حجية القرص المضغوط (السيدي) في القانون اليمني

حجية القرص المضغوط (السيدي)ـ

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
تم توثيق واقعة الإعتداء على منزل وهدمه وحرق محتوياته عن طريق التسجيل الفلمي بواسطة الهاتف النقال فيديو حيث تم تفريغ محتوى هذا التسجيل إلى قرص مضغوط (سيدي) غير ان محكمة أول درجة لم تعتمد على الإثبات بهذه الوسيلة حيث قضت ببراءة المتهمين، اما محكمة الاستئناف فقد قضت بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم بالدعويين الجزائية والمدنية بموجب مبدأ تساند الأدلة واهمها القرص المضغوط (السيدي)، وقد أقرت المحكمة العليا الحكم الاستئنافي حسبما هو ثابت في الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4/7/2018م في الطعن رقم (61294)، الذي جاء ضمن أسبابه ((تجد الدائرة ان ما نعى به الطاعنون المحكوم عليهم في أسباب طعنهم والتي انصبت في مجملها على بطلان الدعويين العامة والخاصة على المتهمين الطاعنين حالياً لان الحكم المطعون فيه قد بني على أدلة غير صحيحة ولا يعول عليها منها الشريط السيدي والفيديو المصور وشهادات متناقضة، وحيث كان من الدائرة العودة إلى أوراق القضية بما فيها شريط السيدي والفيديو التي أوضحت الصور المستخرجة من السيدي والهاتف ما قام به المتهمون من الافعال المسندة اليهم،ولذلك فان ما انتهت إليه محكمة أول درجة قد خالف الثابت في الأوراق حيث اهدرت جميع الأدلة من دون مبرر قانوني فما كان من محكمة الاستئناف إلا إعادة المحاكمة كون النيابة العامة قد استأنفت الحكم الابتدائي حيث خلص الحكم الاستئنافي إلى صحة الدعويين العامة والخاصة وصحة أدلتهما ،لذلك فان ما قضى به الحكم المطعون فيه يوافق القانون) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ماهية القرص المضغوط ودوره في الإثبات:
القرص المضغوط هو عبارة عن قطعة من البلاستيك تتضمن تسجيل الاصوات و الصور الثابتة والمتحركة وكذا المحررات المكتوبة، فالسيدي عبارة عن مخزن لتلك البيانات والمعلومات التي يتم الحصول عليها عن طريق الإنترنت أو عن طريق تسجيل الواقعة وتصويرها بواسطة الهاتف النقال أو كاميرا المراقبة حيث يتم ادخال الصور أو المحررات إلى القرص لاحقاً لعملية التصوير أو الواقعة، وحيث ان هناك وسائط أو الآت تقوم برصد وتسجيل وتصوير الاشياء ثم يتم إدخالها إلى السيدي لتوثيقها فان هناك إحتمال للتلاعب في إدخال المعلومات والبيانات إلى السيدي أو القرص، ومع ذلك فان الاستدلال بالتسجيل أو التصوير المخزون في السيدي يكون قرينة قاطعة إذا افاد الخبير المختص في هذا المجال بان التسجيل أو التصوير لم يتعرض للدبلجة أو تقليد الأصوات وبمعنى آخر ان القرص لم يتعرض للتلاعب في بياناته.
الوجه الثاني: موقف قانون الإثبات اليمني من الإثبات بالقرص المضغوط:
وفقاً لقانون الإثبات اليمني فان القرص المضغوط من القرائن التي اجاز القانون الاستدلال بها فيما يتعلق بالأموال إما فيما يتعلق بالقصاص والحدود فقد منع القانون الاستدلال بها كدليل كامل، إما إستعمالها في الإثبات في الحقوق والأموال فقد اجاز القانون الاستدلال بالتسجيل المخزون في السيدي حسبما ورد في المادة (155) إثبات، وبناءً على ذلك فقد أستند الحكم محل تعليقنا على التسجيل الوارد في القرص المضغوط، وقد كان أهم دليل من أدلة إثبات واقعة هدم المنزل واحراق اثاثه من قبل المتهمين حيث تضمن السيدي تسجيلاً مفصلاً بالصوت والصورة لواقعة هدم المنزل وإحراق محتوياته حيث ظهرت في التسجيل أصوات وصور المتهمين والأفعال التي باشروها.
الوجه الثالث: موقف الفقه العربي من الاستدلال بالقرص المضغوط:
اختلف الفقه العربي في هذه المسألة على ثلاثة ٱتجاهات، الاتجاه الأول: يذهب الى أن التسجيل المخزون في القرص غير شرعي إذا تم من غير إذن النيابة العامة لانه تم تحصيله بصورة غير مشروعة، فلا يكون دليلاً معتبراً إلا إذا كان بإذن الشخص الذي يتم تصويره أو تسجيله أو بإذن النيابة، وان القضاء العربي لم يأخذ بهذا الدليل في قضايا كثيرة ابرزها قضية التهريب المشهورة المسماة (قضية حمصي) الاتجاه الثاني: يجوز الاستدلال بهذه الوسيلة إذا فات إثبات الواقعة بغير هذه الوسيلة، في حين ذهب الاتجاه الثالث: إلى جواز الاستدلال بهذه الوسيلة بإعتبار التسجيل رصدا وتسجيلا للواقعة الاجرامية خاصة إذا تم التثبت من عدم التلاعب في التسجيل ((حجية المستخرجات الصوتية والمرئية، نوف حسين العجارمة، صـ142)) والله اعلم.