*لا يجوز التحكيم في منازعات التنفيذ الجبري*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️تباشر السلطة العامة تنفيذ الأحكام جبراً على المحكوم عليه بموجب الحكم سند التنفيذ، وفي اثناء ذلك تثور منازعات تسمى منازعات تنفيذية ، وقد نص قانون التحكيم صراحة على عدم جواز التحكيم في منازعات التنفيذ الجبري، وقد قضى بذلك الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-10-2010م في الطعن رقم (47577)، الذي ورد ضمن أسبابه أنه: ((فالدائرة تجد أن حكم الشعبة قد حفل بأسباب متعددة تحمل النتيجة التي خلص إليها، وكان يغني عن سردها سبب أو سببين فحسب لعل ابرزها أن حكم التحكيم محل دعوى البطلان قد صدر في مسألة لا يجوز فيها التحكيم بصريح المادة (5) فقرة (ج) من قانون التحكيم التي تحظر التحكيم في المنازعات المتعلقة بإجراءات التنفيذ جبراً، فالأحكام الصادرة ضد الطاعن باتة ومذيلة بالصيغة التنفيذية، واثناء نظر منازعة التنفيذ أمام قاضي التنفيذ تم التحكيم الذي تمسك به الطاعن بوصفه مستشكلاً في التنفيذ، والدائرة تجد ان الطاعن باعتباره محكوما عليه ومنفذاً ضده، فلا يجوز ان تكون مثل هذه الخصومة محلاً للتحكيم كما هو الشأن في التحكيم في الحدود واللعان وفسخ عقود الزواج الواردة في المادة (5) تحكيم، وقد اجازت المادة (55) تحكيم لمحكمة الاستئناف ان تحكم ببطلان حكم التحكيم في هذه الحالة حتى ولو لم يطلب الخصوم ذلك)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: المقصود بمنازعات التنفيذ الجبري التي لا يجوز التحكيم فيها:*
➖➖➖➖➖
*▪️تستعمل السلطة العامة وسائل جبرية لتنفيذ الأحكام النهائية والباتة لاقتضاء الحقوق المحكوم بها جبراً من المحكوم عليه كالحجز التنفيذي والازالة كما تستعمل السلطة العامة وسائل جبرية أيضاً بهدف جبر المحكوم عليه على تنفيذ الحكم والوفاء بالشيء المحكوم به كالحبس وإغلاق المحل وغير ذلك من الوسائل الجبرية التي تستعملها السلطة في سبيل تنفيذ الأحكام، وفي اثناء إجراءات التنفيذ يقوم المحكوم عليه المنفذ ضده بالمنازعة في التنفيذ حيث يقدم الإستشكال في التنفيذ ويرد عليه طالب التنفيذ فتنعقد الخصومة أو المنازعة التنفيذية، وقد صرح قانون التحكيم وقضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز ذلك.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مبدأ عدم جواز التحكيم في منازعات التنفيذ الجبري:*
➖➖➖➖➖
*▪️نصت المادة (5) تحكيم على أنه: (لا يجوز التحكيم فيما يأتي: -ج- المنازعات المتعلقة بإجراءات التنفيذ جبراً) وبموجب هذا النص كان قضاء الحكم محل تعليقنا الذي أستند إلى هذا النص، ويرجع مبدأ عدم جواز التحكيم في منازعات التنفيذ الجبري إلى عدة أسانيد :منها ان التنفيذ الجبري يلي التنفيذ الإختياري، وهذا يعني ان قاضي التنفيذ قد امر السلطة العامة بان تتولى تنفيذ الحكم جبراً إذا لم يتم تنفيذه إختيارياً ولو باستعمال القوة اذا اقتضى الأمر ذلك، حيث يتم التنفيذ بعد إستيفاء كافة المقدمات والإجراءات المقررة قانونا واستنفاذ كافة السبل للتنفيذ الإختياري التي لم تنفع مع المحكوم عليه المنفذ ضده خاصة ان التنفيذ يكون بموجب أحكام قضائية باتة أو نهائية وبعد رحلة طويلة وشاقة في المنازعة الموضوعية، وعند مباشرة إجراءات التنفيذ الجبري يعمد المنفذ ضده إلى المنازعة في التنفيذ الجبري أمام قاضي التنفيذ وهذا حق قانوني مقرر للمنفذ ضده، فيقوم قاضي التنفيذ بنظر منازعات التنفيذ الجبري بموجب الإجراءات المحددة قانوناً بإعتبار قاضي التنفيذ هو صاحب الولاية والإختصاص في نظر منازعات التنفيذ التي يحتاج فيها قاضي التنفيذ إلى الإستعانة بالسلطات العامة، إضافة إلى أن منازعات التنفيذ وإجراءاته تحتاج إلى خبرة وولاية قاضي التنفيذ الذي يستطيع توجيه الأوامر إلى الجهات المعنية والنظر والتصرف في منازعة التنفيذ بسرعة بخلاف المحكم الذي يعجز عن القيام بذلك، حيث يحتاج في كل الإجراءات إلى الإستعانة بالمحكمة، فضلاً عن أن حكم التحكيم سيكون قابلاً للإبطال وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون التحكيم وذلك يتنافى مع قواعد وأسس نظر قاضي التنفيذ في منازعات التنفيذ الجبري،وإذا كان من المقرر عدم جواز التحكيم في منازعات التنفيذ الجبري إلا أنه يجوز التصالح بشأن منازعات التنفيذ الجبرية ، وهذا يحدث كثيراً في الواقع العملي حيث يتم إثبات تصالح طالب التنفيذ والمنفذ ضده لدى قاضي التنفيذ بما يفيد إنتهاء منازعة التنفيذ الجبري بالتصالح، إذ لا يترتب على التصالح في منازعة التنفيذ الجبري الآثار التي تترتب على التحكيم في منازعة التنفيذ الإختيار، والله اعلم.*