*الحق في إستجواب الخصم*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الاستجواب وسيلة من أهم وسائل الإثبات حيث انها تمكن القاضي من الوقوف على دقائق الخلاف وتفاصيله من افواه الخصوم مباشرة إضافة إلى ان نتيجة الاستجواب تكون إقرارا قضائيا،ولذلك ينبغي على محكمة الموضوع أن لاتتجاهل طلب الخصم إستجواب خصمه حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 21/4/2012م في الطعن رقم (48693)، الذي قضى بانه ((حيث ان نعي الطاعن في محله، ذلك انه بالرجوع إلى محاضر جلسات الشعبة تبين للدائرة من محضر جلسة 21/2/2011م ان ممثل المستأنف ضدها – الطاعنة – بالنقض حالياً قد طلب من الشعبة إعلان المستأنف المطعون ضده حالياً – بالحضور شخصياً لإستجوابه فرفضت الشعبة طلبه خلافاً لأحكام المادة (176) إثبات التي تجيز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب الخصم إستجواب خصمه للإحاطة بجوانب المسألة المتنازع عليها خاصة ان القانون يعتبر الاستجواب دليلاً من أدلة الإثبات حسبما هو مقرر في المادة (13/8) إثبات، خاصة ان وقائع النزاع تقتضي ذلك)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: السند القانوني للحكم بحق الخصم في طلب إستجواب خصمه:*
*▪️استند الحكم في قضائه إلى المادة (176) إثبات التي نصت على انه (يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب الخصم إستجواب خصمه للإحاطة بجوانب المسألة المتنازع عليها، ويكون توجيه الأسئلة للخصم عن طريق المحكمة أو من تنتدبه لذلك من قضاتها أو قضاة المحاكم الأخرى ويبدأ بتوجيه الأسئلة التي ترى المحكمة أو القاضي المنتدب توجيهها ثم اسئلة الخصم، وللخصم المستجوب الإجابة فان امتنع اثبت إمتناعه في المحضر وسببه إن وجد ولا يخل ذلك بما تستنبطه المحكمة من قرائن تفيد في إثبات أو نفي الحق المتنازع عليه) ومن خلال إستقراء النص يظهر ان صيغته جوازية وليست وجوبية، فإستجابة المحكمة لطلب الخصم بإستجواب خصمه أمر جوازي، فللمحكمة ان تستجيب أو لا تستجيب للطلب، فإستجواب الخصم يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: محددات السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في الاستجابة لطلب الخصم إستجواب خصمه:*
*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بانه كان يتحتم على الشعبة الاستئنافية الاستجابة لطلب الخصم باستجواب خصمه لان المسائل التي اثارها الخصم الطالب للاستجواب في طلبه كانت جوهرية يترتب عليها تغيير وجه الرأي في القضية والتعجيل بحسم النزاع، إضافة إلى ان بعض وقائع القضية كان يحيط بها الغموض، وبناءً على ذلك فليست السلطة التقديرية للمحكمة في الاستجابة لطلب الاستجواب مطلقة حيث ينبغي على المحكمة الاستجابة لطلب الاستجواب اذا كانت المسائل والوقائع غامضة وجوهرية وحاسمة للنزاع او لايدرك تفاصيلها إلا الخصم المطلوب إستجوابه، فعندئذ ينبغي للمحكمة تلبية طلب الاستجواب حتى تقف المحكمة على الحقيقة، لان الوقائع والمسائل الواقعية والعملية لايدرك تفاصيلها ودقائقها الا الخصوم الذين عايشوا وعاينوا تلك الوقائع، لأن المحامي وان كان يحيط بالمسائل القانونية إلا انه لايدرك كل تفاصيل ودقائق ووقائع الخلاف فيما بين موكله وخصمه، وحتى تتمكن المحكمة من الاستعمال الرشيد لسلطتها التقديرية في هذا الشأن فانه ينبغي ان يبين طالب الاستجواب في طلبه المسائل والوقائع التي يريد إستجواب وإستفصال خصمه عنها حتى تكون المحكمة على بينة من الامر، ويكتسب الاستجواب اهميته من ان المعلومات والافادات التي يدلى بها الخصوم تكون مباشرة واكثر دقة ومصداقية، ولذلك يلجأ كثير من القضاة إلى إستجواب الخصوم من غير طلب من الخصوم الاخرين إستناداً إلى النص القانوني السابق ذكره.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: حجية إستجواب الخصم:*
*▪️إجابات الخصم أمام المحكمة تكون بمثابة إقرار قضائي يتم امام القضاء ويتم إثباته في محضر جلسة المحاكمة، ولذلك فان الخصم طالب الاستجواب يستهدف من طلبه الاستجواب الحصول على إقرار قضائي من خصمه المستجوب(الإثبات في المواد المدنية والتجارية،استاذنا المرحوم الدكتور احمد أبو الوفاء، ص193) ولذلك فان الاستجواب من اهم وسائل الإثبات حسبما اشار الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.*