*حائز الوقف أولى بالانتفاع*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بان الأولى بالإنتفاع بمال الوقف من حازه بالفعل وقام بالوفاء بحق الوقف واقام المبرة المخصص لها الوقف حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا بتاريخ 7-10-2018م في الطعن رقم (59969)، الذي ورد في أسبابه ((فقد وجدت الدائرة ان مناعي الطاعن غير سديدة فهي مردوده بما جاء في أسباب الحكم الاستئنافي المطعون فيه بان الدكان المتنازع عليه هو وقف لإقامة محسنة سبيل ماء وما زالت تلك المحسنة قائمة حسبما اثبته الشهود والمعاينة ، حيث ثبت ان الدكان بحيازة المطعون ضده الذي اشترى حق اليد والذي يقوم بالمبرة فليس الدكان حراً كما ذكر الطاعنان فليس هناك أي دليل على ملكية البائع إلى الطاعنين وعلى كونه حراً، مما يدل على ان المطعون ضده هو صاحب الصفة والمصلحة لشرائه اليد ممن سبقوه وحازوا اليد على الحانوت واقاموا السبيل، وهو الآن مقام من قبل المطعون ضده الثابت على الدكان محل النزاع، ولذلك فانه من الواضح ترجيح أدلة المطعون ضده المؤيدة بثبوت اليد وإقامة السبيل)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: نطاق الحيازة لمال الوقف:*
➖➖➖➖➖
*▪️اشترط القانون المدني للحيازة أو الثبوت ان تكون يد الحائز شرعية فلا يكون الغصب سبباً للحيازة، ومقتضى ذلك ان يرضى مالك الرقبة بحيازة الغير لماله أو يسكت على ذلك اما إذا اعترض على الحيازة بأي وجه فلا تكون الحيازة سببا للانتفاع أو التملك حسبما هو مقرر في أحكام الثبوت والحيازة المنصوص عليها في القانون المدني. ولان ملكية الرقبة في أموال الوقف تكون لله تعالى فانه من غير المقبول شرعاً وقانوناً التمسك بالحيازة لتملك الوقف ومؤدى ذلك ان الحيازة مهما طالت مدتها لا تكون سبباً لتملك الوقف، ولذلك فان حيازة مال الوقف تكون حيازة إنتفاع فقط.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: شروط حيازة الإنتفاع بمال الوقف:*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق القول بانه لا مجال للتمسك بحيازة الملك بالنسبة لأموال الوقف وان نطاق التمسك بالحيازة بالنسبة لأموال الوقف يقتصر على حيازة الانتفاع فقط، وهناك شروط عامة لحيازة الانتفاع مقررة في القانون المدني وهي رضاء المالك بالحيازة أو إذنه أو سكوته على الحيازة وهناك شروط خاصة لحيازة الانتفاع بالوقف مقررة في قانون الوقف ولائحة تأجير الوقف، حيث حدد القانون واللائحة المشار إليهما طرق وإجراءات الإنتفاع بالوقف، ومنها ان يقوم المستأجر أو المنتفع بدفع المأذونية المقررة عند انتقال الإنتفاع إليه وان يقوم بالتوقيع على عقد الإيجار المعد من قبل الأوقاف وان يلتزم بالإلتزامات العقدية المقررة في عقد إيجار الوقف وان يلتزم بالإلتزامات المقررة على المستأجر أو المنتفع بالوقف المقررة في القانون المدني وقانون الوقف ولائحة تأجير الوقف، واذا لم وتوفر هذه الشروط فان الحائط يكون معتديا على الوقف.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: تصحيح حيازة الانتفاع بمال الوقف:*
➖➖➖➖➖
*▪️ذكرنا فيما سبق ان القانون قد حدد طريقة وإجراءات الانتفاع بمال الوقف وهي الحصول على إذن هيئة الأوقاف والتوقيع على عقد الإيجار، ولذلك فالواجب الشرعي والقانوني يحتم على الحائز للوقف ان يبادر إلى تصحيح وضع حيازته وانتفاعه بان يلتمس إذن الأوقاف والتوقيع على عقد الإيجار.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: الاولوية في الإنتفاع بمال الوقف:*
➖➖➖➖➖
*▪️تثور مسألة الاولوية في هذا الشأن عندما يتنازع المتنافسون على الإنتفاع بمال الوقف وليس لدى احدهم عقد إيجار من قبل الأوقاف، فقد قضى الحكم محل تعليقنا بان الاولوية تكون في هذه الحالة للحائز الفعلي المعترف بملكية الرقبة للوقف ولذلك لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد استند في قضائه إلى ان الأولى بالإنتفاع بالوقف هو الحائز الذي يقوم بتنفيذ غرض الوقف، وقد كان غرض الواقف في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا هو توفير الماء لعابري السبيل (الطريق) لان الذي يقوم بتنفيذ غرض الواقف أولاً: معترف بملكية الرقبة للوقف وثانياً: لانه يقوم بالفعل بالمبرة التي حددها الوقف وثالثاً: لانه الحائز الفعلي للعين الموقوفة، وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن الحائز المنتفع بالوقف المعترف أولى من المدعي بأن المال حر المنكر لملكية الوقف،غير أنه يجب التنبه لمكايد الخصوم فيما بينهم لإقحام الاوقاف في نزاعاتهم حيث يعمد بعض الخصوم أثناء الخلاف بينهم باستئجارالارض محل النزاع من الاوقاف مع أنها في الحقيقة ليست من اموال الوقف، وبعضهم الآخر يدعي أن الأرض محل النزاع من اموال الوقف ويطلب ادخال الاوقاف في النزاع في حين أن الأرض ليست من اموال الوقف حيث يتم اقحام الاوقاف في نزاعات لاناقة لا ولاجمل لها فيها وتكبيد الاوقاف نفقات ومصاريف،والواجب يقتضي على الاوقاف أن لاتستجيب لمكايد الخصوم وان تتاكد من صحة وسلامة المستندات التي تدل على أن الأرض محل النزاع من اموال الوقف، والله أعلم.*