حدود تفسير الحكم في القانون اليمني

*حدود تفسير الحكم*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*


➖➖➖➖➖

*▪️يثور النقاش والجدل بين الوقت والآخر بشأن حدود تفسير الحكم ووجهة طلب التفسير، وقد صدر حكم حديث من المحكمة العليا قضى بعدم جواز طلب تفسير حيثيات حكم بأكمله، وهذا الحكم هو الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ5ديسمبر2021 ،وقد قضى الحكم في أسبابه ((حيث لا يجوز طلب تفسير حيثيات حكم بأكمله لان ذلك يظهر عدم الفهم وعدم الدراية، فحيثيات الحكم واضحة في كل ما اشتملت عليه من فقرات والظاهر ان طالبي التفسير قد ارادوا برفع الطلب عرقلة إجراءات التنفيذ فيما تبقى فيها لإستكمال تنفيذ منطوق السند التنفيذي، وما يستحق الإشارة إليه هو توجيه المحكمة الابتدائية بعدم الاستجابة لهذه الطلبات كون السند التنفيذي بما قضى به هو المراد تنفيذه وليس قرار المحكمة العليا المتعلق بموضوع آخر وهو التقرير بإزالة حكم لا سند له قانوناً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: تفسير الحكم في قانون المرافعات اليمني وحدود التفسير:*
➖➖➖➖➖

*▪️اجازت المادة (256) مرافعات للمحكمة التي أصدرت الحكم ان تفسر الغامض من حكمها حيث نصت هذه المادة على أنه (للمحكمة بناءً على طلب الخصوم ان تفسر ما غمض في حكمها بقرار تصدره بعد سماع أقوال الخصوم ويثبت القرار على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه كاتب وهيئة المحكمة ويؤشر به على الصورة المسلمة للخصوم ويكون قرار التفسير قابلاً للاستئناف إذا كان الحكم قابلاً له أصلاً) ومن خلال استقراء هذا النص نجد ان تفسير الغامض في الحكم جوازي وليس وجوبي كما يظهر لنا ان التفسير يتحدد في الغامض من منطوق الحكم، لان الحكم هو المنطوق وهو الذي يتم تنفيذه إختياراً أو جبراً.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: المقصود بتفسير الحكم عند شراح القانون:*
➖➖➖➖➖

*▪️يقول الدكتور فتحي والي في كتابه القيم (الوسيط في قانون القضاء المدني صـ685) (ليس المقصود بتفسير الحكم البحث عن إرادة القاضي الذي اصدره كما هو الحال عند تفسير العقد، ذلك ان الحكم ليس تصرفاً قانونياً وإنما هو عمل تقديري، ولهذا فان تفسير الحكم لا يكون بالبحث عن إرادة القاضي وإنما يتحدد بما يتضمنه الحكم من تقدير، فيكون تفسير الحكم بالبحث في العناصر الموضوعية التي تكون الحكم ذاته منفصلاً عن إرادة القاضي الذي اصدره، ولذلك يجوز ان يقوم بتفسير الحكم غير القاضي الذي اصدره، ولا يتم اللجوء إلى تفسير الحكم إلا إذا تضمن الحكم غموضاً أو ابهاماً فهنا تظهر الحاجة لمعرفة تقدير المحكمة التي اصدرت الحكم) وتصرح المادة (192) مرافعات مصري بان طلب تفسير الحكم لا يقبل إلا إذا كان متعلقاً بتفسير المنطوق، وقد اشار استاذنا المرحوم الدكتور أحمد أبو الوفاء معلقاً على هذه المادة بقوله (على انه يجب ان لا يؤخذ الأمر على نحو شكلي إذ المنطوق قد يوجد في الوقائع أو في الأسباب بحيث تكون هذه جزءاً لا يتجزاء من المنطوق – التعليق على قانون المرافعات صـ1102) ويفهم من كلام استاذنا المرحوم ابو الوفاء ان حدود ونطاق التفسير يتعلق بالغامض من منطوق الحكم وبالوقائع والأسباب التي افضت إلى هذا الغموض، لان التفسير في هذه الحالة يقتضي التعرض لتلك المسائل، ونحن نؤيد ما ذهب إليه استاذنا الدكتور المرحوم أحمد أبو الوفاء ،وقد صرح الحكم محل تعليقنا إلى أنه لا يجوز طلب تفسير أسباب الحكم جميعها لانها كانت واضحة لا تحتاج إلى تفسير، لان القانون والفقه يقررا عدم اللجوء إلى التفسير إلا إذا كان الحكم غامضاً.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: نسبية الغموض في الحكم ونطاقها:*
➖➖➖➖➖

*▪️الغموض والإيهام مسألة نسبية تتفاوت بتفاوت الافهام والخبرات، ولكن الضابط لها بالنسبة للغموض في الحكم القضائي هو الغموض المؤثر على الشيء المحكوم به سواء أكان وارداً في منطوق الحكم أو افضى إليه الغموض الوارد في وقائع الحكم ووقه متى كانت قد تواردت وأدت إلى الغموض الحاصل في منطوق الحكم المتعلق بالشيء المحكوم به، فإذا كان الغموض في بعض العبارات ليس متصلاً أو مؤثراً في الشيء المحكوم به فلا يكون غموضاً، ومما يجدر ذكره ان استاذنا المرحوم الدكتور أحمد أبو الوفاء يقصد بالغموض في الوقائع: الغموض الحاصل في فهم القاضي لوقائع القضية فذلك هو الذي يؤثر في غموض الشيء المحكوم به، والله اعلم.*