الحكم بإبطال القسمة من غير دعوى

*الحكم بإبطال القسمة من غير دعوى*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*


➖➖➖➖➖

*▪️لا يجوز للقاضي ان يحكم بإبطال القسمة إلا إذا طلب أحد الورثة ذلك وقدم أمام المحكمة الأدلة على توفر حالات إبطال القسمة حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18/11/2018م في الطعن رقم (60277)، الذي قضى في أسبابه ((كما ان ما ذكرته الشعبة في حيثيات حكمها من بطلان فصول القسمة فإن ذلك القول لا محل له لخروجه عن موضوع النزاع، إذ أن إبطال القسمة لابد ان تسبقه دعوى بذلك، ولا وجود لدعوى البطلان مما يجعل الحكم المطعون فيه معيباً بالبطلان مما يستوجب نقضه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: دعوى إبطال القسمة وتكييفها:*

➖➖➖➖➖

*▪️حدد القانون آجال معينة لدعوى إبطال القسمة حسبما ورد في قانون الإثبات كما حدد القانون المدني حالات المطالبة بإبطال القسمة واشترط قانون الإثبات وقانون المرافعات على المدعي ببطلان القسمة ان يبين وجه البطلان وسببه وان يقدم الأدلة على صحة دعواه، واجاز القانون للمدعى عليه ان يرد على دعوى الإبطال وان يبين عدم صحتها، ومن خلال التداعي فيما بين المدعي والمدعى عليه يستبين القاضي الحقيقة، فيكون حكمه عنوانا للحقيقة، اما تكييف دعوى إبطال القسمة فهي تتأسس على أساس ان القسمة بموجب أحكام القانون المدني هي إتفاق رضائي فيما بين الورثة على تقسيم التركة، وتبعاً لذلك يجب ان تتوفر في عقد القسمة الرضائية الأركان والشروط الواجب توفرها في كل عقد، فلا بد من توفر الأهلية الشرعية والقانونية في الورثة المتعاقدين، وكذا يجب ان يكون الإيجاب والقبول صحيحين متطابقين حيث أن كل وارث في إتفاق القسمة يكون موجباً وقابلاً في آن واحد، وهو ما يعبر عنه في القوانين (بالاتفاق) حيث أن هناك فرق بين العقد والاتفاق، ففي الاتفاق يكون كل متعاقد موجبا وقابلا مثل اتفاق القسمة أما في حالة العقد فيكون هناك موجبا وهناك قابل لابجاب الموجب، وبناءً على ذلك يكون اتفاق القسمة عرضةً للإبطال إذا شاب الاتفاق عيب من عيوب الإرادة أو تخلف ركن أو شرط من شروط العقد أو الاتفاق.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: أسباب إبطال اتفاق القسمة:*
➖➖➖➖➖

*▪️سبق القول عند تكييف القسمة الرضائية بانها عبارة عن إتفاق بين الورثة يكون كل واحد منهم موجباً وقابلاً، وبما ان اتفاق القسمة على هذا النحو فإن أسباب بطلانه هي أسباب إبطال العقود الأخرى لتخلف ركن من أركان العقد أو شرط من شروطه أو تعيب إرادة الورثة بأي عيب من العيوب، ومن خلال الوقوف على الواقع العملي نجد ان اغلب دعاوي إبطال القسمات في اليمن تكون بسبب الغبن في القسمة أو إجراء القسمة مع وجود غائبين أو قصار أو وجود عيوب في الوكالات الصادرة من بعض الورثة لاسيما النساء وكذا عدم وجود تكليف من الورثة للقسامين أو الخبراء العدول أو عدم تحرير الفصول الخاصة بكل وارث وكذا عدم تمييز ما يخص كل وارث في الواقع العملي.*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثالث: وجوب تقديم دعوى القسمة:*
➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بوجوب تقديم دعوى القسمة حتى يحكم القاضي بإبطال القسمة إستنادا الى الدعوى التي تضمنت طلب المدعين بإبطال القسمة، فلا يجوز للقاضي ان يحكم بإبطال القسمة إذا لم تكن هناك دعوى إبطال سبق تقديمها، حتى لو ظهر للقاضي من خلال التداعي ان هناك سبب لإبطال القسمة، لان الدعوى هي وسيلة إتصال القاضي بالقضية فضلاً عن ان القاضي متقيد بطلبات الخصوم، والدعوى طلب فلا يجوز للقاضي ان يحكم بإبطال القسمة طالما ولم يطلب الخصوم ذلك، ومع ذلك يحق للقاضي ان يقضي بإبطال القسمة إذا كان سبب الإبطال متعلقا بالنظام العام كوجود قاصر في القسمة كالطفل والمجنون فعندئذ يحق للقاضي من تلقاء نفسه ان يقضي بإبطال القسمة، لان القاضي حارس النظام العام كما ان القاضي هو المسئول عن الرقابة على أموال القاصرين ،فالقانون يصرح بعدم جواز القسمة الرضائية إذا كان هناك بين الورثة قاصر، غير انه كي يقضي القاضي بإبطال القسمة لمخالفتها النظام العام ينبغي ان يتصل القاضي بالموضوع عن طريق دعوى أو طلب أو دفع اوغير ذلك، والله اعلم.*
تعليقات