المتهم المعروف والمتهم المجهول

*المتهم المعروف والمتهم المجهول*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️اجاز القانون للنيابة العامة ان تصدر قرارها بأن لا وجه لإقامة الدعوى موقتا لعدم كفاية الادلة عندما يكون الجاني معروفا أو مجهولا ريثما تتوصل النيابة الى المتهم المجهول أو يتم العثور على أدلة كافية للادانة، ولكن في بعض الحالات يتم الخلط بين المتهم المعروف وغير المعروف أو المجهول حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18/7/2018م في الطعن رقم (61342)، الذي قضى في أسبابه ((أما من حيث الموضوع فانه بالرجوع إلى عريضة الطعن بالنقض فقد وجدت الدائرة ان الطاعنين ينعوا على الحكم المطعون فيه المؤيد لقرار النيابة العامة بانه قد اخطأ في تطبيق القانون، لان النيابة تكونت لديها عقيدة مسبقة بإستبعاد المتهم من التهمة المسندة له متجاهلة الأدلة والقرائن والحقائق الثابتة في ملف القضية التي تدين المتهم المذكور، ومن تلك الأدلة أن المتهم خرج من المحراس وبيده مسدس ولا يوجد غيره في مسرح الجريمة ولا يوجد سلاح غيره، والدائرة تجد ان هذا النعي سديد لما هو ثابت في قرار النيابة العامة المؤيد بالحكم الاستئنافي، فالنيابة العامة التي اصدرت قراراً بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية مؤقتاً لعدم معرفة المتهم بواقعة قتل المجني عليه.... لعدم معرفة الفاعل كونه مجهولا ، فذلك القرار يناقضه الثابت في الأوراق ويتعارض مع أحكام نصوص القانون إذ انه من الثابت في الأوراق ومن قرار النيابة العامة في القضية ان المتهم في هذه القضية وهو المتهم... بقتل المجني عليه... قد كان بجانبه على النحو الثابت في وقائع القرار إلا أن النيابة العامة بعد التحقيق مع المتهم المذكور أصدرت قرارها السابق الإشارة إليه مخالفة بذلك لأحكام المادة (218) إجراءات التي تنص على انه (إذا تبين للنيابة العامة ان مرتكب الجريمة غير معروف أو ان الأدلة ضد المتهم غير كافية تصدر قراراً مسبباً بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية مؤقتاً، ولما كان المتهم في هذه القضية  معلوماً وغير مجهول، حيث تم ضبط المتهم من قبل مأمور الضبط القضائي  واولياء الدم  الذين اتهموه  بقتل مؤرثهم، لذلك فان ما قضت به النيابة العامة بالفقرة الأولى من منطوق قرارها  بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية مؤقتاً لأن المتهم مجهول في واقعة قتل المجني عليه.... وعدم معرفة الفاعل، فان ذلك يكون قضاءً على غير أساس من القانون، فكان الاحرى بالنيابة العامة بعد تسبيبها لقرارها ان تقضي بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية مؤقتاً قبل المتهم لعدم كفاية الأدلة)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: المقصود بعدم معرفة المتهم (المتهم المجهول):*
➖➖➖➖➖

*▪️عدم معرفة المتهم أو الفاعل تعني ان التحقيق الذي تجريه النيابة العامة  والتحريات التي تجريها سلطة الضبط القضائي  تتوصل إلى ثبوت وقوع الجريمة  وعدم الاهتداء الى معرفة الفاعل للجريمة لعدم وجود الشخص في مسرح الجريمة اوعدم وجود أية قرائن أو دلائل على نسبة الفعل إلى شخص معين او عدم  قيام  النيابة بالتحقيق معه على أساس انه المتهم  بارنكابها أو قيام  المجني عليه أو اولياء الدم لأنهام  الشخص بارنكاب الجريمة، وتبعاً لذلك فقد لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد اعتبر المتهم معروفاً لان المتهم كان موجوداً في مسرح الجريمة وقت وقوع حادثة القتل كما ان القرائن قد دلت على ان المتهم الموجود في مسرح الجريمة كان يحمل مسدسا في يده بعد وقوع حادثة القتل ولا يوجد شخصا غيره وكذلك فقد تم  تقديم ذلك الشخص كمتهم امام النيابة التي باشرت التحقيق معه بهذه الصفة ثم تصرفت في التحقيق على  أساس هذه  الصفة، ولاشك ان القرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى قبل ذلك الشخص قد تناقض حينما تضمن ان المتهم في القضية هو فلان وفي الوقت ذاته قضى القرار بأن المتهم المشار اليه غير معروف!!!!.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الفرق بين القرار بان لا وجه لإقامة الدعوى لعدم معرفة الفاعل والقرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة:*
➖➖➖➖➖

*▪️كان الحكم محل تعليقنا قد قضى بنقض الحكم الاستئنافي المؤيد لقرار النيابة بأن لا وجه لإقامة الدعوى مؤقتا لكون المتهم غير معروف وسند الحكم محل تعليقنا في ذلك المادة (218) إجراءات التي نصت على انه (إذا تبين للنيابة العامة بعد التحقيق ان الواقعة لا يعاقب عليها القانون أو لا صحة لها تصدر قراراً مسبباً بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية نهائياً وإذا تبين ان مرتكب الجريمة غير معروف أو ان الأدلة ضد المتهم غير كافية تصدر قراراً مسبباً بأن لا وجه لإقامة الدعوى مؤقتا) فوفقاً لهذا النص كان من الواجب على النيابة ان تصدر قراراً بأن لا وجه لإقامة الدعوى مؤقتاً  في الحالتين  حالة عدم كفاية الأدلة إذا وجدت النيابة أن الأدلة غير كافية لإدانة المتهم حتى تعاود النيابة التحقيق وإقامة الدعوى إذا توفرت الأدلة الكافية لاحقا ،وكذاك الحال في حالة عدم الاهتداء الى فاعل الجريمة حتي يتم  اجراء المزيد من التحريات والتحقيقات لمعرفة الفاعل المجهولً،فالجامع المشترك بين الحالتين أن القرار بأن لاوجه لاقامة الدعوى يكون موقتا في الحالين ويكون كذلك مسببا في الحالين غير ان القرارين يختلفا في تسبيبهما، فاسباب القرار لعدم كفاية الأدلة يتاسس على بيان الادلة المقررة قانونا للادانة وبيان اوجه عدم كفاية الأدلة، أما القرار لعدم معرفة الفاعل فان اسبابه تتاسس على أساس اثبات التحقيقات التي باشرتها النيابة للاستدلال على الفاعل وتوجيهات النيابة للجهات المهنية لاجراء التحريات اللازم لمعرفة الفاعل، والله أعلم.*