*الشكلية في عقد بيع العقار*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️لم يشترط القانون المدني اليمني أية شكلية في عقد بيع العقار حيث نص القانون على إنعقاد ونفاذه طالما قد افصح الطرفان عن رغبتهما في إبرام العقد بأية طريقة بما في ذلك قيام البائع بتحرير إستلام لمبلغ من المشتري على انه ثمن للأرض أو العقار حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 31-12-2012م في الطعن رقم (46965)، الذي قضى ضمن أسبابه بانه ((ولما كان المقرر شرعاً وقانوناً ان العقد إيجاب من أحد المتعاقدين يتعلق به قبول من الآخر أو ما يدل عليهما على وجه يترتب اثره في المعقود عليه ،ويترتب عليه التزام كل من المتعاقدين بما ألتزم به للآخر، فلا يشترط ان يكون العقد بصيغة معينة أو شكل محدد، بل المعتبر ما يدل على التراضي حسبما نصت عليه المادتان (138 و 148) مدني، ويجوز إثبات العقد بأي طريقة من طرق الإثبات حسبما نصت عليه (136) مدني ،وحيث لم يثبت إنتكال الأرض بحكم شرعي وفقاً لأحكام المادتين (538 و 542) مدني فإن ما قضت به محكمة ثاني درجة كان صائباً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: عدم اشتراط الشكلية في عبد بيت العيال في القانون المدني المدني:*
➖➖➖➖➖
*▪️صرح الحكم محل تعليقنا بأن القانون المدني لم يشترط في بيع العقار أية شكلية حيث ينعقد العقد بالإيجاب والقبول أو ما يدل عليهما، وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا بان بيع الأرض محل الخلاف قد انعقد حينما استلم البائع قيمة الأرض وقام بتحرير سند بإستلامه للمبلغ والتزم بتسليم الأرض إلى المشتري لاحقاً، واستند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادتين (138 و 148) مدني حيث نصت المادة (138) على ان: (العقد إيجاب من أحد المتعاقدين يتعلق به قبول من الآخر أو ما يدل عليهما) فمقتضى هذا النص ان إستلام البائع للثمن وتحريره السند بذلك وتضمين السند التزام البائع بتسليم الأرض المبيعة يعبر عن إرادة البائع والمشتري في إبرام عقد البيع حتى ولو لم يتلفظا بالإيجاب والقبول، كما استند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (148) مدني التي نصت على ان: (التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المفهمة والمتداولة عرفاً...إلخ) وبموجب هذا النص فان إستلام البائع للثمن من المشتري وتحريره سنداً بذلك يعبر تعبيرا صحيحاً عن إرادة البائع والمشتري في إنعقاد بيع العقار، وذلك يغني عن تلفظهما بالإيجاب والقبول، ومن خلال ذلك فقد خلص الحكم محل تعليقنا إلى القضاء بعدم اشتراط القانون المدني للشكلية في بيع العقار، وهذا القضاء سديد وفقاً للقانون المدني، وهو القانون العام والشريعة العامة للقوانين،فالقانون المدني قد نظم عقد البيع عامة بما في ذلك عقد البيع العقاري، ولكن الشكلية في عقد البيع العقاري مصدرها القانون الخاص وهو قانون السجل العقاري وقانون التوثيق.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الشكلية في عقد البيع العقاري في قانون السجل العقاري وقانون التوثيق:*
➖➖➖➖➖
*▪️الشكلية في عقد بيع العقار ليست نتاج استحداث قانون السجل العقاري أو قانون التوثيق في اليمن، بل ان الشكلية في عقد البيع العقاري ضاربة اطنابها في التاريخ منذ عصر الأمام يحي شرف الدين رحمه الله عام 975هـ حيث اتخذ عقد البيع العقاري شكل البصيرة منذ ذلك الحين وحتى الآن ، ولم يتغير هذا الأمر بعد صدور قانون السجل العقاري أو قانون التوثيق حيث ظل عقد البيع يتخذ شكل البصيرة حيث ظل عقد البيع يحرر فيما يسمى بالبصيرة فيتم توثيقها لدى قلم التوثيق ويتم تسجيل البصيرة في السجل العقاري، وبناءً على ذلك صارت البصيرة هي الوسيلة الشرعية والقانونية الرسمية أي المحرر الرسمي المعد قانوناً لإثبات البيع العقاري، فلا يتم تسجيل البيع العقاري ولاتوثيقه إلا إذا اتخذ شكل البصيرة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: حجية البيع العقاري غير الشكلي والشكلي:*
➖➖➖➖➖
*▪️يقرر القانون المدني ان البيع العقاري إذا تم بلفظه أو ما يدل عليه يكون لازماً ولو لم يتم تحريره على هيئة بصيرة حسبما سبق بيانه بإعتبار العقد شريعة المتعاقدين، وهذا ما قضى به الحكم محل تعليقنا، غير ان الحجية في هذه الحالة تكون قاصرة على المتعاقدين فقط فيحق لأي من المتعاقدين ان يحمل الآخر على تنفيذ التزامه العقدي جبراً مثلما قضى الحكم محل تعليقنا الذي قضى بإلزام البائع بتسليم الأرض المباعة بموجب سند إستلام ثمنها ،غير ان العقد في هذه الحالة لا يكون محرراً رسمياً كما انه لا يكون حجية في مواجهة الكافة حيث تكون حجيته قاصرة على اطرافه، ومن المقرر في قانون السجل العقاري والتوثيق ان إثبات الملكية العقارية لا يكون إلا كتابة، وعند إثباتها كتابة لا يجوز دحض الإثبات الكتابي إلا كتابة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع:حجية سندات القبض الصادرة من الجمعيات السكنية:*
➖➖➖➖➖
*▪️تقوم بعض الجمعيات السكنية أو القائمين عليها بتحرير سندات قبض أو استلام لمبالغ مالية من بعض الموظفين مقابل قطع من الأرض يتم تحديد مساحتها في سند القبض أو الاستلام ،ويختلف تكييف هذه السندات باختلاف الوضعية القانونية للجمعية،فاذا كانت الجمعية قد اشترت الأرض من مالكها وحازتها وبعد حيازتها قامت بتحرير الاستلام أو السند فانه يلزمها تسليم الأرض مثلما قضى الحكم محل تعليقنا، أما إذا اقتصر دور الجمعية على دور الوسيط فيما بين مالك الارض والموظفين فان الجمعية لاتكون ملزمة بتسليم الأرض أو التعويض عنها إذا انتكلت ،لأن إلتزام الجمعية في هذه الحالة يكون إلتزاما ببذل عناية وليس تحقيق نتيجة، والله أعلم.*