حق غالبية الشركاء في إدارة الملكية المشتركة

*حق غالبية الشركاء في إدارة الملكية المشتركة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️عند يختلف الشركاء أو الورثة يتعطل المال الشائع بينهم وربما ان ذلك يتلف أو يخرج المال من ايدي الشركاء أو الورثة، ولا ريب ان في ذلك ضرر بالغ بالشركاء أو الورثة، بل ان نطاق ذلك الضرر يتسع حتى يلحق الضرر بالإقتصاد العام للدولة والمجتمع الذي قوامه الملكية الفردية التي تكون في غالبها أملاك مشتركة كأملاك الورثة أو الشركاء في الشركات والمؤسسات الخاصة، فعندما يختلف الورثة أو الشركاء يتسبب أحدهم أو اقليتهم في تعطيل إدارة الأملاك المشتركة وحرمان الغالبية من الإنتفاع بالمال المشترك وادارته، لاسيما إذا تعثرت إجراءات تصفية الشركات أو قسمة التركات ، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يحق لأغلبية الشركاء ان يقوموا بإختيار من يتولى إدارة المال الشائع وأنه يحق لغالبية الشركاء أو الورثة مباشرة كل أنواع الإدارة للملكية الشائعة أو المال الشائع ولو كان هناك شركاء يعارضوا ذلك حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7-2-2016م في الطعن رقم (57541)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة تجد ان نعي الطاعنة مردود بأن الطاعنة لا تملك كامل العين التي طالبت بإخلائها وإنما تملك نسبة 14,5%  وعملاً بالمادة (1185) مدني التي نصت على ان: (أعمال الإدارة هي ما يتعلق بصيانة المال وحفظه وإستغلاله ويؤخذ فيها برأي أغلبية الشركاء إذا كانت الأعمال من الأعمال المعتادة وتحسب الأغلبية على أساس الانصبة لأعلى عدد الشركاء...إلخ) كما نصت المادة (1186) مدني على ان: (لأغلبية الشركاء إختيار مدير للمال المشترك من بين الشركاء أو من غيرهم ولها ان تضع شروطاً لحسن الإنتفاع بالمال وإستغلاله ويسري النظام الذي تضعه الأغلبية على الشركاء وخلفائهم) ومن المعلوم ان تأجير العين عمل من الأعمال المعتادة، وعليه فالنتيجة التي توصل إليها الحكم المطعون فيه سليمة مما يستوجب رفض الطعن)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية إدارة الملكية المشتركة أو المال الشائع:*
➖➖➖➖➖

*▪️خلاصة القول: ان أعمال الإدارة هي: إستثمار المال المشترك وصيانته والمحافظة عليه، حيث تشمل أعمال الإدارة للملكية المشتركة أكافة الأعمال التي ترد على الملكية المشتركة ما عدا البيع أو الصلح أو التحكيم أو الهبة أو الوقف للمال الشائع أو أي تصرف ناقل للملكية المشتركة، وبناءً على ذلك تدخل ضمن مفهوم إدارة الملكية الشائعة زراعة الأرض المشتركة وتأجير العمارات والأراضي وتأجير السيارات والمنقولات وغير ذلك.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مصدر شيوع المال أو الملكية المشتركة ونطاقها في المجتمع اليمني:*
➖➖➖➖➖

*▪️يقع الشيوع في المال أو الملكية المشتركة بسبب الوراثة حيث تنتقل التركة إلى الورثة فتصير ملكية التركة مشتركة بين الورثة، كما يقع الشيوع بسبب الشراكة بين الأشخاص حيث تمتلك الشركة العقارات والمنقولات بإعتبار الشركة شخصية إعتبارية مستقلة عن الشركاء فيها، فيحدث الاشتراك والشيوع بين الشركاء في الأموال التابعة للشركة ، كما قد يقع الشيوع في المال نتيجة الوقف أو النذر أو غيره من التصرفات التي تنقل المال أو الإنتفاع به إلى جماعة من الأشخاص يمتلكون المال أو ينتفعون  به على وجه الشيوع أو الاشتراك.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: معنى الشيوع في المال أو الإشتراك فيه وإشكالاته في اليمن وتوصيتنا للمعنيين بالدولة:*
➖➖➖➖➖

*▪️الشيوع يعني ان كل وراث أو شريك في المال يملك نسبة أو سهم أو حصة شائعة من المال المشترك غير مفرزة أو معينة، حيث تكون على الشيوع مع بقية الشركاء أو الورثة دون إختصاص لأي من الورثة بأي جزء من المال المشترك، وبسبب الشيوع وقلة الوعي الشرعي والقانوني في المجتمع اليمني تحدث إشكاليات لا حصر لها بين الورثة والشركاء يترتب عليها تعطيل المال المشترك وعدم الإنتفاع به وإخراجه من دائرة النشاط الإقتصادي في المجتمع والدولة، لاسيما عندما يقع النزاع بين الشركاء أو الورثة، فإذا لاحظت مزرعة صالبة مهجورة وعمارة غير مسكونة وأرضية مكتوب عليها (الأرض محجوزة من قبل محكمة...) وإذا رأيت سوق أو دكان مكتوب عليه عبارة (محجوز حجزاً تحفظياً) فأعلم علم اليقين ان وراء ذلك في غالب الأحيان خلاف ورثة أو شركاء وأعلم ان هذا المال قد خرج عن دائرة النشاط الإقتصادي للدولة وان الورثة أو الشركاء الاشقياء قد حرموا انفسهم ومجتمعهم من هذا المال الذي صار خارج نطاق الخدمة.*
*ولذلك يجب على المعنيين في الدولة دراسة هذه الظاهرة الخطيرة وإقتراح المعالجات المناسبة لها لمساسها بإقتصاد الدولة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: أحقية غالبية الشركاء أو الورثة في إدارة المال المشترك وتوصيتنا للقضاة الأعزاء:*
➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأحقية غالبية الشركاء أو الورثة في إدارة المال المشترك، والمقصود بالأغلبية هنا الذين يمتلكوا نسبة 51% من الحصص أو الانصبة في المال المشترك ، فهذه الاغلبية هي التي  يحق لها تقرير إدارة المال المشترك ، وقد سبق القول ان من مظاهر إدارة المال الشائع زراعة الأرض أو تأجيرها والدفاع عنها والمحافظة عليها، وذلك يعني ان أغلبية ملاك الأنصبة في المال المشترك يستطيعون مباشرة أعمال الإدارة للمال المشترك عن طريق إختيار أحد الشركاء أو الورثة للقيام بأعمال الإدارة نيابة عن الشركاء أو الورثة، حيث يتم الإنتفاع والتأجير والزراعة للمال المشترك من غير أن يكون أحد الورثة أو الشركاء الأقلية عائقا ومانعاً لغالبية الشركاء من الإنتفاع بحقوقهم في المال المشترك أو الشائع حتى لا يترتب على عناد أحد الشركاء أو اقليتهم تعطيل المشروع الإقتصادي، فعند الخلاف ووصوله إلى القضاء فلا حاجة إلى الحجز على المال المشترك أو فرض الحراسة القضائية عليه، ولذلك أوصي القضاة الأجلاء بأنه عند حدوث خلاف بين الشركاء أو الورثة بشأن إدارة المال المشترك لا ينبغي الحجز على المال المشترك أو فرض الحراسة عليه، وإنما ينبغي إحترام النص القانوني الذي صرح بأحقية الأغلبية في الإدارة، والله اعلم.*