*التعريف بخط كاتب البصائر القديمة وعدالته*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️يكون المحرر صحيحا إذا تم التعريف بخط كاتبه وشهد الشهود بعدالة الكاتب حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 28/8/2017م في الطعن رقم (59052)، الذي قضى ضمن أسبابه: ((بان نعي الطاعن بان الحكم الاستئنافي قد الغي الحكم الابتدائي من غير أساس وان الحكم الاستئنافي قد استند الى مستندين مجهولين عبارة عن وجائد...إلخ، والدائرة تجد ان نعي الطاعن غير سديد لان الحكم الاستئنافي قد أستند في الغائه للحكم الابتدائي وإعماله للمستندين المبرزين من المطعون ضده إلى انه قد ثبت للشعبة صحة المستندين من خلال التعريف بخط كاتبهما ومن خلال الشهادة على عدالة الكاتب)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: إشكالية التعريف بالخطوط في المحررات القديمة:*
➖➖➖➖➖
*▪️المحررات القديمة هي: المحررات التي تثبت ملكية الأراضي كمحررات البيع والهبات والنذور والوصايا والأوقاف وغيرها، ولان هذه المحررات قديمة تم تحريرها في زمن قديم فقد مات كاتبها واطرافها وشهود تحريرها ،ولذلك يتعذر إثباتها عن طريق الاستماع إلى أقوال اطرافها أو شهودها أو كتبتها لانهم قد ماتوا منذ مدة سابقة على الاستدلال بتلك المحررات، ولحداثة نظام التوثيق والسجل العقاري باليمن فان اغلب محررات الملكية عرفية لم يتم توثيقها او تسجيلها أو شهرها بالسجل العقاري، ولذلك فان الوسيلة المتبعة في التأكد من صحة تلك المحررات عند النزاع هو التعريف بخطوط كتبتها وعدالتهم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: ماهية التعريف بالخط:*
➖➖➖➖➖
*▪️هي حضور شهود أمام المحكمة وحلفهم اليمين ومعاينتهم للمحررات محل الخلاف ثم شهادتهم بان تلك المحررات بخط الكاتب المنصوب له المحرر حيث الشهود المعرفون بالخط بانهم قد طالعوا محررات عدة الكاتب الذي حرب المحرر محل الخلاف وان ذلك الخط معروف لدى الشهود، لان لكل كاتب خطه المتميز عن غيره، لا سيما انه في القديم كان من يجيد القراءة والكتابة قلت قليلة من الناس وانه لم يكن هناك امناء متخصصون بتحرير المحررات وان الذين يجيدوا القراءة والكتابة قلة محدودة في كل منطقة ، ولذلك فقد كانت خطوطهم معروفة ومشهورة ومتداولة والوثائق المكتوبة بخطوطهم محفوظة لدى غالبية أهل المنطقة، وقد كان من شأن اليمنيين في المناطق المختلفة الاحتفاظ بالوثائق والمستندات بصرف النظر عن قيمتها أو حجيتها الثبوتية وذلك للاستدلال بها عند التعريف بخط كتبتها، حيث يتم التعريف بالخط، لان لكل كاتب طريقة معينة في كتابة الحروف والنقاط على الحروف فضلاً عن تميز حركة الخط واستقامة الاسطر واختلافها فيما بين كاتب واخر...إلخ، ولذلك يسهل التعرف على الخط بواسطة العين المجردة التي تدرك نوع الخط ومسافاته وقياس الحروف – وبعض القضاة زيادة في الاحتياط يسألوا الشهود عن كيفية تعرف الشاهد على أن الخط في المحرر لشخص معين الخط حيث يتم ابراز المحرر أمام المعرفين بالخط، وطريقة التعريف بالخط على هذا النحو شائعة في اليمن بكثرة حيث يتم اللجوء إليها مثلها في ذلك مثل المعمل الجنائي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: التعرف على الخط عن طريق المضاهاة بين الخطوط والمحررات:*
➖➖➖➖➖
*▪️من طرق التعرف على الخطوط في المحررات القديمة المضاهاة بين الخطوط في أكثر من محرر، والمضاهاة هي عبارة عن مقارنة بالعين المجردة بين الخطوط في أكثر من محرر حيث يستطيع الشخص عن طريق المقارنة بين المحررات ان يتأكد مما إذا كان المحرر القديم بخط شخص معين، فهذه الطريقة من الطرق المتبعة للتعرف على الخط في المحررات القديمة ولا تقل دلالتها عن الطريقة السابقة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: الطريقة الفنية للتعرف على الخط في المحررات القديمة:*
➖➖➖➖➖
*▪️حيث يتم التعرف على الخط في هذه الحالة عن طريق استعمال أجهزة التكبير والقياس للحروف لدى المعمل الجنائي الذي يستعمل اجهزة لتكبير الخطوط ومقارنتها وقياس اطوال الحروف وحجم الخط بين أكثر من محرر منسوب للكاتب، ومن خلال ذلك يتم التعرف على كاتب الخط، وهذه الطريقة قريبة من طريقة المضاهاة بالعين المجردة السابق ذكرها إلا أن المضاهاة بالطريقة الفنية تستعمل فيها الاجهزة الفنية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الخامس: التعرف على عدالة كاتب المحررات القديمة:*
➖➖➖➖➖
*▪️الأصل عدالة الكاتب للمحرر سواء القديم أم الحديث فالمسلمون عدول غير ان هناك كتبة مشهورون بالتزوير قديما وحديثا ، ومن الغريب ان الكتبة المشهورون بالتزوير تستفيض شهرتهم وتنتشر عن طريق المحررات التي كتبوها، فمثلما هناك كتبة مشهورون بالتزوير في العصر الحاضر فهناك كتبة مشهورون بالتزوير منذ أكثر من ثلاثمائة سنة، ولذلك فقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى أن الشعبة الاستئنافية قد تأكدت من صحة المحررين عن طريق الشهود الذين شهدوا بصحة خط الكاتب وعدالته، والله اعلم.*