صفة المجموعة التجارية عند التقاضي

*صفة المجموعة التجارية عند التقاضي*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️المجموعة التجارية كيان معنوي يقوم بإنشائه الشركاء او الورثة الشركاء كي يقوم بالإشراف والرقابة على الشركات والمؤسسات والاستثمارات والاملاك التابعة للشركاء الذين اسسوا المجموعة وغالباً ما تكون الشركات او الموسسات التابعة للمجموعة عائلية، واغلب البيوت التجارية الكبيرة في اليمن تتولى الإشراف على شركاتها وأعمالها مجموعات تجارية، حيث يكون لكل شركة من الشركات التابعة للمجموعة عقد تأسيسها ونظامها الأساسي وشخصيتها الإعتبارية وذمتها المالية المستقلة، ولذلك تحدث إشكاليات عند إختصام المجموعة التجارية فيما يتعلق بصفة المجموعة في التقاضي، وقد المح الحكم محل تعليقنا إلى الإشكاليات التي تحدث عند إختصام المجموعة حسبما هو ظاهر في الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-2-2011م في الطعن رقم (42800) حيث قام أحد الشركاء الورثة بإختصام المجموعة التجارية مطالباً بتصفية الشراكة في الشركات كلها والعقارات والأموال التابعة لمجموعة الشركاء الورثة وتسليمه نصيبه الشرعي من كافة الشركات والموسسات والاملاك التي تشرف عليها المجموعة، وفي مواجهة الدعوى دفعت المجموعة التجارية أمام المحكمة التجارية المختصة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم في عقود تأسيس الشركات التابعة للمجموعة، فقبلت المحكمة الابتدائية هذا الدفع وأيدت الشعبة الاستئنافية الحكم الابتدائي، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أمام الدائرة التجارية قبلت الدائرة الطعن وقضت بنقض الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا محل تعليقنا: ((ومن خلال دراسة الدائرة للطعن فقد ظهر لها أن الطعن سديد مما يتعين نقض الحكم وإعادة ملف القضية إلى الشعبة التجارية لإرسال الملف إلى المحكمة الابتدائية لموالاة السير في إجراءات نظر القضية مع الأخذ بعين الإعتبار تطبيق أحكام القانون فيما يتعلق بشرط التحكيم في كل شركة ورد بنظامها الأساسي أو تأسيسها هذا الشرط وإستثناء الشركات التي لم يرد في نظامها الأساسي هذا الشرط ووفقاً لما يظهر لها من خلال البحث في هذه النظم وعلى ضوء دفاع ودفوع الأطراف المعنية وبعد التأكد عما إذا كانت كل الشركات المدعى عليها ممثلة بمدير واحد مخول قانوناً بتمثيلها أمام القضاء أم إن كل شركة لها شخصيتها الإعتبارية المستقلة ومدير يمثلها على إنفراد ومن ثم يعاد تصحيح الدعوى على ضوء ما تبين لها في هذا الصدد وفقاً لأحكام القانون)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية المجموعة التجارية وصفتها:*
➖➖➖➖➖

*▪️المجموعة التجارية هي كيان معنوي يتولى الرقابة والإشراف على أداء الشركات والمؤسسات التجارية التابعة للمجموعة، كما تشرف المجموعة على العقارات والإستثمارات المملوكة للشركاء في الشركات الأخرى غير التابعة للمجموعة، والهدف من إنشاء المجموعة ان الشركاء في الشركات التابعة للمجموعة لا يستطيعون فرادى الإطلاع والرقابة على أداء الشركات المساهمين فيها لكثرة المساهمات والحصص في شركات كثيرة وكذا لا يستطيعوا مراقبة املاكهم العقارية الكثيرة واستثماراتهم وانشطتهم المتفرقة في شركات ودول ومناطق متفرقة، وعلى هذا الأساس فإن المجموعة التجارية لا تباشر نشاطاً تجارياً مباشراً وإنما تباشر انشطة إدارية وإشرافية محضة، وحتى يكون للمجموعة التجارية صفة في مباشرة اعمالها فإن الشركاء يقومون بتسجيل المجموعة التجارية لدى الجهات المختصة حتى يكون لها شخصية إعتبارية وذمة مالية مستقلة عن الشركاء أو افراد العائلة المؤسسين لها وكذا حتى تكون مستقلة عن الشركات والإستثمارات والأملاك التي تشرف عليها المجموعة، والمجموعة التجارية لا يتم إنشائها إلا في نطاق العائلات التجارية أو البيوت التجارية العملاقة التي تتعدد وتتنوع انشطتها التجارية ويتسع نطاق نشاطها داخل اليمن وخارجها، وتسهم المجموعة التجارية في اليمن في ترشيد وحوكمة الشركات العائلية وتأمين مستقبل الشركات العائلية والحيلولة دون الصراعات والنزاعات بين الشركاء في المستقبل عن طريق تحديد حقوق ومساهمات الشركاء وعلاقاتهم ببعضهم (مدونة السلوك) وعلاقاتهم بالشركات المساهمين فيها (الفصل بين الملكية والإدارة)، ونخلص في هذا الوجه إلى القول: بأن للمجموعة التجارية شخصية إعتبارية وذمة مالية مستقلة عن الشركاء والشركات التابعة لها كما أن للمجموعة التجارية ممثل قانوني لها مستقل عن الممثلين القانونيين للشركات والمؤسسات التجارية التابعة لها، وعلى هذا الأساس فإن المجموعة التجارية مستقلة عن الشركات التي تشرف عليها فلا توجه الدعوى إلى المجموعة التجارية إلا إذا كانت الدعوى متصلة بالأعمال والانشطة التي تباشرها المجموعة أو من أحد موظفي المجموعة او المتعاملين مع المجموعة مباشرة، أما إذا كان موضوع الدعوى أو سببها متعلق بالشركات أو الإستثمارات اوالأملاك التابعة للمجموعة فإن الدعوى ينبغي توجيهها إلى الممثلين القانونيين لتلك الشركات وغيرها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إختلاف نظم الشركات التابعة للمجموعة التجارية:*
➖➖➖➖➖

