*المستندات تكمل شهادة الواحد*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️شهادة الواحد بينة ناقصة يمكن إكمالها عن طريق اليمين المتممة من المشهود له بشهادة الواحد، كما قضى الحكم محل تعليقنا بأن المستندات أيضا تكمل البينة الناقصة وهي شهادة الواحد، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 17-2-2012م في الطعن رقم (49444)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أما نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بالبطلان في الأسباب الثالث والسادس والسابع ، لأن الحكم قد اعتمد على شهادة الواحد، وهي شهادة المحامي الذي كتب العقد، حيث لم يتقيد الحكم المطعون فيه بالنصاب الشرعي للشهادة حسبما ذكر الطاعن ، والدائرة تجد ان تلك المناعي مردودة لثبوت صحة التعديل بشهادة الشاهد المحامي.... الذي اعد عقدي التسويق والتمويل والمعضودة شهادته بكشوفات الحساب المعدة من الطاعن والتي كان يحتسب فيها لنفسه مقدار العمولة اثناء فترة التعامل بين الطرفين وفقاً لما جاء في التعديل المثبت في العقد ، وكفى بذلك دليلاً على صحة التعديل لثبوته بالكتابة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: شهادة الواحد في قانون الإثبات والفقه الإسلامي:*
➖➖➖➖➖
*▪️شهادة الواحد في الفقه الإسلامي بينة ناقصة لا تكون وحدها دليلاً كاملاً، ولكن الفقه الإسلامي لم يجيز إهدار شهادة الواحد لما في ذلك من ضياع الحقوق والمصالح ولذلك فقد اجاز الفقه اتمامها عن طريق اليمين المتممة التي تكمل شهادة الواحد، وذلك في حقوق الأفراد وأموالهم أما في الحدود والقصاص فلم يجز الفقه الإسلامي الإثبات بشهادة الواحد ولو تم إكمالها باليمين المتممة أو غيرها، وقد اتجه قانون الإثبات إلى الوجهة الفقهية ذاتها حيث نصت المادة (46) إثبات على أنه: (يعتد بشهادة الواحد في الأموال والحقوق إذا قبلها المشهود عليه بعد ادائها) وهذا النص يصرح بأن شهادة الواحد وحدها تكون مقبولة كدليل كامل إذا قبل بها المشهود عليه بعد ادائها، كما أن النص السابق قصر الإثبات بشهادة الواحد على الحقوق والأموال دون الحدود والدماء، وقد اتاح قانون الإثبات للمشهود له بشهادة الواحد ان يتمم هذه الشهادة أو البينة الناقصة بأن يحلف اليمين المتممة المذكورة في المادة (145) إثبات التي نصت على أنه: (على المحكمة ان توجه اليمين المتممة للمدعي الذي قدم بينة ناقصة لإستكمال البينة القانونية على الحق المدعى به بشرط الا تكون الدعوى خالية من أية بينة وان لا تكون فيها بينة كاملة وذلك في الأحوال التي يجوز فيها ذلك وهي الحقوق والأموال، ولا يجوز للمدعي ان يرد اليمين المتممة إلى المدعى عليه).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مدى جواز إتمام شهادة الواحد بالمستندات أو القرائن:*
➖➖➖➖➖
*▪️تظهر القيمة العلمية البالغة الأهمية للحكم محل تعليقنا أنه قد تضمن إجتهاداً عصرياً موافقاً ومناسباً للمعطيات والوقائع المعاصرة ، حيث اجاز صراحة إكمال شهادة الواحد عن طريق كشوفات الحساب الصادرة من المشهود عليه التي أظهرت ان الطاعن كان يحتسب فيها عمولته والتي كانت تتفق تماماً مع ما ورد في شهادة الواحد، فلم تكلف محكمة الموضوع المدعى او المطعون ضده بأن يحلف اليمين المتممة عندما وجدت ان هناك مستندات عبارة عن كشوفات حساب توافق ما ورد في شهادة الشاهد الواحد.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: حجية المستندات المتممة لشهادة الواحد:*
➖➖➖➖➖
*▪️المستندات في العصر الحاضر تكون لها حجيتها بإعتبار الكتابة أصل في الإثبات مقرر في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فقد ذهب جماعة من المفسرين إلى أن الأمر الوارد في هذه الآية الكريمة يدل على وجوب كتابة الديون والإلتزامات، في ذهبت جماعة اخرى من المفسرين إلى :ان الامر بالكتابة الوارد في الآية يدل على إرشاد المتعاملين إلى كتابة الديون والمعاملات وليس الوجوب وإن الأولى كتابة الدين لما في الكتابة من حفظ الحقوق من التجاحد والخلاف في المستقبل ، وعلى هذا الأساس فإن المستندات المكتوبة لها حجيتها القوية في الشريعة الإسلامية، فهي تتضمن إقرارات مكتوبة من الشخص المشهود عليه بشهادة الواحد، والمستندات المكتوبة هي من دفاتر التاجر التي لها حجيتها بموجب القانون التجاري حيث تكفي وحدها لإثبات الحقوق والاموال ، ولذلك فهي تصلح من باب أولى لاتمام شهادة الواحد ، ومن هذا المنطلق فإن الحكم محل تعليقنا قد تضمن إجتهاداً سديداً، فهذا الحكم بحق قاعدة قضائية، والله اعلم.*