*الحكم لمن لم يكن خصماً في خصومة التحكيم*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بان الحكم لمن لم يكن خصماً في خصومة التحكبم يجعل حكم التحكيم باطلاً بإعتبار ذلك يخالف النظام العام حسبما ورد في الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-9-2018م في الطعن رقم (59769)، وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم ((وحيث ان الحكم الاستئنافي المطعون فيه لم يكن موافقاً من حيث النتيجة فيما قضى به واستند إليه ،لان الثابت ان المحرر مستند الدفع رقم التشريف لم يكن للطاعن أي توقيع عليه كما ان الشعبة لم تناقش أسباب دعوى بطلان حكم التحكيم لقضائه لمن لم يكن طرفاً في الخصومة، فكان على الشعبة التحقق من ذلك كونه من النظام العام وفقاً لنص المادة (53) تحكيم الأمر الذي يستلزم قبول الطعن موضوعاً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: سند الحكم محل تعليقنا في تقريره بأن الحكم لمن لم يكن خصماً في خصومة التحكيم من النظام العام:*
➖➖➖➖➖
*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في ذلك إلى المادة (53) تحكيم التي نصت في الفقرة ( ز) على انه: (لا يجوز طلب إبطال حكم التحكيم إلا في الأحوال الأتية: - ز- إذا خالف حكم التحكيم أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام) حيث اعتبر الحكم محل تعليقنا ان حكم التحكيم إذا تضمن الحكم لمن لم يكن خصماً في خصومة التحكيم يكون مخالفاً للنظام العام وهذا الإجتهاد سديد لان الحكم لمن لم يكن خصماً في خصومة التحكيم يخالف قاعدة (نسبية الأحكام) التي تعني بان حجية الأحكام تكون قاصرة على الخصوم الذين مثلوا أمام القضاء أو هيئة التحكيم تمثيلاً صحيحاً فالمحكم في هذه الحالة لا ولاية فيما يتعلق بالخصم الذي حكم له ،لان ولاية المحكم تتأسس على أساس إتفاق التحكيم ،فالمحكم يستمد ولايته من إتفاق التحكيم الذي يحدد نطاق الخصومة التحكيمية من حيث الخصوم والموضوع والإجراءات، ومن هذا المنطلق فلا ولاية للمحكم بالنسبة لمن لم يكن خصماً في الدعوى.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: النظام العام في التحكيم والحكم لمن لم يكن خصماً في خصومة التحكيم:*
➖➖➖➖➖
*▪️النظام فكرة سامية هلامية غامضة تستمد سموها من غموضها ومرونتها ،حيث تمتد هذه الفكرة إلى كافة فروع القانون والاقتصاد والسياسة والاجتماع...إلخ، إضافة إلى ان فكرة النظام العام نسبية تختلف بإختلاف القوانين، وبالنسبة لقانون التحكيم نجد انه قد صرح في الفقرة (هـ) من المادة (5) بعدم جواز التحكيم في (كل ما يتعلق بالنظام العام) كما ان قانون التحكيم ينص في المادة (32) بان على لجنة التحكيم (عدم الاخلال بأحكام قانون المرافعات التي تعتبر من النظام العام) علاوة على ان قانون التحكيم في المادة (53) فقرة ( ز) قد صرح بان مخالفة حكم التحكيم للنظام العام تكون حالة من حالات بطلان حكم التحكيم، ولم يحدد قانون التحكيم ماهية النظام العام وتطبيقاته في قانون التحكيم حيث ترك ذلك لإجتهاد القضاء، وقد اجتهد الحكم محل تعليقنا في قضائه بان الحكم لمن لم يكن خصماً في خصومة التحكيم مخالف للنظام العام ،وقد ذكرنا وجه المخالفة في الوجه الأول.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: عدم توقيع الخصم على رقم تشريف حكم التحكيم:*
➖➖➖➖➖
*▪️اشار الحكم محل تعليقنا إلى عدم حجية التشريف على حكم التحكيم إذا لم يقم الخصم بالتوقيع بما يفيد تشريفه للحكم، ومعنى تشريف حكم التحكيم هو تصريح الخصم بقبوله بحكم التحكيم ،وهذا التصريح أو التشريف يمنعه من رفع دعوى بطلان حكم التحكيم، لان القاعدة : انه لا يجوز الطعن بالحكم ممن قد قبله صراحة أو ضمناً ،وهذه القاعدة وان كانت قد وردت في قانون المرافعات بالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم إلا أنه من المتفق عليه ان هذه القاعدة تسري أيضاً على أحكام المحكمين فلا يجوز للخصم ان يرفع دعوى بطلان الحكم أمام محكمة الاستئناف إذا كان قد سبق له ان قام بتشريف الحكم، وتشريف حكم التحكيم قد يكون بإفادة تدون في ذيل حكم التحكيم أو على ظهر الحكم يفيد الخصم بتشريفه للحكم أو قبوله به ثم يقوم بالتوقيع أدنى إفادته، وقد تكون الإفادة في مستند مستقل، كما قد تكون في محضر جلسة النطق بالحكم أو في وقت لاحق، وفي بعض الحالات قد يكون التشريف شفوياً حيث يصرح الخصم شفاهة بقبوله وتشريفه لحكم التحكيم ويتم إثبات التشريف الشفوي عن طريق شهادات الشهود كما يتم إثباته بوسائل الإثبات الأخرى، والله اعلم.*