*الشقية العرفية*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️الأصل ان يتم تحديد الشقية في عقد الاجارة أو المزارعة، ولكن إذا لم يتم الأتفاق على ذلك فيكون المرجع في ذلك هو العرف السائد في المنطقة أو الوادي حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-12-2018م في الطعن رقم (60758)، الذي جاء في أسبابه ((وقد وجدت الدائرة ان مناعي الطاعن غير سديدة وفي غير محلها فهي على عكس ما ورد في الأوراق وماهو مقرر في العرف بحسب الزمان والمكان كما جاء في أسباب الحكم الاستئنافي المطعون فيه الذي أن الشقية في أواخر عام 2008م كانت مائة الف ريالا عن كل لبنة، وحيث لم يثبت ما يخالف ذلك، ولإنضباط العرف مع طبيعة المواضع المدعى بها فان التوقف على ما قرره الحكم الابتدائي من قدر الشقية يتفق مع الاسانيد التي بني عليها الحكم )) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية الشقية العرفية (حق اليد + العناء):*
➖➖➖➖➖
*▪️يطلق مصطلح (الشقية) في اليمن على شيئين: الأول: مقابل الجهد أو العمل الذي يبذله الشخص فيزيد وينمي المال الأصلية حيث تحسب شقية الشخص في هذه الحالة على أساس نسبة من المال الذي ساهم بجهده في زيادته على المال الاصلي قبل بذل السعي أو العمل، اما المعنى الثاني للشقية: فهو المقابل الذي يستحقه الاجير في الارض عن عمله في سبيل المحافظة على الأرض المؤجرة له وغرسها وإصلاح الاضرار التي قد تلحق بها، والمعنى المقصود في الحكم محل تعليقنا هو المعنى الثاني: أي المقابل الذي يستحقه الاجير أو المستأجر للأرض مقابل الجهد الذي بذله المستأجر في حفظ الأرض وغرسها وتوسعتها وإصلاح الاضرار التي قد تلحق بها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الشقية الشرعية والقانونية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الشقية الشرعية والقانونية هي: استحقاق المستأجر اوالاجير مقابل الأعمال التي قام بها في سبيل حفظ الأرض المؤجرة له وغرسها وإصلاح الاضرار التي قد تلحق بها شريطة ان يأذن له المالك بهذه الاعمال، ويتم تقدير هذه الشقية بحسب (العناء الظاهر) وهي الأعمال الظاهرة التي قام بها المستاجر في الأرض التي يستطيع المستأجر إثبات قيامها بها، فلا يدخل ضمن الشقية الشرعية الأعمال التي لا تظهر آثارها في الأرض لانها خفية يتعذر اثباتها والشريعة تقام على الظاهر، كما ان الشقية الشرعية والقانونية يتم تقديرها على أساس كلفة وقيمة العمل الظاهر الذي قام به الاجير أو المستأجر للأرض حيث تقدر الشقية على هذا الأساس، ومن هذا المنطلق فان المستأجر للأرض لا يستحق شقية إلا إذا كان هناك عمل ظاهر قام به وتقدير الشقية في هذه الحالة يتم بحسب كلفة العمل الذي قام به الاجير فلا تكون الشقية الشرعية والقانونية نسبة من الأرض أو نسبة من قيمتها، فإذا لم يقم المستأجر بأي عمل ظاهر فلا يستحق شقية في الشريعة والقانون لعدم وجود العمل مقابل الشقية.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الشقية العرفية المنضبطة:*
➖➖➖➖➖
*▪️الشقية العرفية تتعلق بنظام المزارعة في اليمن وهو النظام الغالب في اليمن، وفي حالات كثيرة يتم تنظيم الشقية في عقد المزارعة الذي يبرم فيما بين مالك الأرض والمزارع حيث يتضمن عقد المزارعة حقوق والتزامات الطرفين المالك والمزارع، فلا يلجأ إلى العرف إلا عند عدم وجود بند في عقد المزارعة ينظم مسألة ما، وبناءً على ذلك فإن العرف لا يتدخل في تحديد الشقية العرفية الا إذا لم يرد بند في عقد المزارعة، والشقية العرفية في اليمن تختلف بإختلاف المناطق بل بإختلاف الوديان فلكل وادي من الوديان في المنطقة الواحدة عرفه الخاص وسلفه، حيث تجري بعض الاعراف على استحقاق المستأجر للأرض لنسبة من محصول الأرض كالربع والنصف والثلث بحسب العرف السائد في الوادي، وفي بعض المناطق يجري العرف فيها على ان يقوم المزارع بالمزارعة على أساس جزء من الأرض تكون له مقابل زراعته الأرض كلها حيث يكون محصول الجزء الخاص بالمالك للمالك ويكون محصول الجزء الخاص بالمزارع للمزارع ويجري العرف في هذه الحالة على ان لا يمتلك المزارع الجزء من الأرض إلا إذا قام بالمزارعة لمدة معينة طويلة، وفي بعض الحالات تكون الشقية نسبة من قيمة الأرض نفسها بحسب مساحة الأرض كأن يكون على كل لبنة مبلغ معين يلتزم المالك بدفعه إذا قام ببيع الأرض المؤجرة إلى الغير أو قام بتأجيرها إلى الغير حيث ان هذه النسبة من قيمة الأرض تكون مقابل قيام المزارع بزراعة الأرض لحساب المالك، فالشقية العرفية بهذا المعنى تكون المقابل الذي يتقاضاه المستأجر نظير زراعته للأرض.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: الشقية العرفية الفاسدة:*
➖➖➖➖➖
*▪️في الأوجه السابقة عرضنا صور الشقية الشرعية والشقية العرفية المنضبطة أي الموافقة للشرع والقانون، ولاحظنا ان هذه الشقية تكون عوضاً عن عمل أو مقابل عمل، اما الشقية العرفية الفاسدة فهي تلك المخالفة للشرع والقانون التي تعارف عليها الفاسدون فأثمرت العرف الفاسد كالمستاجر للأرض البور التي لا تزرع المملوكة للدولة أو للأوقاف وللأفراد العاديين حيث يطالب المستاجر للأرض غير المزروعة بنسبة من الأرض أو نسبة من قيمتها مقابل الشقية العرفية أو حق اليد العرفية من دون ان يقوم بأي عمل نظير هذه الشقية، ولذلك نجد ان قانون الأوقاف وقانون أراضي الدولة قد منعا مسمى (حق اليد العرفية) كما يندرج ضمن الشقية العرفية الفاسدة مطالبة المستأجرللارض المزروعة للمالك بحق اليد العرفية أو العناء إذا كان المستأجرلم يقم بعمل ظاهر يستحق عليه العناء،اما اجرة المزارعة فقد تقاضاها المزارع كجزء من المحصول السنوي طوال فترة الاجارة، لان الشقية لاتكون الا مقابل العناء الظاهر، فاخذ الشقية من غير ان يقوم المزارع بعمل ظاهريخالف الشرع والقانون، والله أعلم.*