أثر طلب رد أحد المحكمين
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
➖➖➖➖➖
▪️هيئة التحكيم تكون لها ولاية النظر في الخصومة التحكيمية بموجب إتفاق التحكيم الذي يمنح هيئة التحكيم صلاحية النظر والفصل في الخصومة التحكيمية، حيث تكون ولاية هيئة التحكيم بكامل اعضائها واحدة موحدة غير قابلة للتجزئة، لان إرادة أطراف التحكيم قد اتجهت إلى تحكيم جميع المحكمين أفراد الهيئة كلهم، فإذا طلب احد أطراف التحكيم رد أحد المحكمين او تم عزل أحد أعضاء هيئة التحكيم أو انعزل أو مات فقد انتكلت ولاية أو صلاحية هيئة التحكيم بكامل افرادها بنظر الخصومة، فإذا اراد الخصوم مواصلة التحكيم بمن تبقى من هيئة الحكم فينبغي على الخصوم اطراف التحكيم تحرير إتفاق جديد يصرحوا فيه بأنهم قد حكموا من تبقى من اعضاء هيئة التحكيم؛
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-5-2010م في الطعن رقم (40240)، الذي ورد ضمن أسبابه أنه: ((ولما كان الثابت من خلال محضر جلسة تاريخ.... ومحاضر الجلسات التالية حتى صدور حكم التحكيم تغيب المحكم المطلوب رده عن حضور تلك الجلسات حتى صدور حكم التحكيم محل دعوى البطلان من المحكم الأول بمفرده وتحت توقيعه وحده، وحيث خلاء ملف القضية من وجود وثيقة تحكيم جديدة صادرة من الطرفين المشار إليهما تخوّل المحكم الأول وحده سلطة نظر النزاع والفصل فيه بحكم من قبله، ولذلك فإن حكم التحكيم قد صدر بالمخالفة لإتفاق التحكيم المؤرخ.... السابق صدوره من الطرفين)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:
➖➖➖➖➖
▪️الوجه الأول: ماهية رد المحكم:
➖➖➖➖➖
▪️صرحت المادة (23) تحكيم بجواز رد المحكم حيث نصت على أنه: (يجوز رد المحكم للأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالحاً لحكم أو إذا تبين عدم توافر الشروط المتفق عليها أو التي نصت عليها أحكام هذا القانون ويشترط أن تكون هذه الأسباب قد حدثت أو ظهرت بعد تحرير إتفاق التحكيم. إلاّ أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال لأي من طرفي التحكيم رد المحكم الذي عينه أو إشترك في تعيينه ما عدا للأسباب التي تتبين بعد التعيين. وفي كل الأحوال يجب على الشخص حين يفاتح بقصد إحتمال تعيينه محكماً أن يصرح لمن ولاَّه الثقة بكل الظروف التي من شأنها أن تثير شكوكاً حول حيدته وإستقلاله) وأسباب رد القاضي التي يرد بها المحكم اذا تحققت فيه تنقسم إلى أسباب رد وجوبي حددها قانون المرافعات في المادة (128) وخلاصتها القرابة فيما بين القاضي واحد الخصوم وسبق فتوى القاضي في القضية وسبق قيام القاضي برفع دعوى تعويض على طالب الرد وسبق قيام طالب الرد برفع دعوى مخاصمة على القاضي اذا تم قبولها، وبالإضافة إلى الرد الوجوبي فقد حدد قانون المرافعات أسباب رد القاضي جوازاً، وذلك في المادة (132)، وتتلخص أسباب رد القاضي الجوازية في وجود خصومة لزوجة القاضي أو مطلقته مع طالب الرد أو إذا كان هناك بين القاضي واحد الخصوم عداوة أو مودة أو كان أحد الخصوم خادماً للقاضي، ومقتضى ذلك ان المحكم يُرد وجوبياً أو جوازياً إذا تحقق في المحكم أي سبب من أسباب رد القاضي المشار اليها.
➖➖➖➖➖
▪️الوجه الثاني: تأثير رد المحكم:
➖➖➖➖➖
▪️وفقاً للمادة (143) مرافعات، فأنه يترتب على تقديم طلب رد القاضي وقف النظر في الدعوى الأصلية حتى يتم الفصل في طلب الرد، ويسري هذا النص على طلب رد المحكم، حيث يترتب على تقديم طلب رد المحكم وقف نظر الخصومة التحكيمية حتى يتم الفصل في طلب رد المحكم ، ولذلك لا يجوز للمتبقين من المحكمين ان يواصلوا إجراءات التحكيم بعد تقديم طلب رد احدهم، ولكن يجوز لأطراف التحكيم إذا ما أرادوا الإستمرار في إجراءات نظر الخصومة التحكيمية ان يقوموا بتحرير إتفاق تحكيم جديد يتضمن تفويضهم للمحكمين المتبقين بالفصل في القضية بإعتبار المتبقين هيئة تحكيم جديدة حسبما أرشد الحكم محل تعليقنا، أما إستمرار بقية هيئة التحكيم التي نقصت جراء طلب رد المحكم فأنه يخالف القانون، لان إتفاق التحكيم قد نص على أن يتم الفصل في الخصومة التحكيمية من قبل هيئة التحكيم مجتمعة مكتملة، فإذا تخلف أحد اعضاء هيئة التحكيم عن الإستمرار في هيئة التحكيم لأي سبب فلا يجوز للمحكمين الباقين الإستمرار في الإجراءات لإنعدام ولايتهم بنظر القضية، لان الولاية الممنوحة لهم بموجب إتفاق التحكيم كانت لهيئة التحكيم كاملة العدد وليس لبعضهم حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.