*الوضعية القانونية للدفع بعدم القبول*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الدفع بعدم قبول الدعوى وفقا لقانون المرافعات يتحصل في : ان الدافع يطلب من المحكمة الإمتناع عن نظر الدعوى المرفوعة من خصمه قبل البحث في موضوع الحق المدعى به ، فهذا الدفع نوع وسط بين الدفوع الشكلية والدفوع الموضوعية، لأن الدفع بعدم القبول يجوز أبدأوه في أية مرحلة من مراحل التقاضي حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-1-2008م في الطعن رقم (30965)، وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم أن: ((الدائرة بعد الرجوع إلى الأوراق مشتملات الملف وجدت ان الجدل الدائر في الخصومة حتى مرحلة النقض جدل قانوني حول الدفع المقدم من المدعى عليه أمام محكمة أول درجة الطاعن حالياً، حيث دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لفقدان شروط قبولها ، وأضاف الطاعن بانه كان ينبغي على المحكمة الفصل في هذا الدفع لانه يجوز ابداؤه في أية مرحلة وأنه يجب على المحكمة ان تحكم من تلقاء ذاتها بعدم قبول الدعوى إذا تبين لها ان لا صفة أو مصلحة للمدعي فيها وفقاً للمادة (76) مرافعات، فالمدعى عليه الطاعن حالياً ينكر أية صفة للمدعي أو للمدعى عليه بما ورد في تلك الدعوى بدليل مستندات المدعى عليه الطاعن حاليا المبرزة من قبله وبما سبق للطاعن قوله أنه يشترط لقبول الدعوى ثبوت يد المدعى عليه على الحق المدعى به حقيقة أو حكماً وفقاً للمادة (16) إثبات، فالعقد الذي ارفقه المدعى عليه يثبت أنه هو الذي سعى في سبيل بيع وشراء الأرضية وليس المدعي...إلخ، وكل ذلك يستلزم التقرير بعدم قبول الدعوى وعدم توجهها حسبما ذكر الطاعن، وتقرر الدائرة ان الصفة متوفرة في المدعي لأنه كان يدعي لنفسه، ومن ثم لا مخالفة لنص المادة (75) مرافعات، وحيث أن المادة (6) إثبات تنص على أن يشترط في الدعوى من حيث الإثبات والإجابة عليها ما يأتي: -1- ثبوت يد المدعى عليه على الحق المدعى فيه حقيقة أو حكماً، فالقصد من ذلك الشرط ان تكون الدعوى بأمر معلوم، لان فكرة الدفع بعدم القبول المستخلص من نصوص قانون المرافعات ان الدفع تكييف قانوني لما يطلبه مقدمه إلى المحكمة من الإمتناع عن نظر الدعوى قبل البحث في حق الخصم فيها، فهذا الدفع نوع وسط بين الدفوع الشكلية وبين الدفوع الموضوعية، لأنه يجوز إبدأوه في أية مرحلة من مراحل الخصومة، وذلك في حالات منها: عدم وجود قاعدة قانونية تحمي مصلحة من النوع الذي يتمسك به المدعي وكما إذا رفعت دعوى دائنيه قبل حلول آجل الدين أو إذا رفع شخص دعوى بطلان عقد ليس المدعي عليه طرفاً فيه، وحيث أن الدفع المقدم من المدعى عليه الطاعن حالياً لا تنطبق عليه احدى حالات عدم القبول فإن ما توصلت إليه محكمتا الموضوع قد وافق صحيح القانون)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية الدفع بعدم القبول:*
➖➖➖➖➖
*▪️لم يعرف القانون اليمني أو المصري الدفع بعدم قبول الدعوى، في حين عرفه القانون الفرنسي في المادة (122) بأنه: كل دفع ينكر فيه الخصم دعوى خصمه دون المساس بالموضوع، ويقول استاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفاء في كتابه القيم (نظرية الدفوع ص19 - الدفع بعدم القبول لا يوجه إلى إجراءات الخصومة ولا يوجه إلى ذات الحق المدعى به بل يرمي إلى إنكار سلطة المدعي في إستعمال الدعوى، فهذا الدفع يوجه إلى الوسيلة التي يحمي بها صاحب الحق حقه وما إذا كان من الجائز له إستعمالها أم ان شرط الإستعمال غير جائز لعدم توفر شرط من الشروط المتعلقة بالدعوى ذاتها المرفوعة، فهذا الدفع له طبيعة خاصة تختلف عن طبيعة الدفوع الموضوعية والدفوع الشكلية، فهذه الطبيعة تجعله يحتل مركزاً وسطاً بينها، فهو في بعض الأحوال يتفق مع الدفوع الشكلية ، وفي حالات أخرى يتفق مع الدفوع ألموضوعية، ولذلك فقد شاع الإضطراب في الفقه القانوني في تحديد احكامه).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: حصر الدفوع بعدم القبول:*
➖➖➖➖➖
*▪️ذهب المرحوم الأستاذ الدكتور أبو الوفاء إلى أن الدفوع بعدم القبول محصورة في (الأحوال التي ينكر فيها الخصم صفة خصمه لسبق صدور حكم في موضوع الدعوى المقامة من الخصم أو بنفي الخصم صفته هو في إقامة الدعوى عليه أو إنكار الخصم وجود دعوى لدى خصمه لسبق الصلح او لسبق الإتفاق على التحكيم فيها او لعدم رفع الدعوى على كل من يوجب القانون رفعها من جانبهم او لعدم إتخاذ الإجراء الذي يوجبه القانون قبل رفع الدعوى ، وقد نص قانون المرافعات على جواز إبداء الدفوع بعدم القبول في أية مرحلة من مراحل الخصومة، ويرى استاذنا المرحوم أبو الوفاء بأن حصر هذا النوع من الدفوع هو الحل السليم لإزالة الإضطراب في طبيعة الدفع بعدم القبول حتى لايتداخل مع الدفوع الشكلية او الدفوع الموضوعية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الدفع بعدم قبول الدعوى والدفع بعدم سماع الدعوى في القانون اليمني:*
➖➖➖➖➖
*▪️نظم قانون المرافعات الدفع بعدم القبول حيث استعمل قانون المرافعات مصطلح (الدفع بعدم قبول) في حين اشار قانون الإثبات إلى أنواع وأحكام الدفع بعدم القبول بمسمى (عدم سماع الدعوى) حسبما ورد في المادة( 6) التي ذكرت شروط الدعوى، وقد توسع قانون الإثبات في تعداد انواع الدفوع بعدم سماع الدعوى بسبب التقادم، ولكن لاينطبق مفهوم الدفع بعدم القبول الا على شروط الدعوى المذكورة في المادة( 6) إثبات، اما قانون المرافعات فقد حصر الدفوع بعدم القبول في المادتين (74 و75) مرافعات في المصلحة والصفة كأهم شروط الدعوى، حيث يفهم من ذلك ان الدفع بعدم القبول يكون حين يتخلف شرط الصفة والمصلحة، والله اعلم.*