إدخال السلعة من غير طريق وكيلها الحصري في اليمن

*إدخال السلعة من غير طريق وكيلها الحصري في اليمن*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️إدخال السلعة أو البضاعة إلى السوق اليمنية من غير طريق وكيلها الحصري في اليمن يعد من أعمال المنافسة غير المشروعة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 20-7-2008م في الطعن رقم (31891)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أما بشأن السبب الثاني من أسباب الطعن وهو قول الطاعن بأنه لم يستورد البضاعة من الشركة الموكلة للمطعون ضدها وإنما اشتراها من شخص آخر، فقد تبين للدائرة ان المطعون ضدها هي الوكيل الوحيد في اليمن لتوريد زيوت... بناءً على شهادة قيد الوكالة رقم (...) وتاريخ (....) الصادرة من وزارة الصناعة والتجارة التي تتضمن ان الشركة الطاعنة هي الوكيل الحصري في اليمن في توزيع منتجات الشركة الموكلة وهي مكائن ديزل وزيوت محركات ...إلخ، كما أن الترخيص مجدد حتى تاريخ.....، ولذلك فالمطعون ضدها هي صاحبة الحق في الإستيراد والتوزيع لمنتجات الشركة اليابانية الموكلة، ومن هذا المنطلق لا يجوز لغير الوكيل المعتمد توزيع منتجات الشركة المشمولة بالوكالة بإعتبار ذلك منافسة غير مشروعة، ومن ثم فما قضت به الشعبة تأييداً لحكم المحكمة الابتدائية التجارية ما هو إلا تطبيقاً صحيحا لأحكام المادتين (6 و15) من قانون تنظيم وكالات وفروع الشركات والبيوت الأجنبية بما في ذلك الحكم على الطاعن بتعويض المطعون ضده بدفع نسبة 5% من قيمة البضاعة ودفع مصاريف الدعوى نسبة 5%)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضع القانوني للوكيل التجاري في اليمن:*
➖➖➖➖➖

*▪️يستمد الوكيل التجاري للشركة الأجنبية في اليمن يستمد مركزه القانوني وصفته القانونية من عقد الوكالة المبرم فيما بينه وبين الشركة الأجنبية الموكلة له بإعتبار هذا العقد شريعة المتعاقدين، فهذا العقد يلزم الشركة الأجنبية المنتجة بعدم توريد منتجاتها إلى السوق اليمنية إلا عن طريق وكيلها الحصري في اليمن، وهذا هو مقتضى عقد الوكالة التجارية وغايته، ومن جانب آخر فان الوكيل الوطني للشركة الأجنبية يستمد صفته ومركزه القانوني من الترخيص الصادر له من قبل وزارة الصناعة والتجارة الذي يسمح للوكيل التجاري المحلي بمزاولة أعمال الوكالة التجارية للشركة الأجنبية في اليمن حسبما اشار الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الأعباء والمصاريف التي يتكبدها الوكيل التجاري المحلي والمنافسة غير المشروعة:*

➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بان إدخال المنتجات إلى السوق اليمنية عن طريق الوكيل التجاري الحصري من أعمال المنافسة غير المشروعة، لان الذي يقوم بإدخال السلع والمنتجات إلى اليمن من غير طريق الوكيل التجاري في اليمن يكون قد سلك غير الطريق القانوني المحدد لاستيراد السلع إلى البلاد، وبذلك فأنه يكون قد باشر عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة، إضافة إلى أن الوكيل التجاري الحصري قد قام بتأسيس الوكالة في الماضي واشهارمنتجاتها في السوق عن طريق التسويق والإعلان وإشهار المنتجات، وقدم الوكيل في هذا السبيل المال الوفير وبذل الجهد والوقت في هذا السبيل على أمل الحصول على الأرباح المجزية مستقبلاً، كما أن الوكيل الحصري يقوم بدفع الضرائب والجمارك وغيرها من الإلتزامات، في حين يقوم غيره بإستيراد وإدخال المنتجات ذاتها إلى السوق اليمنية لمنافسة الوكيل التجاري المعتمد ، ولذلك فلا شك أن ذلك ضرب من أعمال المنافسة غير المشروعة.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: نطاق الحظر القانوني لإستيراد المنتجات من غير طريق الوكيل:*
➖➖➖➖➖

*▪️نصت المادة (6) من قانون تنظيم الوكالات على أنه: (لا يجوز مزاولة أعمال وكالة إحدى الشركات أو البيوت الأجنبية في الجمهورية إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق من الوزارة) وقد كان هذا النص محل البحث والمناقشة والخلاف في الحكم محل تعليقنا، حيث قضى هذا الحكم بأن هذا النص القانوني يفيد العموم أي أن حكمه يشمل أية عملية إدخال للمنتجات إلى اليمن من غير الوكيل سواء أكان الشخص الذي أدخلها إلى اليمن قد اشتراها من الشركة المنتجة الموكلة أو اشتراها من السوق الدولية أي من غير الشركة، لان الطاعن في الحكم محل تعليقنا كان يدفع بأنه قام بشراء البضاعة من غير الشركة المنتجة وإنما اشتراها من شخص آخر في دولة في دولة مجاورة وقام بشحنها إلى اليمن، فسند الحكم محل تعليقنا أن المادة (6) قد منعت مزاولة أعمال الوكالة من غير ترخيص، وهذا النص ينطبق على غير الوكيل الحصري الذي يقوم بشراء البضاعة من الخارج وإدخالها إلى السوق اليمنية لبيعها، لان هذا الشخص غير مرخص له بجلب منتجات الشركة التي لديها وكيل في اليمن، إضافة إلى أن الحكم محل تعليقنا قد أستند إلى المادة (15) من قانون الوكالات التي نصت على أنه "يجب على من يستورد السلع والمنتجات إلى السوق اليمنية أن يضع له ختما يذكر فيه اسمه الكامل واسم الشركة...إلخ، وهذا يعني أنه ينبغي عليه ان يسجل نشاطه لدى الجهة المختصة قانوناً وان يحصل على ترخيص بذلك، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بتعويض الوكيل الحصري نسبة (5%) من قيمة البضاعة التي قام بإستيرادها غير الوكيل وفقاً للقواعد العامة، على أساس ما فات على الوكيل من كسب وما لحقه من ضرر محقق، إضافة إلى أن قانون الوكالات قد قرر عقوبات على مخالفة أحكامه ومنها: الإستيراد من غير طريق الوكيل، وقد نص قانون تشجيع المنافسة ومنع الإحتكار على إستثناء أعمال الوكالات التجارية من الخضوع لاحكامه حسبما ورد في المادة(4 ) فقرة( ب) كما ذكر قانون تشجيع المنافسة في المادة (8) فقرة (5) ان الأفعال التي تعتبر من قبيل المنافسة غير المشروعة، حيث ذكرها هذا النص على سبيل المثال وليس الحصر،  ومما يجدر ذكره انه في حالات كثيرة يقوم غير الوكيل بإدخال البضاعة إلى اليمن عن طريق التهريب وعندئذ تجتمع في هذه الحالة جرائم ومخالفات عدة، والله اعلم.*