إغفال الحكم رقم المادة القانونية التي أستند إليها
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
➖➖➖➖➖
▪️ قضى الحكم محل تعليقنا بأن إغفال الحكم ذكر رقم المادة القانونية التي أستند عليها الحكم لا يبطل الحكم طالما ومضمون المادة مثبت في مدونة الحكم ومفهوم حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-12-2015م في الطعن رقم (56731)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وفي السبب الثاني من أسباب الطعن ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه عدم كتابة رقم المادة من القانون التجاري التي أستند إليها الحكم في قضائه بإنعقاد الإختصاص للقضاء التجاري بنظر الدعوى موضوع النزاع، والدائرة تجد ان هذا النعي غير سديد، ذلك وإن كان في ذلك تثريب على الشعبة في سهوها كتابة رقم المادة إلا أن ذلك لا يقدح في الحكم ولا يصمه بالبطلان طالما ان النتيجة التي توصل إليها الحكم تتوافق مع أحكام القانون)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:
➖➖➖➖➖
▪️الوجه الأول: الغرض من ترقيم مواد القانون:
➖➖➖➖➖
▪️ القانون مرجع الدول والشعوب الرشيدة والمتحضرة، ولذلك لا يمكن الرجوع إلى القانون أو الإستدلال به مالم تكن هناك أرقام لمواد القانون للرجوع إليها والإستدلال بها عند المطالبة بالحقوق التي تقررها القوانين أو الدفاع عن تلك الحقوق اوالمحاججة بشأنها، حيث يتم تقسيم القانون إلى أبواب وفصول ومواد مرقمة حتى يتم الرجوع إلى القانون والإستدلال بأرقام المواد من القانون ، فبدون أرقام المواد سيكون الاستدلال أو الإستناد إلى القانون محل نظر.
➖➖➖➖➖
▪️الوجه الثاني: وجوب إستناد الحكم القضائي إلى النصوص القانونية:
➖➖➖➖➖
▪️ ينص قانون المرافعات صراحة على أنه: يجب ان يستند الحكم إلى النصوص القانونية وان يبين تلك النصوص التي أستند إليها وإلا كان الحكم باطلاً، فمبدأ الفصل بين السلطات يقتضي ان يقوم القاضي بتطبيق نصوص القانون في الحكم الذي يصدره، فالحكم الذي يخلو من السند القانوني أو النص القانوني يعني ان القاضي قد قضى بهواه وجمع بين سلطتي القضاء والتشريع، ولذلك فان هذا الأمر يستلزم ان يذكر القاضي رقم المادة واسم القانون الذي أستند إليه في حكمه للتدليل على أنه قد قام بالاستناد في حكمه والرجوع إلى القانون الصادر من السلطة التشريعية وقام بتطبيقه (السلطة التشريعية تسن التشريعات والقاضي يطبقها) ولا شك ان عدم ذكر الحكم لرقم المادة فيه (تثريب) حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا، لان ذلك يسرب الجهالة إلى سند الحكم، في حين أن سند الحكم هو الأساس الذي لا يقوم الحكم بدونه، فقد يكون من المقبول من غير القاضي ان يذكر مضمون النص القانوني ولا يعرج على رقم النص كالاستاذ والمحامي وغيرهما ، لان غرض هولاء التعليم أو المطالبة بالحقوق المكفولة بالقانون أو الدفاع عنها، فهولاء لايصدروا احكاما – أما الحكم فلا بد له من سند صحيح واضح محدد، ولا يتم ذلك الا بتضمين الحكم مضمون النص القانوني ورقمه معاً واسم القانون.
➖➖➖➖➖
▪️الوجه الثالث: النصوص القانونية المعلومة بالضرورة:
➖➖➖➖➖
▪️ كان النص الذي أستند إليه الحكم الاستئنافي من النصوص المعلومة بالضرورة (الأعمال التجارية بصرف النظر عن القائم بها) ولذلك فإن الحكم محل تعليقنا لم ينقض الحكم الاستئنافي، وإن كان قد نقد الحكم الاستئنافي لاغفاله ذكر رقم المادة التي أستند اليها، لان النصوص القانونية المعلومة بالضرورة يحفظها ويفهمها الكافة حتى ولو لم يذكر رقمها، ولكن مع هذا وذاك فإن القاضي لا يعذر إذا لم يذكر رقم المادة القانونية ومضمونها حتى لو كان النص القانوني معلوماً بالضرورة، ولذلك فقد وجه الحكم محل تعليقنا اللوم أو التثريب إلى الحكم الاستئنافي، ولكنه لم يبطله لكي لا يتحمل المحكوم له جريرة القاضي الذي سهى عن ذكر رقم المادة، والله اعلم.
![]() |
إغفال الحكم رقم المادة القانونية التي أستند إليها. |