*شرط التحكيم المعلق على اختيار المتعاقدين*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️ينبغي ان يكون شرط التحكيم ناجزا وجازما لاخيار فيه حتى يتم العمل بموجبه وحمل المتعاقدين على الإلتزام به، أما إذا كان شرط التحكيم معلقا على اختيار او إرادة المتعاقدين، فلا يستطيع أحد المتعاقدين التمسك بشرط التحكيم في مواجهة الطرف الآخر طالما ان ذلك متروك لاختيار المتعاقدين، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-5-2008م في الطعن رقم (31445)، الذي ورد ضمن أسبابه أنه: ((وبالعودة إلى مسمي شرط التحكيم يتضح أنه لا يعد شرطاً مكتمل الأركان ولا يصلح أن يحول دون اللجوء إلى القضاء، لان ذلك الشرط معلق على خيار الفسخ وهو: (إحتفاظ أي من الطرفين في اللجوء إلى القضاء) وواضح من سياق نص البند سالف الذكر أن شرط التحكيم لم يكن ناجزاً بل كان معلقاً على تحقق شرط التمسك به من قبل الطرفين، وحيث إن البين من الإطلاع على البند (العاشر) من العقد المبرم فيما بين الطرفين بتاريخ.... فقد نص ذلك البند على أنه: (يكون القانون اليمني هو الواجب التطبيق في شأن العلاقة بين طرفي هذا الإتفاق وتنفيذه، وكل نزاع ينشأ عنه يحال إلى التحكيم لدى..... مع إحتفاظ كل طرف بحقه في اللجوء إلى القضاء المختص) ومؤدى ذلك أن هذا الإتفاق وإن تضمن مشارطة تحكيم في البند العاشر على ان كل نزاع ينشأ عن ذلك الإتفاق يحال إلى المحكم...... إلا أنه من ناحية أخرى قد تضمن أن كل طرف قد احتفظ بحقه في اللجوء إلى القضاء، مما يعني ان اللجوء إلى التحكيم متروك لإختيارهما فلهما اللجوء إلى التحكيم ان توافقا على ذلك وان لم يتوافقا على ذلك وقرر احدهما اللجوء إلى القضاء فإن ذلك من حقه مما يعني زوال شرط التحكيم ويكفي هذا السبب لنقض حكم الشعبة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: تأثير التعليق على شرط التحكيم:*
➖➖➖➖➖
*▪️شرط التحكيم هو عبارة عن بند من بنود العقد المبرم بين المتعاقدين اللذين يشترطا ان يتم حسم النزاع الذي قد يحدث بينهما مستقبلاً عن طريق محكم معين أو هيئة تحكيم معينة ، وعلى هذا الأساس فإن تطبيق شرط التحكيم لا يتحقق إلا إذا حدث خلاف بين المتعاقدين بشأن تفسير العقد المبرم بين الطرفين، ومن المؤكد ان الخلاف المشار إليه قد يحدث في المستقبل وقد لا يحدث أي ان شرط التحكيم وفقاً لهذا المفهوم معلق على أمر مستقبلي غير محقق الوجود، ولكن هذا التعليق غير مؤثر على شرط التحكيم لأنه غير معلق على إرادة المتعاقدين ومشيئتهم ، فالخلاف في الغالب يقع رغماً عن إرادة المتعاقدين، ومع أن شرط التحكيم معلق على هذا النحو إلا أنه شرط التحكيم صحيح في هذه الحالة لانه لايتنافى مع مقتضيات العقد – وحتما لم يقصد الحكم محل تعليقنا لم يقصد بطلان شرط التحكيم عندما يكون معلقا على خلاف في المستقبل قد يقع وقد لايقع، وإنما قصد الحكم من التعليق هو التعليق على خيار ومشيئة المتعاقدين، حيث قصد الحكم بطلان شرط التحكيم المعلق على مطلق إرادة المتعاقدين وخيارهم حينما يجيز هذا الشرط لكل من المتعاقدين العمل بشرط التحكيم، كما أنه في الوقت ذاته يقررهذا الشرط لمطلق إرادته كل منهما أن لا يعمل بشرط التحكيم ويلجا إلى القضاء، وتبعاً لذلك يكون شرط التحكيم في هذه الحالة غير ملزم، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، لان إرادة المتعاقدين قد اتجهت منذ إبرام العقد إلى عدم لزوم شرط التحكيم لأنه معلق على خيار وارادة المتعاقدين في المستقبل، فلكل متعاقد أن ينفذ شرط التحكيم، كما أن له ان لا ينفذه فيلجاء إلى القضاء، وهذا المفهوم ينطبق تماماً على القضية التي اشار إليها الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: شرط التحكيم المعلق على خيار وإرادة المتعاقدين غير ملزم، ولا يملك أحد المتعاقدين التمسك به في مواجهة المتعاقد الآخر:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن شرط التحكيم حينما يكون إختيارياً للمتعاقدين فإنه لا يكون ملزماً، فلا يستطيع أحد الأطراف المتعاقدة أن يلزم الطرف أو الأطراف الأخرى على التحكيم، لان شرط التحكيم ذاته غير ملزم فهو إختياري فلاي من المتعاقدين ان يلجاء إلى التحكيم كما أن له ان يلجاء إلى القضاء، لان شرط التحكيم الإختياري قد كفل له هذا الحق، حيث كان شرط التحكيم في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا قد تضمن إحتفاظ كل متعاقد بحقه الطبيعي في اللجوء إلى القضاء مع حقه في اللجوء إلى التحكيم، وذلك يعني أن المتعاقد مخير بين اللجوء إلى القضاء أو اللجوء إلى التحكيم، فالتخيير في شرط التحكيم يتنافى مع لزوم شرط التحكيم، ومؤدى ذلك ان أي من المتعاقدين لا يملك التمسك بشرط التحكيم في هذه الحالة في مواجهة المتعاقد الآخر، والله اعلم.*