*المحدود لا يكون كفوًا للمرأة*
*أ.د/ شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️الكفاءة في الزواج هي إتفاق الزوجين في صفات مخصوصة معتبرة شرعاً حتى يتحقق الانسجام والتوافق بين الزوجين فتنشأ أسرة صالحة تساهم في صلاح المجتمع بأسره، ولا ريب ان المرأة واسرتها يلحقهما التعيير والتبكيت إذا ماتزوجت المرأة من رجل تم الحكم عليه بحد شرعي كالزنا وشرب الخمر اوالسرقة هذا في العرف إما في الشرع والقانون فإن المحدود بعد تنفيذ الحد عليه يكون قد تاب توبة لو قسمت لوسعت الناس جميعاً، وفي بعض الحالات يكون سبب عضل الولي عن زواج المرأة التي يتولاها هو عدم كفاءة المتقدم للزواج بها مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3/7/2018م في الطعن رقم (61353)، حيث قضى الحكم الابتدائي بان الولي المدعى عليه بالعضل (قد دفع بان من ترغب المدعية بالزواج به ليس بكفء لها للحكم عليه بالزنا وتنفيذ الحد عليه، واستدلوا على ذلك بالحكم الصادر من هذه المحكمة برقم.... وتاريخ.... في القضية الجزائية رقم... المرفق صورة منه طبق الأصل بملف القضية والذي جاء في منطوقه إدانة..... بإرتكاب جريمة الزنا وعقابه بالجلد حداً مائة جلدة، ولذلك فان هذه المحكمة تقضي بعدم قبول دعوى العضل المرفوعة من المدعية ضد وليها المدعى عليه)، وبعد ذلك قضت الشعبة الاستئنافية بقبول دعوى العضل، لان المدعية مثل الراغب بالزواج بها من حيث الكفاءة، وجاء في أسباب الحكم الاستئنافي (ان المرأة المدعية قد ذهبت مع المرغوب به منها زوجاً من محلها في قرية... إلى قريته، ولذلك فانها تكون مكافئة للراغب بها ولا يعتبر مكافئاً لاسرتها واهلها، فالمرأة الراغبة بالزواج والرجل الراغب بالزواج منها من شاكلة واحدة ولكن حتى لا تظل المرأة مع الرجل الراغب بالزواج بها في وضع مخالف للشرع وحتى لا يكون سلوكهما السيء قدوة للغير فقد رجحت الشعبة نقل الولاية للقاضي للعقد بالمذكورة درءاً للمفسدة وليس لعضل الولي ومن يليه) إلا انه بعد ذلك قضت الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا بأنه (اما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة ما ورد في أوراق القضية حيث وجدت الدائرة ان الشعبة قد اثبتت في حيثيات حكمها صحة وسلامة الحكم الابتدائي فيما قضى به، حيث ان الثابت ان المرأة المستأنفة قد ذهبت مع المرغوب به منها زوجاً من محلها إلى قريته...الخ حسبما أوردته في الحيثيات وذلك تناقض صارخ وواضح في الأسباب مع بعضها ومع المنطوق أيضاً فالحكم باطل مما يتعين معه قبول الطعن موضوعاً) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الكفاءة في القانون وتأثير الزنا عليها:*
➖➖➖➖➖
*▪️ذكرت المادة (48) أحوال شخصية أحكام الكفاءة حيث نصت على ان (الكفاءة معتبرة في الدين والخلق وعمادها التراضي ولكل من الزوجين طلب الفسخ لإنعدام الكفاءة) حيث حصر القانون الكفاءة في الدين والخلق ،وبناءً على هذا النص فان الزنا فسق ومعصية تجعل الزاني غير كفواً للصالحة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: تأثير إجراء الحد على الزاني على الكفاءة:*
➖➖➖➖➖
*▪️من المتفق عليه في فقه الشريعة الإسلامية ان العاصي الذي يقام عليه الحد الشرعي كالزاني وشارب الخمر والسارق يكون تائباً إلى الله سبحانه وتعالى لحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ماعز بعد إجراء الحد عليه (لقد تاب توبة لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم) وقد منعت الشريعة الإسلامية تذكير المحدود بجريمته التي اقيم الحد لاجلها ومنعت أيضاً تعييره أو اهله بتلك الجريمة، وبناء على ذلك فان المحدود بعد إجراء الحد عليه يكون صالحاً وكفؤاً في الشريعة الإسلامية، اما العرف فان وجهته مخالفة لفقه الشريعة الإسلامية حيث يزدري المحدود ويحتقره ولذلك فقد أخذ الحكم محل تعليقنا بالعرف حيث قضى بان المحدود لا يكون كفؤاً المرأة الصالحة.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الكفاءة في الفقه الإسلامي مقررة لمصلحة الزوجة وفي القانون اليمني لمصلحة الزوجين معا:*
➖➖➖➖➖
*▪️يذهب جمهور الفقهاء إن لم يكن جميعهم إلى ان الكفاءة معتبرة لمصلحة الزوجة فقط حيث يجب ان يكون الرجل كفؤاً لها، لان الزوجة يلحقها العار والاحتقار لزواجها من غير كفء لها بخلاف الرجل، اما القانون اليمني فقد راعى الواقع والعرف اليمني والنظرة الاجتماعية السائدة التي تحتقر الرجل أو المرأة معاً إذا تزوجا بمن هو أدنى منهما، فصرح القانون بان الكفاءة مقررة لمصلحة الزوجين معاً، وعلى هذا الأساس فقد قضى الحكم الاستئنافي ان الرجل كفؤ للمرأة ولو كان محدودا طالما وقد خرجت المرأة من قريتها إلى قريته لذلك فهي من شاكلة ذلك الرجل، فهي عاصية مثله حسبما ورد في الحكم الاستئنافي إلا أن الحكم الصادر من المحكمة العليا قضى بنقض الحكم الاستئنافي، لان جريمة الزنا بالنسبة للرجل كانت ثابتة بحكم تم تنفيذه بخلاف واقعة خروج الفتاة إلى قرية الرجل.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: إذا امتنع الولي عن زواج المرأة من غير كفء فلا يكون عاضلاً:*
➖➖➖➖➖
*▪️في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا نجد ان الحكم قد رفض دعوى المراة بعضل وليها لانه امتنع عن زواجها بمن ترغب بالزواج به، وقد اجاب المدعى عليه بانه امتنع عن تزويجها بذلك الرجل لسبب شرعي وهو ثبوت قيام الراغب الزواج بإرتكاب جريمة الزنى بامرأة أخرى بموجب حكم شرعي وهذا الأمر يبرر إمتناع الولي عن تزويج المرأة المتولي زواجها إلى الشخص المحكوم عليه بحد الزنا لانه في هذه الحالة ليس كفؤاً للزوجة، وقد اعتبر القانون ان إمتناع الولي عن تزويج المرأة بغير الكفء لا يكون عضلاً حيث نصت المادة (19) أحوال شخصية على انه (يعتبر الولي عاضلاً إذا امتنع عن تزويج المرأة وهي بالغة عاقلة راضية من كفء) ،فمفهوم هذا النص يفيد ان الولي لا يكون عاضلاً إذا امتنع عن تزويج المرأة بغير الكفوء، والله اعلم.*