*الزامية استعراض ملاحظات المحكمة العليا*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️محكمة الإحالة التي تحيل اليها المحكمة العليا نظر القضية ليست ملزمة بتغيير حكمها ولكنها ملزمة استعراض ملاحظات المحكمة العليا على الحكم المنقوض وبيان الاجراءات التي قامت بها محكمة الاحالة بشان ملاحظات المحكمة العليا حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-7-2018م في الطعن رقم (61362)، الذي قضى في أسبابه انه ((وحيث ان قناعة الشعبة قد اتجهت إلى عدم إنزال عقوبة القصاص بقولها في أسباب حكمها: ان الأدلة لا ترقى إلى وجوب الحكم بالقصاص، وبدلاً من ذلك قضت بدية العمد مع مبلغ ثلاثة ملايين اغراماً، وحيث ان نعي أولياء الدم على الحكم المطعون فيه هو عدم التزام الشعبة بما الزمتها به الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا، وحيث ان الشعبة قد ناقشت ملاحظات المحكمة العليا وردت على كل ملحوظة بما يفيد عدم قناعتها بالحكم بالقصاص وتأييد الحكم الابتدائي، وحيث ان مسألة تقدير الأدلة وصحتها في الإثبات ونسبتها للمتهم والأخذ بها من عدمه مسألة موضوعية تختص بها محكمة الموضوع وهي محكمة الاستئناف، ولها كامل الصلاحية ما دام ان الشعبة قد محصت تلك الأدلة وفقاً لملاحظات المحكمة العليا ووفقاً للمادة (431) إجراءات التي نصت على ان: (تتولى المحكمة العليا مراقبة المحاكم في تطبيقها للقانون ولا تمتد رقابتها إلى حقيقة الوقائع التي اقتنعت بثبوتها المحكمة مصدرة الحكم ولا إلى قيمة الأدلة التي عولت عليها في الإثبات إلا في الحالات التي ينص عليها القانون، ولذلك فلا مناص من إقرار الحكم الاستئنافي إستناداً إلى النص السابق فلا تمتد رقابة المحكمة العليا إلى ذلك ما دام ان الشعبة قد فصلت في ملاحظات المحكمة العليا بما تقرر لديها واقتنعت بثبوته مما يتعين معه رفض الطعن)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية توجيهات المحكمة العليا وملاحظاتها:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوظيفة الاصلية للمحكمة العليا هي: الرقابة على التزام أحكام محاكم الموضوع بالقانون وعدم مخالفتها له أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، ومقتضى ذلك ان تقضي المحكمة العليا بإقرار الأحكام الموافقة للقانون وان تنقض كلياً أو جزئياً الأحكام المخالفة، فعند نقض المحكمة العليا للأحكام المطعون فيها المخالفة تبين المحكمة العليا سبب نقضها، وفي سياق ذلك تقدم المحكمة العليا توجيهاتها أو ملاحظاتها أو إرشاداتها لمحكمة الإحالة وهي محكمة الموضوع التي تحيل إليها المحكمة العليا ملف القضية بعد نقض الحكم، وتوجيهات المحكمة العليا هي عبارة عن إرشادات لمحكمة الإحالة أو قاضي الموضوع لتلافي أوجه المخالفة للقانون وليست توجيهات لمحكمة الإحالة بان تقضي على نحو معين أو لصالح الخصم حسبما يفهم بعض الخصوم.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الزامية عرض محكمة الإحالة لملاحظات المحكمة العليا على الحكم المنقوض:*
➖➖➖➖➖
*▪️اشار الحكم محل تعليقنا بانه يجب على محكمة الإحالة ان تستعرض في حكمها ملاحظات المحكمة العليا والاجراءات التي قامت بها ازاء ملاحظات المحكمة العليا عند إعادة نظرها للقضية في ضوء أحكام القانون، غير أنه لايجب على محكمة الموضوع ان تقضي على نحو معين لصالح هذا الخصم أو ذاك ،وانما تقوم باستيفاء الإجراءات القانونية المحددة في توجيهات المحكمة العليا وان تتلافي المخالفات القانونية التي وقع فيها الحكم المنقوض المبينة في ملاحظات المحكمة العليا، اما منطوق الحكم أو النتيجة التي يخلص اليها قاضي الموضوع فانها تخضع لقناعة القاضي الذي تحال إليه القضية وسُلطته التقديرية ووزنه وترجيحه بين الأدلة، لذلك لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد قضى بان لمحكمة الإحالة أن تقضي على نحو ما سبق لها القضاء به في الحكم المنقوض طالما ان محكمة الإحالة قد استوفت الإجراءات التي أرشدتها إليها المحكمة وتلافت الأخطاء التي ارشدت المحكمة العليا إلى تلافيها، اما وزن الأدلة وترجيحها ومدى اخذه بها أو طرحها فانه من السُلطة التقديرية لقاضي الموضوع التي لا تمتد إليها رقابة المحكمة حسبما قضى الحكم محل تعليقنا ،غير انه من المقرر ان رقابة المحكمة تمتد إلى المسائل الموضوعية وتعامل حكم محكمة الموضوع مع الأدلة إذا كان قد ترتب على تطبيق المسائل الموضوعية أو تقدير الأدلة مخالفة للقانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله، والله اعلم.*