لا يجوز للمحكم ترك شرط التحكيم بإرادته المنفردة

*لا يجوز للمحكم ترك شرط التحكيم بإرادته المنفردة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*


➖➖➖➖➖

*▪️لا يجوز للمحكم ترك التحكيم بإرادته المنفردة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 2-3-2010م في الطعن رقم (40788)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((ان الشعبة قد جانبت الصواب في حكمها حينما سببت حكمها بالقول: ان المستأنفة قد تخلت عن شرط التحكيم، لان شرط التحكيم لحل النزاع قد انعقد بإرادتين الطرفين ، ومن ثم لا يجوز ان تتخلى عنه المستأنفة بإرادتها المنفردة، أما ما جاء في حيثيات الحكم المطعون فيه بانه من غير المعقول ان يظل الطرف الأخر منتظراً ان يقوم خصمه باللجوء للتحكيم...إلخ، فالمادة (22) من قانون التحكيم حددت إجراءات تشكيل لجنة التحكيم، إذ نصت على أنه: (مع مراعاة الأحكام الواردة بهذا القانون فإنه يحق لأطراف التحكيم الإتفاق على وقت إختيار المحكم أو لجنة التحكيم وكيفية تعيين المحكم أو المحكمين وفي حالة عدم الإتفاق على ذلك يتم إتباع ما يلي: -أ- إذا كان لا بد من تشكيل لجنة التحكيم من محكم فرد تقوم المحكمة المختصة بتعيينه بناءً على طلب أحد الطرفين بعد سماع وملاحظة ما قد يكون لأي من الطرفين من إعتراض مبرر على المعين...إلخ)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية شرط التحكيم الذي لا يجوز لطرفي العقد تركه بإرادة احدهما المنفردة:*

➖➖➖➖➖

*▪️شرط التحكيم هو بند من بنود عقد قد يكون عقد وكالة أو عقد مقاولة...إلخ، حيث ينص البند الخاص بشرط التحكيم في ذلك العقد على أنه: (عند حدوث أي نزاع بشأن تنفيذ هذا العقد أو تفسيره فيتم حسمه عن طريق/ مركز التحكيم/ أو غرفة تجارة باريس/ أو بنظر هيئة تحكيم تتكون من ثلاثة أشخاص يختار كل طرف محكماً عنه ويقوم المحكمان معا بإختيار محكم ثالث مرجح لهما خلال ثلاثين يوماً) وشرط التحكيم بهذا المعنى عبارة عن إتفاق مسبق للفصل في النزاع ال قد تحدث بين المتعاقدين قبل وقوعها، ويتم ذكرشرط التحكيم ضمن بنود العقود المختلفة التي يتم إبرامها فيما بين الأشخاص الإعتباريين والطبيعيين.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مدى الزامية شرط التحكيم الوارد ضمن العقود المختلفة:*

➖➖➖➖➖

*▪️من المقرر فقهاً وقضاءً مبدأ وحدة العقد الذي يقتضي أن يحترم المتعاقدون كل بنود العقد باعتبار العقد وحدة واحدة، فينبغي على المتعاقدين أن ينفذوا كل بنود العقد ب بما في ذلك شرط التحكيم بإعتباره بندا او شرطاً من شروط العقد ويشكل مع غيره من بنود العقد وحدة واحدة، كما ان الزامية شرط التحكيم الوارد ضمن بنود العقد ملزم لطرفيه إستناداً إلى قاعدة (العقد شريعة المتعاقدين) المقررة في فقه الشريعة الإسلامية والمنصوص عليها في القانون المدني، ومقتضى ذلك انه يجب على المتعاقدين العمل بموجب شرط التحكيم المنصوص عليه ضمن بنود أو شروط العقد عملا بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: عدم جواز إنفراد أحد المتعاقدين بالتخلي عن شرط التحكيم أو ترك التحكيم:*
➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يجوز لأي من المتعاقدين بإرادته المنفردة ان يترك شرط التحكيم المنصوص عليه في العقد المبرم فيما بين الطرفين، لان العقد بكل شروطه وبنوده قد تم ابرامه بإرادة المتعاقدين معاً فصار ملزماً لهما معاً حيث اتجهت إرادتهما معاً للإلتزام به، فلا يجوز لأي منهما ان يستقل بإرادته المنفردة وان يترك شرط التحكيم من تلقاء نفسه حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: متى يجوز ترك شرط التحكيم:*
➖➖➖➖➖

*▪️يجوز للطرفين المتعاقدين معاً وبإرادتهما معاً أن يتركا شرط التحكيم صراحة، فيقوما بتحرير محرر يصرحا فيه بانهما قد تركا شرط التحكيم المذكور في العقد الذي سبق لهما ابرامه، كما قد يترك الطرفان التحكيم ضمناً، وذلك بان يلجاء الطرفان إلى القضاء للفصل في نزاعمها أو يلجأ أحدهما إلى القضاء فلا يتمسك الأخر بشرط التحكيم، حيث يكون هذا اللجوء إلى القضاء بدلاً عن التحكيم عدولا من المتعاقدين عن شرط التحكيم أو الغاء ضمنيا له، والله اعلم.*