الإتفاق المسبق على غرامة التأخير

*الإتفاق المسبق على غرامة التأخير*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️في حالات كثيرة يتفق المتعاقدون على تحديد غرامة تأخير اذا لم يقم المتعاقد بتنفيذ إلتزامه في الوقت المتفق عليه أي اذا تاخر المتعاقد عن تنفيذ إلتزامه أو سداد مابذمته في الوقت المحدد المتفق عليه حيث يتم تقدير الغرامة على اساس كل يوم تأخير، فيتم تقدير هذه الغرامة بمبلغ معين عن كل يوم تأخير او نسبة معينة من قيمة العقد ، ومع ذلك قد لايحدث ضرر او يفوت كسب جراء التأخير، وتثير مسألة الإتفاق  المسبق على تحديد غرامة التأخير  جدلاً واسعاً في الفقه الشرعي والقانوني،  وقد المح الحكم محل تعليقنا إلى هذه المسألة حسبما ورد في الطعن رقم (31124) الذي ورد ضمن أسبابه: ((وإن كان الإتفاق السابق بين الطرفين يحتمل  العمل بما ورد في بنود ذلك الإتفاق، ولكنه لا يحتمل ما ورد في البند (سادساً) من الإتفاق بشأن غرامة التأخير كما ان ذلك سيؤدي إلى تعدد إحتساب الفوائد مما يستوجب النقض الجزئي بشأن هذه الجزئية)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية غرامة التأخير اوغرامة تأخر المتعاقد عن تنفيذ التزامه في الوقت المتفق عليه:*
➖➖➖➖➖

*▪️تتضمن العقود المختلفة في حالات كثيرة بنداً ينص على أنه "على المتعاقد القيام بالعمل أو الوفاء بالإلتزام أو سداد أو تسليم الشيء المتفق عليه في العقد خلال المدة المتفق عليها المحددة في العقد فإن لم يقم المتعاقد بذلك خلال المدة المتفق عليها في العقد فأنه يدفع مبلغ مقطوع عن كل يوم تأخير او نسبة مئوية معينة من المال المتفق على تسليمه كما قد يكون الإتفاق المسبق على أنه إذا لم يقم المتعاقد بتنفيذ الالتزام في الميعاد المتفق عليه فإن للمستفيد من الإلتزام ان يقوم بتنفيذ ذلك الإلتزام على نفقة الملتزم الذي تخلف عن تنفيذ التزامه في الوقت المحدد"، وقد تكون غرامة التأخير عبارة عن الزام المتخلف عن الإلتزام بدفع المبالغ التي سبق للدائن ان اعفاه منها، حيث تتضمن إتفاقيات جدولة مديونيات البنوك  مع المدينين المتعثرين في البند الثاني أن البنك قد اعفى المدين من مبلغ كذا من حال المديونية ثم تتضمن المديونية في البند السادس على أنه إذا لم يقم المدين بسداد اقساط المديونية على الوقت المحدد في إتفاقية جدولة المديونية فإنه يجب عليه ان يدفع المديونية كاملة بما فيها المبالغ التي اعفاه البنك منها مثلما وقع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الهدف من تحديد غرامة التأخير في بعض العقود:*
➖➖➖➖➖

*▪️لا ريب أن الهدف من ذلك هو حمل الملتزم على تنفيذ التزامه أو الوفاء به في الوقت المحدد في العقد، ولذلك فأنه من المستبعد في حالات كثيرة أن يكون الهدف من الإتفاق المسبق  هو التعويض، لان الضرر المستوجب للتعويض لا يحدث إلا لاحقاً، فلا يعرف المتعاقدان حين إبرام العقد نطاق الضرر ولا قدر التعويض.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: موقف الفقه الإسلامي من الإتفاق المسبق على غرامة التأخير أو الإتفاق المسبق على تقدير التعويض عن التأخير:*
➖➖➖➖➖

*▪️يرفض جمهور الفقه الإسلامي فكرة الإتفاق المسبق على فرض غرامة التأخير او الإتفاق على تحديد مقدار التعويض عن التأخير في الوفاء بالإلتزام أو تنفيذه، للغرر الفاحش الذي يشوب هذا الإتفاق المسبق على أمر في المستقبل قد يحدث وقد لا يحدث إضافة إلى أنه إذا حدث في المستقبل فلا يعلم المتعاقدان حين إبرام العقد قدر الضرر أو قدر التعويض المستقبلي عن التأخير كما أنه قد لايحدث ضرر او يفوت كسب جراء التأخير ، ولذلك فإن هذا الغرر الفاحش يفضي إلى النزاع وعدم طيبة الأنفس عند فرض التعويض أو الغرامة على المتعاقد المتخلف عن تنفيذ التزامه (فقه المعاملات المالية المعاصرة، أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين، ص275).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: موقف القانون اليمني من الإتفاق المسبق على تحديد غرامة التأخير او التعويض عن التاخير:*
➖➖➖➖➖

*▪️لم يجز القانون المدني غرامة التأخير إذا لم يلحق المتعاقد ضرر جراء التأخير لكن القانون المدني اجاز للمتعاقدين الإتفاق المسبق على مقدار التعويض غير أنه نص على أنه إذا زاد التعويض المتفق عليه عن الضرر الذي يلحق بالمتعاقد بالفعل فيجوز للقاضي إنقاص  التعويض حتى يكون على قدر الضرر الذي لحق بالمضرور فعلاً، كما ان القاضي لايحكم بتعويض اذا كان الضرر قد وقع نتيجة خطأ صاحب الحق في الإلتزام حيث نصت المادة (348) مدني على أنه: (يجوز الإتفاق مقدماً على مقدار التعويض، وفي جميع الأحوال يجوز للقاضي ان ينقص  مقدار التعويض أو لا يحكم بتعويض إذا كان صاحب الحق قد اشترك بخطئه في إحداث الضرر أو زاد فيه).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الخامس: موقف الحكم محل تعليقنا من غرامة التأخير والإتفاق المسبق على التعويض:*
➖➖➖➖➖

*▪️من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نجد أنه قد ابطل الإتفاق على غرامة التأخير والمح إلى جواز الإتفاق المسبق على التعويض شريطة أن يكون التعويض على قدر الضرر المحقق الذي لحق بالمضرور او الكسب المحقق الذي فات نتيجة التأخير في تنفيذ الالتزام، ولهذه الغاية فقد قضى  الحكم محل تعليقنا بالنقض الجزئي للفقرة المتعلقة بغرامة التأخير وارشد الشعبة الاستئنافية إلى تقدير التعويض على اساس الضررالمحقق والكسب المحقق الذي فات، والله اعلم.*