السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في توجيه اليمين المتممة

*السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في توجيه اليمين المتممة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن محكمة الموضوع تملك السلطة التقديرية المطلقة في توجيه اليمين المتممة سواء إلى المدعي أو المدعى عليه بحسب البيانات والبينات التي تظهر لمحكمة الموضوع حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-12-2015م في الطعن رقم (56509)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وفي السبب الخامس نعى الطاعنان على الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اعتمدا على اليمين المتممة التي قامت محكمة الموضوع بتوجيهها للمطعون ضدهما خلافا للقانون ، والدائرة تجد أن هذا النعي لا سند له، ذلك أن قانون الإثبات قد منح المحكمة سلطة تقدير من توجه له اليمين المتممة من واقع البينات المقدمة في الدعوى سواء اكان المدعي أم المدعى عليه، ولما كان الثابت لدى محكمتي أول درجة وثاني درجة تقديم المطعون ضدهما من الأدلة ما يكفي لإقامة قضائها عليها إلا أنها وبراءة للذمة وجهت محكمة الموضوع اليمين المتممة إلى المطعون ضدهما اللذين مضيا فيها مما يجعل حوض الطاعن في ذلك جدلاً في تقدير الدليل، وهو مما تستقل به محكمة الموضوع طالما كانت تقديراتها سائغة ولها أصل في الأوراق)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: اليمين المتممة في القانون التجاري:*

➖➖➖➖➖

*▪️نصت المادة (41) تجاري على أن: (دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار، على أن البيانات عما ورده التجار تصلح أساساً يجيز للقاضي ان يوجه اليمين المتممة إلى أي من الطرفين، وذلك حتى فيما لا يجوز إثباته بالبينة، وتكون دفاتر التجار حجة على هؤلاء التجار، ولكن إذا كانت الدفاتر منتظمة فلا يجوز لمن يريد ان يستخلص منها دليلاً لنفسه أن يجزأ ما ورد فيها ويستبعد منه ما كان مناقضاً لدعواه) وقد كان هذا النص مكررا في قانون الإثبات في المادة (121) إثبات التي تم الغاؤها بموجب القانون رقم (20) لسنة 1996م المعدل لقانون الإثبات، ومن خلال مطالعة نص المادة (41) تجاري السابق ذكرها نلاحظ ان المخاطب بتوجيه اليمين هو القاضي وان توجيه القاضي اليمين المتممة لأي من الخصوم مقرر على وجه الجواز بحسب مايقدره القاضي في ضوء مايظهر للقاضي من بيانات في دفاتر التجار أو كشوفات الحساب الصادرة منه او غيرها من الادلة والبيانات، فاللقاضي ان يوجه اليمين الى التاجر صاحب الدفتر أو الطرف الآخر ، وعلى هذا الأساس فإن اليمين المتممة يتم توجيهها لإتمام الحجة الناقصة، وهي دفاتر التجار أو كشوفات الحساب الصادرة منه او غيرها من البيانات والادلة التي قد لا تصلح دليلاً كاملاً في بعض الحالات كالحالة التي تناولها الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الخيار للقاضي في طلب اليمين من أي من الطرفين:*
➖➖➖➖➖

*▪️من خلال إستقراء المادة (41) تجاري السابق ذكرها في الوجه الأول نجد ان القاضي هو المخول قانونا في اختيار الطرف الذي يوجه إليه اليمين المتممة فالقاضي هو الذي يجوز له طلب اليمين المتممة من أي من الطرفين المدعي والمدعى عليه، فالخيار للقاضي في ذلك وليس للخصوم، وعلى هذا الأساس فالقاضي غير ملزم بالإستجابة لطلب أحد الخصوم ان يؤدي اليمين المتممة أو يطلب توجيهها إلى الخصم الاخر، وبما ان القاضي مخير في توجيه اليمين المتممة إلى أي من الخصوم  على النحو السابق بيانه فإن مؤدى ذلك ان للقاضي مطلق السلطة التقديرية في توجيه اليمين المتممة من عدمه، فله ان  يقرر توجيه اليمين إلى أي من الخصوم وقد لا يقرر ذلك، فقد يجد القاضي ان ما ورد في دفاتر التاجر أو كشوفات الحساب الصادرة منه كافٍ في دلالته فلا يقرر توجيه اليمين المتممة إلى أي من الخصوم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بالنسبة لليمين المتممة:*
➖➖➖➖➖

*▪️من خلال ما تقدم يظهر ان المادة (41) تجاري قد صرحت بأن توجيه القاضي اليمين المتممة إلى أي من الخصوم أمر جوازي، وان ذلك يخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع في وزن الأدلة وتقديرها والترجيح بينها وتأثيرها في تكوين قناعة القاضي، ولذلك فإن تقدير القاضي في توجيه اليمين المتممة إلى أي من الخصوم  مظهر من أهم مظاهر السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تقدير الأدلة، فقد يجد القاضي ان دفاتر التاجر تكفي في حجيتها في الإثبات وبناء الحكم عليها فعندئذ لا تثريب عليه إذا لم يوجه اليمين المتممة إلى أي من الخصوم ، فلا ينبغي في هذه الحالة ان يقال عن القاضي أنه قد اهدر اليمين المتممة فلم يعمل بها، كما ان من مظاهر السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في هذا الشأن تحديد الخصم الذي توجه إليه اليمين المتممة، فقد يقدر قاضي الموضوع ان يوجه اليمين المتممة إلى المدعي أو المدعى عليه بحسب تقديره لقوة وسلامة البيانات الواردة في دفاتر التاجر وكشوفات حساباته وغيرها من البيانات حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: اليمين المتممة في القانون التجاري واليمين المتممة في قانون الإثبات:*
➖➖➖➖➖

*▪️من خلال ماسبق عرضه في الوجوه السابقة نجد أن اليمين المتممة تتم وتكمل البيانات الناقصة في دفاتر التاجر وغيرها من البينات أو الادلة الأخرى، في حين ان اليمين المتممة في قانون الإثبات تتم وتكمل الشهادة الناقصة أو شهادة الواحد، ونخلص من هذا الوجه إلى القول : أن مجال إعمال اليمين المتممة في القانون التجاري أوسع نطاقا منها في قانون الإثبات ، والله اعلم.*