*إجراءات مطالبة الورثة بدين مؤرثهم*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️من المسلم به في الفقه الإسلامي والقانون ان ورثة المدين لا يسألوا عن دين مؤرثهم إلا في حدود ما آل إلى كل واحد منهم من تركة مؤرثهم، وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا بانه يتعين على محكمة الموضوع أو التنفيذ ان تتحقق من أموال تركة المؤرث المدين ومقدار ما آل منها إلى كل وارث قبل مباشرة إجراءات مطالبتهم بسداد دين مورثهم او مباشرة تنفيذ الحكم في مواجهتهم لإقتضاء دين مؤرثهم حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28-2-2010م في الطعن رقم (36737)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فإن البين من أسباب الطعن انها تدور حول النعي على الشعبة انها اهدرت كل ما تقدم به الطاعنون وخالفت المادتين (206 و 207) مدني، لان الورثة غير ملزمين بسداد الدين الذي بذمة مؤرثهم كونه تصرف بمبلغ الدين اثناء حياته كما ان عقار مؤرثهم لم يكن فيه للورثة الطاعنين أي حصة أو نصيب...إلخ، والدائرة تجد أن نعي الطاعنين صحيح، إذ انهم في استئنافهم أمام الشعبة افادوا بانهم تقدموا أمام محكمة أول درجة بدفع بعدم صحة اختصامهم في الدعوى كون الورثة لا تلزمهم أية حقوق أو ديون على مؤرثهم إلا في حدود ما آل إليهم من تركة مؤرثهم، فقولهم بان المتوفي لم يخلف أي تركة لورثته كان ينبغي على محكمة الموضوع مناقشته للتأكد من صحته، وحيث ان محكمة أول درجة لم تناقش هذا الدفع سلباً أو إيجاباً حسبما نصت عليه المادة (231) مرافعات، لذلك فان عدم مناقشة القاضي لوسائل الدفاع الجوهرية قصور في التسبيب يترتب عليه بطلان الحكم، اما الشعبة فقد تعرضت لذلك في حيثيات حكمها بقولها (ان قول الورثة انه لا يلزمهم سداد ديون مؤرثهم إلا في حدود ما آل اليهم منها صحيح، فالقاعدة ان: (الغُرْم بالغُنْم) إلا أن الشعبة ذكرت ان المادة (344) مرافعات نصت على انه: (من حل شرعاً وقانوناً أو إتفاقاً محل صاحب الحق في التنفيذ حل محله في طلب التنفيذ أو السير في إجراءاته طبقاً للشرع والقانون وإذا فقد المنفذ ضده أهليته أو زالت صفة من يمثله أو توفى هو أو من يمثله جاز لصاحب الحق في التنفيذ ان يطلب التنفيذ على وارثه اومن يمثله شرعاً وقانوناً ولا يكون الوارث أو الممثل الشرعي أو القانوني ملزماً إلا في حدود ما وصل إلى يده من أموال المنفذ ضده ولا يجوز التنفيذ في مواجهة الوارث أو الممثل الشرعي والقانوني إلا بعد مضي سبعة أيام من إعلانهم بالسند التنفيذي) فقد كان الواجب على الشعبة ان تتأكد من صحة تطبيق هذه المادة، لان هذه المادة تعالج حالة وجود سند تنفيذي جاري تنفيذه واثناء التنفيذ توفى المنفذ ضده، ففي هذه الحالة يجوز لصاحب الحق في التنفيذ ان يطلب التنفيذ على وارثه، وصفوة القول انه كان من الواجب على محكمة الموضوع ان تتثبت من ان المتوفى قد خلف مالاً لورثته إذ ان الورثة لا يسألون عن ديون مؤرثهم إلا في حدود ما وصل إليهم من تركته إن وجدت، وعبء إثبات ذلك يقع على المدعي)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: إجراءات توجيه الدعوى إلى ورثة المدين وإثباتها:*
➖➖➖➖➖
*▪️اشار الحكم محل تعليقنا إلى أهمية التفرقة بين الإدعاء على الورثة ابتداءً وبين التنفيذ عليهم بعد حصول مورثهم على السند التنفيذي، ولذلك فان الإدعاء لمطالبة الورثة بسداد الدين الذي بذمة مؤرثهم يستدعي قيام الدائن برفع دعوى يختصم فيها الورثة الحائزين لأموال تركة مؤرثهم المدين وان يثبت حيازتهم لها، لان النص القانوني المشار إليه ضمن أسباب الحكم محل تعليقنا قد صرح بان الورثة لا يسألون عن دين مؤرثهم إلا بالقدر الذي وصل إلى ايديهم، كما ينبغي على الدائن المدعي ان يثبت إنشغال ذمة مؤرثهم المدين بالدين وان يبين مقدار الدين وتاريخه وكافة البيانات المتعلقة به، وكذا ينبغي على المدين المدعي ان يثبت وصول أموال المؤرث المدين إلى ورثته ونوع ومقدار ما آل إلى الورثة ، لان مسئوليتهم عن دين مؤرثهم محدودة بحدود مال المؤرث الذي آل إليهم، ولذلك فقد لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد عاب على الحكم الابتدائي انه لم يتعرض لهذه المسائل وانه كان يجب عليه ان يتعرض لهذه المسائل في سياق مناقشته لدفع الورثة بعدم توجه دعوى دائن مورثهم إليهم لعدم وصول أموال مؤرثهم إليهم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إجراءات تنفيذ الحكم على المؤرث المدين في مواجهة ورثته:*
➖➖➖➖➖
*▪️ناقش الحكم محل تعليقنا في أسبابه هذه المسألة فأشار إلى ان إجراءات تنفيذ الحكم على المؤرث المدين في مواجهة ورثته تقتضي ان يكون هناك حكم قد صدر في اثناء حياة المؤرث ولم تتم إجراءات تنفيذه في مواجهة المؤرث المدين اثناء حياته، حيث يقوم الدائن المحكوم له بتنفيذ الحكم في مواجهة ورثته، وقضى الحكم محل تعليقنا بانه يجب في هذه الحالة ان يثبت طالب التنفيذ ملكية المؤرث المدين للأموال المطلوب التنفيذ عليها ليس هذا فحسب بل أنه يجب على طالب التنفيذ ان يثبت إنتقال الأموال المطلوب التنفيذ عليها إلى الورثة ومقدار ما آل منها إلى كل وارث، لان كل وارث لا يسأل عن دين مؤرثه إلا بالقدر الذي وصل إلى يده بالفعل من تركة مؤرثه، علاوة على أنه يجب على طالب التنفيذ قبل مباشرة إجراءات التنفيذ في مواجهة الورثة ان يتبع الإجراءات القانونية المقررة في المادة (344) مرافعات السابق ذكرها ومنها عدم جواز التنفيذ على الورثة إلا بعد مضي سبعة أيام من تاريخ إعلانهم بالسند التنفيذي المطلوب تنفيذه، والله اعلم.*