*مصادرة البنك المركزي لقيمة خطاب الضمان نيابة عن الجهات الحكومية*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️الأصل ان خطاب الضمان البنكي تعهد مستقل من البنك الذي يصدره للجهة الحكومية المستفيدة وذلك بان يدفع البنك قيمة خطاب الضمان الذي اصدره بمجرد مطالبة الجهة الحكومية المستفيدة من خطاب الضمان، ومقتضى ذلك ان البنك المركزي ليس طرفاً في خطاب الضمان، ومع ذلك يحق للبنك المركزي ان يصادر قيمة خطاب الضمان بإعتبار البنك المركزي بنك الحكومة فهو وكيل عن الجهة الحكومية المستفيدة من خطاب الضمان، لان البنك المركزي بنك الدولة وبنك الحكومة، فهو بمثابة الخزينة العامة للدولة بمقتضى قانون البنك المركزي حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18-1-2010 في الطعن رقم (38351)، وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم أن: ((الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه مخالفته للمادة (408) تجاري، حيث من الثابت ان بنك... قد صادر خطاب الضمان بموجب طلب من البنك المركزي الذي ذكر في طلبه أنه تلقى مطالبة الجهة الحكومية بمصادرة خطاب الضمان، مع ان الجهة الحكومية ذاتها لم تقم بمطالبة بنك.... بمصادرة خطاب الضمان، وبموجب مطالبة البنك المركزي قام بنك.... بمصادرة خطاب الضمان قبل نهاية مدته، والدائرة تجد أنه بما ان البنك المركزي كان قد تلقى مطالبة المصادرة من جمرك..... المرفق بها حافظة توريد المبلغ إلى الخزينة العامة ، فما قام به البنك المركزي لايخالف القانون، لان البنك المركزي معني بتحصيل إيرادات الدولة، فكافة الجهات الحكومية تقوم بإيداع خطابات الضمان لدى البنك المركزي كي يقوم بدوره في تحصيل قيمتها، وهذا ما سلكه جمرك..... الذي اخطر البنك المركزي بمصادرة خطاب الضمان قبل إنتهاء مدته، فالظاهر على حكمي المحكمة الابتدائية والشعبة الاستئنافية انهما اقاما قضائهما على عدم صفة البنك المركزي بمصادرة خطاب الضمان بإعتبار البنك المركزي أجنبياً عن طرفي خطاب الضمان، فهذا القضاء محل نظر، ذلك أنه من الثابت في قانون البنك المركزي ان من بين مهامه وفقاً للمادة (5) فقرة (و) العمل كبنك ومستشار ووكيل مالي للحكومة، وبقراءة هذه الفقرة مع ما نصت عليه الفقرة (ح) من المادة (2) من القانون ذاته يظهر قيام صفة البنك المركزي في تحصيل أموال الدولة واجهزتها بإعتباره وكيلاً عن الدولة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: اطراف خطاب الضمان المصرفي:*
➖➖➖➖➖
*▪️كما هو معلوم فان اطراف خطاب الضمان المصرفي او البنكي ثلاثة: الطرف الأول: الجهة المستفيدة من خطاب الضمان وهي التي تشترط على عميلها أو المتعاقد معها إصدار خطاب الضمان لفائدتها، والطرف الثاني: هو العميل أو المتعاقد مع الجهة المستفيدة من الخطاب، فالعميل أو المتعاقد هو الذي يطلب من البنك إصدار خطاب الضمان لحساب الجهة المستفيدة ضماناً لوفاء العميل أو المتعاقد بالتزامه أو بما في ذمته للجهة المستفيدة، والطرف الثالث: هو البنك أو المصرف الذي يقوم بإصدار خطاب الضمان لصالح الجهة المستفيدة، ومن خلال ذلك يظهر أن البنك المركزي ليس طرفاً في خطاب الضمان ولا صفة له في خطاب الضمان الذي تصدره البنوك، وإن كان البنك المركزي هو بنك البنوك الذي يتولى الرقابة على البنوك الأخرى.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: صفة البنك المركزي في مصادرة قيمة خطاب الضمان لصالح الجهات الحكومية:*
➖➖➖➖➖
*▪️كان الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا قد حكما بعدم صفة البنك المركزي في مصادرة خطاب الضمان عندما تكون الجهة المستفيدة من خطاب الضمان جهة حكومية، على أساس ان البنك المركزي لا صفة له في ذلك، لان البنك المركزي ليس طرفاً في خطاب الضمان، إلا أن الحكم الصادر عن المحكمة العليا محل تعليقنا قضى بنقض الحكم الاستئنافي، لان البنك المركزي له صفة في مصادرة خطاب الضمان ولو لم يكن البنك المركزي طرفاً في عقد خطاب الضمان، لان قانون البنك المركزي قد اناط بالبنك المركزي مهمة تحصيل الأموال العامة المستحقة للدولة وتوريدها إلى الخزينة العامة، فالبنك المركزي هو الخزينة العامة وفقاً للقانون المالي وقانون البنك المركزي، فمن المهام المناطة بالبنك المركزي تحصيل الأموال العامة المستحقة للخزينة، ومن ذلك قيمة خطابات الضمان المستحقة للجهات الحكومية التي ينبغي توريدها إلى الخزينة العامة، غير ان البنك المركزي لا يملك مصادرة خطاب الضمان من تلقاء ذاته وإنما بموجب مطالبة له من قبل الجهة الحكومية المستفيدة من خطاب الضمان التي تقدم إلى البنك المركزي المستندات المؤيدة للمطالبة بمصادرة خطاب الضمان حتى يتأكد البنك المركزي من قانونية المطالبة وسلامتها وعدم التعسف في المطالبة، والله اعلم.*