التمثيل القانوني للهيئة العامة للأراضي
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
➖➖➖➖➖
*▪️إذا كان محل النزاع أرض صالبة مرعى ومحتطب لا يد فيها لأي من الخصوم بثبوت فعلي من زراعة ونحوها فيلزم على محكمتي الموضوع إدخال الهيئة العامة للأراضي والمساحة في القضية بإعتبارها طرفاً رئيسياً لها صفة التمثيل في هذه المنازعات حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-12-2013م في الطعن رقم (52183)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فإن هذه الدائرة بعد الرجوع إلى مشتملات ملف القضية فقد وجدت ان النزاع قد انصب على أرض صالبة مرعى ومحتطب، ولا يد لأي من الخصوم عليها بثبوت فعلي من زراعة ونحوها، ولكن محكمتا الموضوع لم تتخذ إجراءات صحيحة وفقاً لما هو مقرر في القانون، ومن ذلك إدخال الهيئة العامة للأراضي والمساحة بإعتبارها طرفاً رئيساً لها صفة التمثيل في مثل هذه المنازعات وهو ما انتج قضاءً مختلاً وناقصاً وغير متوازن في كلا الحكمين، الأمر الذي يقتضي معه نقض الحكمين وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لنظره وفقاً لمساره القانوني وإدخال الهيئة العامة للأراضي والمساحة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضعية القانونية للأرض الصالبة:*
➖➖➖➖➖
*▪️الأراضي الصالبة هي الأراضي غير المزروعية، أما لانها لم تزرع أصلاً أو أنها كانت مزروعة ثم ترك ملاكها زراعتها، وترك زراعتها قد يكون من ملاكها المعاصرين أو من اسلافهم، كما قد يكون ترك زراعتها من الأقوام القديمة كحمير وسبأ والاقوام التي بعدهم، ولا شك ان لكل نوع من هذه الأراضي حكم شرعي وقانوني، وبيان ذلك كما يأتي:*
*1- الأرض الموات: وهي الأرض التي لم تتم زراعتها اصلا لأنها ميتة ، فلا تظهر عليها آثار الزراعة اوالاستصلاح للزراعة كالجبال والمنحدرات والأراضي الرملية أو المالحة التي ينحسر عنها ماء البحر أو الأراضي السبخة أو الأراضي غير الصالحة للزراعة لأي سبب، والأراضي الموات في الفقه الإسلامي هي ملك عام للمجتمع تتبع بيت مال المسلمين، ويحق للمواطنين الإنتفاع المشترك بها، ووفقاً للمادتين (2 و6) من قانون أراضي وعقارات الدولة فإن هذه الأراضي من أملاك الدولة التي يحق لعموم المواطنين الإنتفاع المشترك فيها كالرعي والاحتطاب حسبما هو مقرر في المادة (44) من قانون أراضي الدولة.*
*2- الأراضي الصالبة التي تركت زراعتها منذ مدة طويلة ولا يعرف مالكها: وهي الأراضي التي كانت مزروعة في القديم وتظهر عليها علامات تدل على أنها كانت في القديم مزروعة، غير انها صارت في العصر الحاضر غير مزروعة ولا يعرف مالكها ويقوم الناس في العصر الحاضر بالإنتفاع المشترك فيها للرعي والاحتطاب، وهي أيضاً من املاك الدولة وفقاً لقانون أراضي وعقارات الدولة النافذ وهي التي أشار إليها الحكم محل تعليقنا، غير أن ملكية الدولة لها لا تحول دون الانتفاع المشترك بها من قبل عموم المواطنين وفقاً للمادة( ٤٤) من القانون ذاته.*
*3- الأراضي الصالبة التي ترك ملاكها زراعتها منذ مدة قريبة: وهي الأراضي التي ترك ملاكها زراعتها منذ مدة قريبة، وصارت صالبة لا تزرع، ويقوم عامة المواطنين بالإنتفاع بها بالاحتطاب والرعي، وهذه الأراضي لا تعد من املاك الدولة إلا بعد مضي ثلاثة اجيال من الملاك (210) سنوات من تاريخ ترك زراعتها، فيباح للمواطنين الإنتفاع بها، لان هذه الأرض تصير بمضي المدة كأموال الاقوام السابقة التي قرر الفقهاء انها تصير قطائع أي تصير أملاك عامة لبيت مال المسلمين (تفسير آيات واحاديث الأحكام، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص285).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الملكية العامة للأراضي وملكية الدولة للأراضي:*
➖➖➖➖➖
*▪️الدولة شخصية إعتبارية يحق لها التملك مثلها في ذلك مثل غيرها من الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين، فيجوز للدولة ان تشتري وتبيع الأراضي بغرض القيام باعمالها المختلفة، وتبعاً لذلك تكون هذه الاملاك خاصة بالدولة كالمقار والمرافق الحكومية حيث تخصص هذه الأملاك للإنتفاع الخاص بحسب طبيعة المرفق كالجامعات والمعاهد والمدارس والمستشفيات ...إلخ، حيث تنتفع بها فئات خاصة من المجتمع كالطلبة والمرضى، وبالمقابل هناك اراضي مملوكة ملكية عامة للمجتمع عامة (بيت مال المسلمين) وهي الاملاك العامة التي ينتفع بها عامة المواطنين انتفاعاً مشتركاً كالمحاطب والمراعي والشوارع والحدائق والطرق العامة...إلخ، حيث يباح للمواطنين عامة الانتفاع بهذه الأملاك العامة من غير اختصاص (النظرية العامة للملكية العامة في الفقه الإسلامي، أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص452).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: التمثيل القانوني للهيئة العامة للأراضي:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني هي الممثل القانوني في أي نزاع أو خلاف يقع بشأن أراضي وعقارات الدولة أو الأراضي العامة التي ينتفع بها المواطنون عامة (الملكية العامة) لان الهيئة هي الجهة التي اناط بها القانون حماية أراضي الدولة والأراضي العامة والدفاع عنها، ولان الهيئة هي الجهة التي تتوفر لديها كافة الخرائط والمستندات والبيانات والمعلومات اللازمة عن أراضي الدولة والأملاك العامة، وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا على وجوب إدخال الهيئة العامة للأراضي في أي خلاف أو نزاع يقع بشأن أراضي الدولة أو الاملاك العامة حتى يتم مواجهة الهيئة بالدعاوى المتعلقة بالأراضي والاملاك العامة وحتى تتمكن الهيئة من مباشرة حقها في الدفاع عن أراضي الدولة والأملاك العامة والمحافظة عليها وحتى يكون الحكم حجة على الهيئة لأنه قد تم تمثيلها أمام القضاء تمثيلاً صحيحاً، والله اعلم.*