*▪️كان الحكم محل تعليقنا قد قضى بنقض الحكم الاستئنافي واحالة القضية إلى المحكمة الابتدائية وارشدها إلى التأكد من نظم الشركات التابعة للمجموعة وما إذا كانت هذه النظم تتضمن شرط التحكيم...إلخ حسبما ورد في أسباب الحكم محل تعليقنا، ومقصد الحكم من ذلك إلى أنه لا ينبغي التعامل مع الشركات التابعة للمجموعة وكذا أملاك الورثة الشركاء بمعزل عن النظم الأساسية لتلك الشركات والمؤسسات بإعتبار تلك النظم ملزمة للورثة الشركاء الذين سبق لهم التوقيع عليها والإقرار بصحتها فينبغي عليهم احترامها والعمل بموجبها بما في ذلك شرط التحكيم الذي اشار إليه الحكم محل تعليقنا، كما ان هذا الحكم قد أرشد محكمة الإحالة إلى أنه ينبغي التعامل مع كل شركة على حدة بحسب ما ورد في نظامها الأساسي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: صفة الشركات والمؤسسات التابعة للمجموعة:*
➖➖➖➖➖

*▪️أرشد الحكم محل تعليقنا أرشد محكمة الإحالة بالتأكد من الممثل القانوني لكل شركة من الشركات التابعة للمجموعة، فإذا كانت الشركات والمؤسسات نظامية قد اتخذت الأشكال القانونية المحددة في قانون الشركات وتم تسجيلها لدى وزارة الصناعة والتجارة فإنها تكون لها شخصيتها الإعتبارية المستقلة وذمتها المالية المستقلة ويكون الممثل القانوني لها صاحب الصفة وهو رئيس مجلس إدارة الشركة أو مديرها العام بحسب ماهو محدد في عقد تأسيسها أو نظامها الأساسي – أما إذا كانت المؤسسات التابعة للمجموعة لم تتخذ الأشكال القانونية أو مسميات الشركات المحددة في قانون الشركات وكان لها ممثل قانوني مختار من المؤسسين أو الورثة فإنه يكون صاحب الصفة الذي توجه إليه الدعوى، وعلى هذا الأساس فإن دعوى القسمة أو التصفية أو مطالبة الشريك إذا كانت عامة بالنسبة لجميع الشركات والأملاك التابعة للمجموعة فأنه ينبغي ان تتعدد الدعاوى بحسب تعدد الصفات.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: المجموعات التجارية وأمن الدولة الإقتصادي:*
➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول ان المجموعات التجارية قد يتم انشاؤها وقد لا يتم ولكنها تباشر نشاطها الإشرافي على الشركات والأموال المشتركة التابعة للشركاء وذكرنا أيضاً أن المجموعات التجارية هي التي تشرف وتتابع أعمال الشركات العملاقة العاملة في اليمن، وذكرنا أن هذه المجموعات يتم انشاؤها في اوساط الشركات العائلية في اليمن وان الإرث وحصص الشراكة تتداخل في الشركات والأموال المشتركة التابعة للمجموعة، وعلى هذا الأساس فإن النشاط الإقتصادي كاملاً في اليمن تسيره وترعاه المجموعات التجارية الكبيرة، ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس فإن احتياجات المجتمع اليمني الأساسية يتم تلبيتها عن طريق هذه المجموعات التجارية العملاقة ابتداءً من الزبادي وإنتهاء بالقمح، ولذلك فإن أمن الدولة الإقتصادي مرتبط بمصير هذه المجموعات!!!!!.*
*▪️قلت هذا: لان غالبية المجموعات التجارية في اليمن تتداخل فيها قواعد الإرث الشرعي مع قواعد الشراكة والشركات، ولان غالبية المجموعات التجارية تتداخل فيها العلاقة بين الشركاء فيها فيما بين قواعد قانون العمل وحق الشقية وواجب الشراكة، حيث يعمل افراد العائلة في الشركة دون ان يتم تحديد وضعهم وحقوقهم – قلت هذا أيضاً: لان غالبية المجموعات التجارية فيها قصار غير بالغين أو مجانين عديمي أهلية لا يجوز لهم مباشرة الأعمال التجارية!!!! ولا يجيز للنواب القانونيين لهم ان يباشروا التجارة نيابة عنهم، لان التجارة من التصرفات الدائرة بين الربح والخسارة او النفع والضرر ، قلت هذا: لان غالبية المجموعات التجارية تتضمن ورثة من النساء لا يباشرن التجارة، لذلك ينبغي ان تكون من أولى الأولويات في المجموعات التجارية هي الحوكمة لمعالجة الإشكاليات السابق ذكرها وغيرها – كما ينبغي على الدولة أن تدعم وتساند المجموعات التجارية للسير في هذا الاتجاه، غير أنه لا ينبغي على الدولة التدخل في أعمال المجموعات التجارية وفرض الحوكمة عليها بذريعة الأمن الإقتصادي وإنما ينبغي على الدولة ان تقدم المشورة والخبرة والنصيحة والتوعية للمجموعات التجارية، والله اعلم.*