*مدة الفصل في الخصومة التحكيمية*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️يجب على هيئة التحكيم أن تفصل في الخصومة التحكيمية خلال المدة التي اتفق عليها الخصوم والمحددة في إتفاق التحكيم حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-11-2017م في الطعن رقم (59950)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والبين أن الطرفين قد سلكا طريق التحكيم إلا أن هيئة التحكيم لم تقم بالفصل في النزاع خلال الميعاد المشروط في وثيقة التحكيم ، وحيث قد مضت مدة طائلة منذ تاريخ توقيع الطرفين لوثيقة التحكيم وإختيارهم لهيئة التحكيم دون أن تقم الهيئة بالفصل في الخصومة، فالمعلوم أن اللجوء إلى التحكيم هو مسلك جوازي، ولذلك فان شرط التحكيم لم يعد منتجا حسبما يتمسك به الطاعن، إذ لا مسوغ لقبول طلبه بالعودة إلى إلزام المطعون ضده بإختيار محكم اخر بعد مضي مدة التحكيم دون حسم، وبعد أن تم تمديد المدة المتفق عليها)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: مدى التزام هيئة التحكيم بالشروط الواردة في إتفاق التحكيم بما فيها مدة التحكيم:*
➖➖➖➖➖
*▪️في بعض الحالات يذكر الخصوم في إتفاق التحكيم المدة المحددة لهيئة التحكيم للفصل في النزاع، وعندئذ يجب على هيئة التحكيم الفصل في النزاع خلال المدة المحددة التي اشترطها الخصوم في إتفاق التحكيم، لان هيئة التحكيم تستمد ولايتها من إتفاق التحكيم الذي يعبر عن رضاء وموافقة الخصوم على سلوك طريق التحكيم الذي هو سلوك استثنائي عن الأصل وهو اللجوء إلى القضاء حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا، ومن هذا المنطلق فإنه يجب على هيئة التحكيم أن تفصل في الخصومة التحكيمية بحسب الإجراءات والمدة المتفق عليها في إتفاق التحكيم، وفي هذا المعنى نصت المادة (22) تحكيم على أنه: (يحق لطرفي التحكيم أن يتفقا على الإجراءات التي يتعين على لجنة التحكيم إتباعها فإذا لم يوجد إتفاق فإنه يجوز للجنة أن تتبع ما تراه ملائماً من الإجراءات مع ضرورة مراعاة احكام هذا القانون وعدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات التي تعتبر من النظام العام) كما ورد في المادة (53)تحكيم ضمن حالات بطلان حكم التحكيم الإشارة إلى مدة التحكيم وذلك في الفقرة (أ) من المادة (53) تحكيم التي نصت على بطلان حكم المحكم (إذا لم يوجد إتفاق تحكيم أو انتهت مدته) فهذا النص دليل قاطع على وجوب فصل هيئة التحكيم في الخصومة التحكيمية خلال المدة المحددة في إتفاق التحكيم وإلا كان حكمها باطلاً.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مدة التحكيم في قانون التحكيم وتوصيتنا للمقنن اليمني:*
➖➖➖➖➖
*▪️حددت غالبية قوانين التحكيم في الدول العربية مدة التحكيم بستة أشهر أو مائة وثمانون يوماً حيث يجب على هيئة التحكيم ان تفصل في الخصومة التحكيمية خلال هذه المدة، واجازت بعض القوانين تمديد تلك الفترة، حيث يتحتم على هيئة التحكيم أن تفصل في الخصومة التحكيمية خلال المدة المحددة في القانون إذا لم يتفق الخصوم على مدة خلاف ذلك أما قانون التحكيم اليمني فلم يحدد مدة لفصل هيئة التحكيم في الخصومة، ولذلك تطول إجراءات التحكيم في اليمن مثلها في ذلك مثل إجراءات التقاضي، وبذلك يفقد خيار التحكيم أهميته كوسيلة إختيارية سريعة للفصل في النزاعات، ولذلك فأننا نوصي المقنن اليمني بتحديد مدة للفصل في خصومة التحكيم كما هو الحال في كثير من قوانين التحكيم العربية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: وسيلة عزل التحكيم إذا طالت مدة إجراءات الفصل في الخصومة:*
➖➖➖➖➖
*▪️يلجأ بعض الخصوم عند إطالة إجراءات الفصل في الخصومة التحكيمية إلى المطالبة بعزل المحكم بإعتبار إطالة إجراءات التحكيم عجز من المحكم عن الفصل في الخصومة إذا كان سبب عدم الفصل في الخصومة يرجع للمحكم وليس إلى الخصوم، وسندهم في ذلك المادة (25) تحكيم التي نصت على أنه لم يتمكن المحكم من أداء مهمته مما يؤدي إلى عرقلة إستمرارية إجراءات التحكيم ولم يتنح فإنه يجوز للطرفين أو احدهما طلب عزله، مع أن الأصل أن أسباب عزل المحكم هي عجز المحكم الذي قد يكون بسبب فراره من الدولة أو مرضه أو سفره الطويل أو سجنه أو اعتقاله وغير ذلك ،حيث ان موجبات عجز المحكم ليست محصورة وإنما السبب الجامع لها مجتمعة هو عجز المحكم عن الفصل في القضية خلال مدة معقولة إذا ثبت أن ذلك يرجع إلى المحكم، والله اعلم.*