لا يجوز الإلتماس في الحكم المعاد إلى محكمة الموضوع

لا يجوز الإلتماس في الحكم المعاد إلى محكمة الموضوع

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز إلتماس إعادة النظر في الحكم الذي تعيده المحكمة العليا إلى محكمة الموضوع، لأنه ليس منهياً للنزاع، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-8-2016م في الطعن رقم (56829)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((بالإطلاع على عريضة الإلتماس والرد عليها وعلى مشتملات الملف بما في ذلك حكم الدائرة الملتمس فيه: يتبين ان قضاء هذه الدائرة لم يمتد إلى الفصل في الموضوع حسبما يثيره الملتمس في عريضته بل اقتصر الحكم على النظر والرقابة للحكم موضوع الطعن  من حيث تطبيق القانون، كما ان حكم الدائرة المتلمس فيه ليس منهياً للخصومة، حيث قررت الدائرة نقض حكم الشعبة جزئياً وإعادة ملف القضية إلى الشعبة لمعاودة نظر الاستئناف، ذلك أن الشعبة التجارية أيدت حكم محكمة أول درجة على علاته دون إستدراك ومناقشة لما شاب الحكم الابتدائي من القصور في التسبيب وقيام محكمة أول درجة بإضافة مبلغ إضافي إلى ما ورد في تقرير المحاسب دون بيان أساس ذلك، وحيث ان الحكم الملتمس فيه وهو حكم الدائرة غير منه للخصومة لنقضه في تلك الجزئية وإعادة نظر الاستئناف فلا محل لسلوك طريق الإلتماس على حكم الدائرة عملاً بالمادة (307) مرافعات التي نصت على أنه: (يجب لقبول الإلتماس شكلاً توافر الشروط الأتية ومن تلك الشروط ما نصت عليه الفقرة (4) ان لا يكون أمام الملتمس سوى طريق الإلتماس اما لإستنفاد طرق الطعن الأخرى أو لفوات الطعن بها) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية: 
الوجه الأول: حكم الإعادة لا ينهي النزاع: 
حكم الإعادة: هو الحكم الذي تقضي فيه محكمة الطعن بنقض الحكم كلياً أو جزئياً وإعادة الأوراق إلى محكمة الموضوع لإعادة بحث المسألة الجزئية أو إعادة بحث الموضوع برمته، فالظاهر ان هذا الحكم لا ينهي النزاع ولا يحسمه، حيث يقضي حكم الإعادة  بإعادة بحث الموضوع من قبل محكمة الموضوع والفصل فيه بحكم جديد، ومن خلال ذلك يتأكد لنا أن حكم الإعادة لا يحسم النزاع أو ينهي الخصومة. 
الوجه الثاني: يشترط لقبول الإلتماس ان يكون الحكم الملتمس فيه نهائياً: 
حيث يفهم هذا الشرط من شروط قبول الإلتماس شكلاً يفهم هذا الشرط من الفقرة (4) من المادة (307) مرافعات التي نصت على أنه: (يجب لقبول الإلتماس شكلاً: -4- أن لا يكون أمام الملتمس سوى طريق الإلتماس اما لاستنفاد طرق الطعن الأخرى أو لفوات الحق)، فالحكم غير المنهي للخصومة لا يكون نهائياً ولا باتاً، علاوة على أن حكم الاعادة قد أوجد طريقا غير الإلتماس اي وسيلة بديلة عن الإلتماس  يستطيع الخصم سلوكه وهو تقديم مالديه أمام المحكمة التي اعيدت القضية اليها ، وعلى هذا الأساس فإن الفقرة (4) من المادة (307) تنطبق على حكم محكمة الطعن بإعادة القضية لبحث موضوعها، وان هذا الحكم غير قابل للإلتماس حسبما قضى الحكم محل تعليقنا. 
الوجه الثالث: حالات الإلتماس وحكم الإعادة: 
عند التأمل في حالات إلتماس إعادة النظر المنصوص عليها في المادة (304) مرافعات كغش الخصوم وتزوير الأوراق وبناء الحكم على شهادة أو يمين قضي بعدم صحتها أو الحصول على أوراق قاطعة وغير ذلك من حالات الإلتماس ، عند التأمل في هذه الحالات نجد أن حكم الإعادة إلى محكمة الموضوع يتيح للخصوم التمسك بهذه الحالات وتقديم مالديهم  بشأن هذه الحالات أمام محكمة الموضوع التي  اعيدت القضية اليها آلتي ستبحث ماقدمه الخصوم بشأن تلك المسائل وتفصل في  القضية في ضوء ذلك ، وهذا هو كان مقصود الملتمس فيما لو كان التماسه صحيحاً، وقبلت محكمة الطعن الإلتماس فهي كانت ستعيد القضية إلى محكمة الموضوع لإعادة بحثها والحكم فيه، والله اعلم.*