*إستئناف الحكم في التظلم من أمر الأداء*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️إستئناف الحكم الصادر في التظلم من أمر الأداء تسري عليه القواعد العامة المقررة في إستئناف الأحكام الإبتدائية من حيث إستنفاذ المحكمة الإبتدائية لولايتها بالنطق في الحكم في التظلم اذا كان هذا الحكم قد فصل في موضوع النزاع وحسمه بحكم منهي للنزاع حيث تستنفد بذلك المحكمة الإبتدائية ولايتها في نظر موضوع النزاع فإذا قام الخصم باستئناف ذلك الحكم فإن الاستئناف يعيد طرح النزاع على محكمة الاستئناف، فعندئذ يتحتم على محكمة الاستئناف ان تتعرض لموضوع النزاع وتفصل فيه، اما اذا كان الحكم الابتدائي في التظلم من أمر الأداء لم يتعرض لموضوع النزاع فلايحق لمحكمة الاستئناف ان تتعرض لموضوع النزاع حتى لاتفوت على الخصوم درجة من درجات التقاضي حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 31-5-2010م في الطعن رقم (42429)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ان الطاعن قد نعى على الحكم المطعون فيه انه قد تجاوز حدود ما قضى به الحكم الإبتدائي في التظلم من أمر الأداء حيث لم يفصل الحكم الإبتدائي في موضوع الخلاف بين الطرفين غير أن الحكم الإستئنافي قد فصل في موضوع النزاع، وقد ترتب على ذلك إهدار مبدأ التقاضي على درجتين، والدائرة تجد ان هذا النعي سديد، إذ أن قضاء هذه المحكمة قد أستقر على ان الحكم الصادر في التظلم من أمر الأداء يخضع لأحكام وإجراءات إستئناف الأحكام مثله في ذلك مثل غيره من الأحكام الإبتدائية ، وبالتالي فإن إستئناف الحكم في التظلم من أمر الأداء يطرح موضوع التظلم برمته أمام محكمة الإستئناف في حدود ما رفع عنه الإستئناف وفي حدود ما فصل فيه الحكم الصادر في التظلم، فليس لمحكمة الاستئناف أن تتصدى إلا للمسائل التي فصل فيها الحكم الإبتدائي، لان تصديها لمسائل أخرى لم يفصل فيها الحكم الإبتدائي يجعل حكمها باطلاً لمخالفته لمبدأ أساسي من مبادئ التقاضي وهو مبدأ التقاضي على درجتين المقرر في المادة (22) مرافعات التي نصت على أن: (الأصل في التقاضي أن يكون على درجتين) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الأصل ان التظلم من أمر الأداء يجعل القضية موضوعية:*
➖➖➖➖➖
*▪️وفقاً لأحكام أمر الأداء المنصوص عليها في قانون المرافعات فإن امر الأداء يصدر من غير مرافعة وفي غياب المأمور بالدفع وذلك حينما يكون المبلغ المأمور بدفعه معين المقدار وحال الأداء وخال من النزاع، ولان أمر الأداء يصدر في غيبة الخصم من غير مرافعة فإن له طبيعته القانونية الخاصة التي تميزه عن الحكم القضائي، وعلى هذا الأساس فقد اجاز القانون للمأموربالدفع التظلم خلال المدة المحددة في القانون، وعندما يقدم المأمور تظلمه من أمر الأداء فإنه في غالب الحالات ينازع في اسانيد امر الأداء فقد يذكر في تظلمه أن المبلغ غير معين المقدار أو محل نزاع أو يدعي أنه غيرحال الأداء، وعندئذ يكون التظلم بمثابة منازعة موضوعية حيث يقدم كل خصم اسانيده وأدلته، ويترافع الخصوم أمام القاضي الذي يفصل في التظلم بحكم ينهي ويحسم النزاع برمته بين الطرفين، وبصدور هذا الحكم تستنفذ محكمة أول درجة ولايتها، فيخضع هذا الحكم للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات من حيث إستئنافه ومن حيث فصل محكمة الإستئناف فيه، وفي بعض الحالات لا ينازع المتظلم من أمر الأداء في اسانيد أمر الاداء وإنما ينازع في الجوانب الشكلية أي أن التظلم في هذه الحالة لا يتناول موضوع أمر الأداء فتفصل محكمة أول درجة في التظلم دون أن تتعرض لموضوع أمر الأداء وهو موضوع النزاع، وحينئذ يكون حكم محكمة أول درجة غير فاصل في النزاع، فصدور هذا الحكم عن محكمة أول درجة لا يحسم موضوع النزاع، ولذلك فلا تستنفذ محكمة أول درجة ولايتها في القضية، وفي هذه الحالة تسري القواعد العامة المقررة في قانون المرافعات من حيث استئناف الحكم غير المنهي للنزاع ومن حيث الفصل فيه من قبل الشعبة المختصة في محكمة الاستئناف حيث ينبغي على الشعبة ان تتقيد في قضائها بالحدود التي فصل فيها الحكم الابتدائي الغير منهي للنزاع، فلا ينبغي لمحكمة الاستئناف في هذه الحالة ان تتعرض لموضوع النزاع حتى لا تفوت درجة من درجات التقاضي وتهدر مبدأ من أهم مبادئ التقاضي، وهو مبدأ التقاضي على درجتين المقرر في المادة (22) مرافعات حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الطبيعة الخاصة لأمر الأداء لا تسري بالنسبة للحكم الصادر في التظلم منه:*
➖➖➖➖➖
*▪️اشرنا في الوجه الأول إلى الطبيعة الخاصة لأمر الأداء، وإن كان من المتفق على هذه الطبيعة الخاصة لأمر الأداء إلا أن هذه الطبيعة الخاصة قاصرة على قواعد وإجراءات إصدار هذا الأمر والتظلم منه، فلا تمتد هذه الطبيعة الخاصة ولا تؤثر في الحكم الصادر في التظلم من أمر الأداء الذي يخضع للقواعد العامة من حيث استئناف الحكم والفصل فيه من قبل محكمة الاستئناف حسبما قضى به الحكم محل تعليقنا، لان الإعتبارات التي استدعت منح أمر الأداء تلك الطبيعة غير متحققة في الحكم الصادر في التظلم من أمر الأداء.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: ترشيد إستعمال الخصوم لأوامر الأداء في اليمن:*
➖➖➖➖➖
*▪️لان التظلم من أمر الأداء يحوّل أمر الأداء إلى منازعة موضوعية حسبما سبق بيانه فكأن أمر الأداء مرحلة زائدة أو إضافية لمراحل التقاضي تطول بها إجراءات التقاضي ويتكبد الخصوم فيها مخاسير ومصاريف إضافية فإن كثيراً من المستشارين القانونيين والمحامين ينصحوا الخصوم بعدم اللجوء إلى أوامر الأداء إلافي أضيق نطاق عندما يكون المبلغ المطلوب الأمر فيه محصورا ومحدودا بحدود مبلغ معين منفصل ليس له إتصال بعلاقات اخرى بين الخصوم كأن يكن المبلغ ديناً في ذمة المطلوب الأمر ضده، ومن هذا المنطلق فإن هناك مسئولية على المستشارين والمحامين في ترشيد إستعمال اوامر الأداء، والله اعلم.*