*إستعانة المحكم بالمحكمة في إجراء الحجز التحفظي*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️بموجب المادة (٤٣) من قانون التحكيم فإن المحكم يستطيع مخاطبة المحكمة بإجراء الحجز التحفظي اذا اقتضى الآمر ذلك، لان المحكم لايستطيع إيقاع الحجز بنفسه لعدم وجود السلطة الولائية للمحكم، ولأن تنفيذ وايقاع الحجز التحفظي يستدعي اصدار أوامر ولائية من القاضي المختص لايقاع الحجز التحفظي، ولما تتسم به إجراءات تنفيذ قرار الحجز التحفظي من وسائل جبرية، لذلك كله أجاز القانون للمحكم ان يستعين بالمحكمة المختصة لايقاع الحجز التحفظي، وبعد إيقاع الحجز لا يحتاج الأمر إلى تقديم دعوى صحة الحجز حسبما هو مقرر بالنسبة للقاضي حينما يقرر الحجز التحفظي حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-1-2009م في الطعن رقم (39258)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((كما أن نعى الطاعن بخطأ المحكمة بالإبقاء على الحجز التحفظي على السيارات والوثائق والمستندات والسجلات نعي غير سديد، لان مصدر ولاية المحكمة في ذلك هو ما ورد في المادة (43) تحكيم التي نصت على أنه: (يجوز للجنة التحكيم أو لأي من الطرفين طلب المساعدة من المحكمة المختصة للحصول على أدلة، وكذا طلب إتخاذ ما تراه ملائماً من الإجراءات التحفظية أو المؤقتة)، وعليه فإن ما صدر عن محكمة أول درجة مبني على حكم المادة المذكورة، ويلاحظ ان قانون التحكيم لم يتطلب بعد الحجز التحفظي رفع دعوى صحة الحجز في هذه الحالة، لان النزاع ألموضوعي منظور أمام المحكمين، ويلاحظ أيضاً أن حكم المادة (8) تحكيم حدد إختصاص محاكم الاستئناف بنظر القضايا التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء مالم يتفق الطرفان على جعل الإختصاص لمحكمة أخرى، وبذلك فإن نعي الطاعن فيما يتعلق بعدم مراعاة حكم المادة الأخيرة مردود عليه، لان قبولهما بالإجراءات التي شرعت فيها محكمة أول درجة يعني إتفاق الطرفين على إختصاصها بنظر ما قدم أمامها، وقد اصابت الشعبة التجارية فيما سببت به حكمها من أن دور القضاء مقرر قانوناً في مساعدة هيئة التحكيم أو طرفي النزاع في إتخاذ قرار الحجز على ان يتم تسليم المحجوزات فوراً إلى هيئة التحكيم، لان الولاية لها في نظر موضوع النزاع أي ان تكون هيئة التحكيم في صورة ما تتخذه المحكمة من إجراءات الحجز التحفظي أولاً بأول، لان دور المحكمة يقتصر على مساعدة هيئة التحكيم ذات الولاية في نظر موضوع النزاع)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: مبررات لجوء المحكم لإجراء الحجز التحفظي:*
➖➖➖➖➖
*▪️المحكم بموجب إتفاق التحكيم الذي يستمد منه ولايته ينظر في الخلاف الموضوعي بين الخصوم في المنازعة التحكيمية، واثناء ذلك قد يستدعي الأمر إجراء الحجز التحفظي للمحافظة على الأموال المتنازع عليها إذا كانت عرضة للتبديد والضياع أو التلاعب فيها، ولذلك فإن المحكم قد يلجأ إلى الاستعانة بالمحكمة المختصة لايقاع الحجز التحفظي على الأموال محل النزاع كلها أو بعضها للمحافظة عليها، غير أن المحكم لا يستطيع إيقاع الحجز التحفظي وتنفيذ إجراءاته لما تتسم به هذه الإجراءات من وسائل جبرية واعمال ولائية قضائية تقتضيها إجراءات تنفيذ وإيقاع الحجز التحفظي، ولهذه الغاية فقد أجاز قانون التحكيم للمحكم الاستعانة في ذلك بالمحكمة المختصة اصلا بنظر النزاع.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مطالبة المحكم للمحكمة المختصة بايقاع الحجز التحفظي:*
➖➖➖➖➖
*▪️ذكرنا فيما سبق ان المحكم يملك الاستعانة بالمحكمة المختصة لمطالبتها بايقاع الحجز التحفظي لان المحكم لايستطيع إيقاعه الحجز بنفسه، لان المحكم لا يملك الوسائل الولائية لايقاع الحجز وفرضه، ولذلك فإن قانون التحكيم قد منح المحكم الحق في الإستعانة بالمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع كي تعينه في إيقاع الحجز التحفظي وفرضه، وفي هذا الشأن نصت المادة (43) تحكيم على أنه: (يجوز للجنة التحكيم أو لأي من الطرفين طلب المساعدة من المحكمة المختصة للحصول على أدلة وكذا طلب إتخاذ ما تراه ملائماً من الإجراءات التحفظية أو المؤقتة...إلخ) وهذا النص اجاز للمحكم صراحة ان يستعين ويطلب من المحكمة المختصة إيقاع الحجز التحفظي وتنفيذ اجراءاته.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: عدم لزوم رفع دعوى صحة الحجز فيما يتعلق بالحجز التحفظي الذي يوقعه المحكم:*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بعدم لزوم قيام طالب الحجز التحفظي بتقديم دعوى صحة الحجز على النحو المقرر في قانون المرافعات بالنسبة للحجز التحفظي الذي يصدرمن قبل المحاكم فلاحاجة لدعوى صحة الحجز اذا كان قرار الحجز قد صدر بناء على طلب المحكم ، وعلل الحكم ذلك بأن المحكم ينظر أصلاً الدعوى الموضوعية التي قام الأطراف بتحكيمه للفصل فيها، فتلك الدعوى تغني عن رفع دعوى جديدة بصحة الحجز حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.*