*فك الرهن لا يدل على سداد الدين*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️عقد القرض مستقل عن عقد الرهن فلا تلازم بين العقدين وان اتحدت اطراف العقدين ، فالاستقلال بين العقدين يترتب عليه ان فك الرهن وإطلاق المرتهن للمال المرهون لا يدل بالضرورة على سداد المدين الدين وانقضاء حق الدائن في الدين حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 25/5/2013م في الطعن رقم (52456)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه انه قد اعتمد على المذكرة الصادرة من البنك المرتهن الطاعن إلى السجل العقاري بفك العقار المرهون لصالح البنك حيث اعتبر الحكم تلك المذكرة دليل على قيام المطعون ضده بسداد الدين الذي بذمته للبنك، لان العقار المرهون كان ضماناً لوفاء المطعون ضده بالدين، والدائرة تجد ان هذا النعي في محله، لان الحكم المطعون فيه قد خالف المادتين (367 و 369) تجاري التي نصت على ان التسوية النهائية للحساب عند إغلاقه وإستخراج رصيده وان مفردات الحساب لمجموعها غير قابلة للتجزئة قبل إغلاق الحساب وإستخراج الرصيد...إلخ فتقرير المحاسب القانوني المختار من قبل المحكمة قد قام بدراسة وفحص حساب المطعون ضده طرف البنك الطاعن ومن خلال ذلك تأكد له ان المطعون ضده لا زال مديناً للبنك الطاعن بمبلغ... وان آخر عملية سحب من الحساب كانت بعد تاريخ المذكرة المحررة من البنك للسجل العقاري بفك الرهن)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: عقدا القرض والرهن: العلاقة والاستقلال بينهما:*
➖➖➖➖➖
*▪️من المسلم به ان كلاً من عقدي القرض والرهن مستقلان عن بعضهما وحيث ان القانون يشترط في عقد الرهن العقاري ان يكون رسمياً تقوم بإعداده الهيئة العامة للأراضي (السجل العقاري) في حين ان عقد القرض أو التسهيل تقوم بإعداده البنوك مع المتعاملين معها، وإذا كان عقد الرهن مستقلا عن عقد الرهن بالمفهوم السابق إلا أن عقد الرهن لا ينشأ إلا ضماناً أو تأميناً للوفاء بقيمة القرض أو مبلغ التسهيل، وبهذا المعنى فان عقد الرهن ضمان أو تأمين لوفاء المدين بمبلغ القرض أو التسهيل، ومن هذا المنطلق فإن قيام الدائن بفك الرهن أو بمخاطبته للسجل العقاري بفك الرهن أو الغاء أو فسخ الرهن لا يعني ان الدائن قد استوفى الدين فقد يكون ذلك لاجل قيام المدين الراهن ببيع العقار المرهون بنفسه وسداد مبلغ الدين وهذا يحدث في الواقع العملي كثيراً، غير أن تصريح الدائن المرتهن بفك الرهن قرينة على الوفاء لكنها قرينة قابلة لإثبات العكس مثلما حصل في الحكم محل تعليقنا، حيث لاحظنا أن المحاسب القانوني المنتدب من المحكمة قد توصل إلى أن الراهن المدين لازال مديناً للبنك بمبلغ... رغم قيام البنك بفك الرهن، ومع العلاقة الوثيقة بين عقدي الرهن والقرض أو التسهيل إلا أنه من المتصور ان يتم عقد القرض من غير أن يكون هناك عقد الرهن، فغالبية القروض بين الأفراد لا يتم تأمينها بعقود رهن بل ان البنوك تمنح البيوت التجارية الكبيرة الموثوقة بها قروضاً وتسهيلات من غير تأمين عقاري (رهن) لان الغرض من الرهن حمل المدين على الوفاء بالدين.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: وظيفة عقد الرهن وهدفه:*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق القول بانه ليس هناك تلازم فيما بين عقد الرهن وعقد القرض أو التسهيل وان كانت الأطراف المتعاقدة في العقدين ذاتها فالبنك يكون في عقد القرض هو المقرض أو الدائن والطرف الثاني في عقد القرض هو العميل أو المدين، وفي عقد الرهن يكون البنك هو المرتهن في حين يكون العميل المقترض هو الراهن، فمع اتحاد المتعاقدين في عقدي الرهن والقرض إلا أن وظيفة وهدف عقد الرهن هو تأمين سداد العميل أو المقترض للقرض في الميعاد المتفق عليه، فإذا قام المدين بسداد الدين بموجب عقد القرض اوالتسهيل فإن عقد الرهن ينتهي بإنتهاء الغاية منه، ولذلك لاحظنا في الحكم محل تعليقنا ان المطعون ضده كان يتمسك بمذكرة البنك إلى السجل العقاري بفك الرهن على انها بمثابة تصريح من البنك بإستيفاء المديونية، لأنه في غالب الحالات لا يصرح الدائن بفك الرهن إلا إذا أستوفى دينه، والله اعلم.*