقة الصحيحة على الوثيقة الضعيفة أو المشكوك فيها ، وقاعدة ترجيح الوثيقة الأصل على صورة الوثيقة ، وقاعدة ترجيح الإختصاص: التي تعني ترجيح الوثيقة الصادرة عن الجهة المختصة على الوثيقة الصادرة من جهة غير مختصة، والله اعلم.*