*متى لا يكون لجوء المحتكم إلى القضاء تنازلاً عن التحكيم؟*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖➖
*▪️تنص المادة (19) تحكيم على ان متابعة اطراف التحكيم لإجراءات التقاضي أمام المحكمة المختصة يلغي شرط التحكيم، غير ان مجرد مطالبة المحكمة بتنفيذ شرط التحكيم وتصريح المحتكم امام المحكمة بتمسكه بشرط التحكيم لا يلغي شرط التحكيم حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10/4/2021م في الطعن رقم (48244)، الذي قضى بانه ((فيما يتعلق بمنازعة الطاعن بان المطعون ضده عندما رفع دعواه أمام محكمة... الابتدائية فانه يعد مننازلاً عن التحكيم، فان الدائرة تجد أن محكمة الاستئناف قد ناقشت ذلك في أسباب حكمها حيث ورد في أسباب الحكم الاستئنافي أن محكمة أول درجة قد ذكرت في تسبيب حكمها المؤيد من الشعبة الاستئنافية المطعون فيه بما خلاصته: انه بصرف النظر عن مدى جواز او صحة إختيار المطعون ضده لمحكمة... الابتدائية كمحكم من قبله من عدمه فان المستفاد مما ذكره المطعون ضده امامها انه متمسك بشرط التحكيم وبحقه في إختيار المحكم الخاص به، لان الخطأ في كيفية إستعمال ذلك لا يعد تنازلاً عن الحق ذاته...إلخ، وحيث لم تتم موالاة إجراءات المحاكمة امام محكمة... الابتدائية وحيث أنها لم تنظر في موضوع الخلاف، بل الثابت تمسك المطعون ضده بشرط التحكيم في أول حضور له أمام تلك المحكمة، وحيث ان الحكم الاستئنافي قد ناقش هذه المسألة وفقاً لأحكام المواد (2 و 16 و 19) تحكيم، وحيث ان ما اثاره الطاعن لا تتوفر فيه اية حالة من حالات الطعن بالنقض المقررة في المادة (292) مرافعات مما يجعل الطعن غير مقبول موضوعاً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:-*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: التمسك بشرط التحكيم واثره:*
*▪️التمسك بشرط التحكيم عبارة عن إفصاح صريح من قبل المحتكم الذي تقدم أمام المحكمة المختصة بنظر النزاع بانه متمسك بشرط التحكيم الوارد في العقد المبرم فيما بينه وبين خصمه، ومع هذا التمسك لا ينبغي ان يفهم من لجوء الخصم إلى المحكمة بانه قد تنازل عن شرط التحكيم، فلا ينبغي ان يفهم هذا اللجوء بانه تنازل عن التحكيم، في حين ان المحتكم قد صرح أمام المحكمة بانه متمسك بشرط التحكيم طالما أنه لم يطلب من المحكمة الفصل في موضوع النزاع، وقد كان هذا الأمر سنداً من اسانيد الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: مطالبة الخصم المحكمة بتنفيذ شرط التحكيم لا يكون تنازلاً عن شرط التحكيم:*
*▪️كان المحتكم في القضية التي تناولها هذا الحكم قد لجاء إلى المحكمة طالباً منها تنفيذ شرط التحكيم واخطأ التعبير حينما طلب من المحكمة ان تكون هي المحكم المختار من قبله، ولكن هذا الخطأ لا يغير من جوهر طلبه وهو تعيين المحكمين وتنفيذ شرط التحكيم، ولذلك فان لجوء الخصم المحتكم إلى المحكمة للمطالبة بتفيذ شرط التحكيم لا يعد تنازلاً عن شرط التحكيم حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الخوض في موضوع النزاع هو الذي يدل على تنازل المحتكم عن شرط التحكيم:*
*▪️سبق القول ان مجرد قيام الخصم المحتكم بتقديم طلب تنفيذ شرط التحكيم إلى المحكمة المختصة لايعد تنازلاً منه عن شرط التحكيم، ولذلك لاتنطبق عليه المادة (19) تحكيم التي نصت على انه (على المحكمة التي ترفع امامها دعوى متعلقة بخلاف أو نزاع يوجد بشأنه إتفاق تحكيم ان تحيل الخصوم إلى التحكيم ما عدا في الحالات الآتية: -ب- إذا تابع الطرفان إجراءات التقاضي أمام المحكمة فيعتبر إتفاق التحكيم كأن لم يكن) فهذا النص يفيد بان متابعة اطراف التحكيم لإجراءات التقاضي امام المحكمة المختصة وخوضهم في موضوع الخلاف الذي تناوله شرط التحكيم هو الذي يلغي شرط التحكيم، والله اعلم.*