*إلتزام المحكم بالإجراءات المقررة في مركز التحكيم*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️تمثل مراكز التحكيم هيئات نظامية متخصصة في التحكيم، حيث تنظم أعمال هذه المراكز لوائح وأنظمة اجرائية تتضمن شروط المحكمين المعتمدين في المركز وقوائم المحكمين المعتمدين في المركز المشتملة على بيانات المحكمين وكذا الانظمة التي تبين الإجراءات الواجب اتباعها من قبل المحكمين عند نظرهم في المنازعات التحكيمية التي ينظرها المركز بالإضافة إلى نظام اتعاب التحكيم وكيفية تحصيلها من الخصوم ودفعها إلى المحكمين وغير ذلك من التنظيمات، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يجب على المحكم في مركز التحكيم ان يلتزم بالإجراءات المعتمدة في مركز التحكيم عند نظره في الخصومة التحكيمية وان يشير إلى الإجراءات المحددة من المركز الواجب اتباعها اثناء نظر المنازعة من قبل المحكمين في المركز حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25-12-2013م في الطعن رقم (53695)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد وجدت الدائرة ان أسباب الطعن مقبولة لأنه لم يتضح من حيثيات الحكم المطعون فيه انه قد رد على كل سبب من أسباب دعوى البطلان رداً قانونياً في ضوء ما ورد بنظام التوفيق والتحكيم الخاص بمركز التحكيم الذي كان محل إتفاق الطرفين في إتباعه وفقاً لما ورد بعقد المقاولة حيث يتضمن نظام مركز التحكيم إجراءات محددة من بداية نظر منازعة التحكيم حتى إصدار الحكم ومالم يرد فيه نص في نظام المركز يكون الرجوع بشأنه الى قانون التحكيم وقانون المرافعات، وعلى الشعبة طلب نظام التوفيق والتحكيم الخاص بمركز التحكيم للتأكد من إتباع هيئة التحكيم لمتطلباته في حدود ما ورد في دعوى البطلان)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضعية القانونية لمركز التحكيم:*
➖➖➖➖➖
*▪️مراكز التحكيم هي عبارة عن هيئات متخصصة في التحكيم تنظم أعمالها وإجراءات التحكيم فيها لوائح ونظم تحدد شروط المحكمين المعتمدين في المركز وتحدد قائمة المحكمين المعتمدين وتحدد علاقاتهم بالمركز وكيفية إختيار المحتكمين للمحكمين من قائمة المركز، وكذا تحدد هذه النظم كيفية سداد المحتكمين لأتعاب المحكمين وكيفية تسليم اتعاب للمحكمين المختارين ومواعيد ذلك بالإضافة إلى تحديد هذه النظم لإختصاصات واغراض المركز وأهدافه، وينبغي ان يتم الترخيص للمركز من الجهات الرسمية المختصة بحسب الشكل القانوني الذي يتخذه المركز، ولان التحكيم في مراكز التحكيم تنظمه لوائح ونظم معروفة فإن تحكيم المراكز التحكيمية يختلف عن تحكيم الأفراد.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مشارطة التحكيم أو شرط التحكيم:*
➖➖➖➖➖
*▪️يتم إختيار مركز التحكيم من قبل المتعاقدين في الغالب عند ابرامهم للعقود حيث يتضمن العقد شرطا ينص على اتفاق المتعاقدين على أنه عند حدوث اي خلاف بين المتعاقدين بشأن تنفيذ العقد او تفسيره فيتم حسمه من قبل مركز التحكيم، فشرط التحكيم في هذه الحالة يكون سابق على الخلاف، حيث يرد شرط التحكيم بصيغة: (عند حدوث أي خلاف بشأن تنفيذ هذا العقد أو تفسيره فيختص مركز كذا بالفصل في الخلاف) ويلاحظ أن شرط التحكيم لمراكز التحكيم لا يحدد اسماء المحكمين حيث يكتفى بذكر اسم المركز فقط، وعند حدوث الخلاف فأن المركز يعرض على الخصوم قائمة بأسماء المحكمين المعتمدين في المركز كي يتم الاختيار من بينهم، وتكتسب مراكز التحكيم سمعتها وشهرتها من النظم والإجراءات المتبعة فيها واسماء المحكمين المعتمدين فيها، ولذلك فإن مراكز التحكيم تتنافس فيما يتعلق باستقطاب اسماء المحكمين وفي تنظيم إجراءات التحكيم المعتمدة في المركز، وعلى هذه الخلفية يتم اتفاق المحكمين على تحديد او تسمية مركز التحكيم الذي سيفصل في الخلاف بينهم، حيث تعد تسمية المركز من قبل المحتكمين سواء في العقد او في وثيقة مستقلة بمثابة قبول منهم للنظم والإجراءات المتبعة لدى مركز التحكيم، فقبول الخصوم المحتكمين واختيارهم لأسم مركز التحكيم يعني قبولهم أيضاً بإجراءات التحكيم المتبعة في مركز التحكيم الذي وقع عليه اختيارهم في شرط او اتفاق التحكيم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: حرية المحتكمين في الإتفاق على تحديد إجراءات التحكيم التي يجب على المحكم إتباعها:*
➖➖➖➖➖
*▪️صرح القانون بأنه يجوز لطرفي التحكيم ان يتفقا على الإجراءات التي يتعين على المحكم إتباعها فإذا لم يوجد أي إتفاق فأنه يجوز للجنة التحكيم أن تتبع ما تراه ملائماً من الإجراءات مع ضرورة مراعاة أحكام قانون المرافعات والتحكيم حسبما نصت عليه المادة: (22) تحكيم، وقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى أن إتفاق اطراف التحكيم على إختيار مركز تحكيم معين للفصل في النزاع فإن هذا الإختيار يستتبع الإتفاق على الإلتزام بالإجراءات والنظم التي يتبعها مركز التحكيم في الخصومات التي يتم تحكيمه فيها، فالإتفاق على تحديد مركز للتحكم للفصل في النزاع يكون بمثابة إتفاق على أن يتم الفصل في النزاع على وفق الإجراءات المتبعة في المركز ولذلك فقد اعتبر الحكم محل تعليقنا إغفال المحكم للإجراءات المتبعة في المركز قصور في الحكم، والله اعلم.*