التعاقد عن الغير بدون وكالة

*التعاقد عن الغير
بدون وكالة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖➖

*▪️يثير التعاقد عن الغير من غير وكالة من الإصيل يثير إشكالات عدة تتعلق بصفة المتعاقد ومدى لزوم العقد بالنسبة للاصيل إذا كان هو المستفيد من العمل الذي يتم بموجب هذا العقد حسبما ورد في الحكم الصادر عن الدائرة التجارية في المحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6/5/2012م في الطعن رقم (48761)، وقضى هذا الحكم بانه ((من خلال الرجوع إلى أوراق القضية فقد وجدت الدائرة ان مالك الأرض ليس طرفاً في العقد وان العقد قد رتب حقوقاً والتزامات على طرفيه المذكورين في مقدمته، وبالرجوع إلى القانون المدني تجد الدائرة انه قد نص على وجوب إلتزام طرفي العقد  بتنفيذ  التزاماتهما العقدية عملا بماهو مقرر في المادة (167) مدني التي نصت على انه: (إذا لم يعلن العاقد وقت إبرام العقد انه يتعاقد بصفته نائباً عن غيره فان اثر العقد لا يتعلق بالأصيل إلا إذا كان من تعاقد معه يعلم بانه نائب عن غيره أو كان يستوي عنده ان يتعامل مع الأصيل أو النائب)  وحيث أن  العقد تم مستوفياً لأركانه وشروط صحته فانه صحيح ومنتج بالنسبة لطرفيه إلا انه لا يوجب التزاماً على الغير الذي لم يشترك فيه ،ويعزز هذه القاعدة ماورد بالمادة (215) مدني التي نصت على ان العقد لا يوجب التزاما على من لا يكون طرفاً فيه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضعية الواقعية للمتعاقدين في القضية التي تناولها الحكم:*

*▪️المتعاقدان اتفقا بموجب عقد مقاولة تضمن ان يقوم المقاول بتنفيذ الاعمال الإنشائية على أساس سعر المتر الذي تم تحديده في العقد، فقام المقاول  بإنشاء العمارة المتفق عليها في أرض يملكها شخص آخر غير المتعاقدين أي ان العمارة ملك لشخص آخر غير المتعاقدين، والظاهر ان صاحب الأرض المالك العمارة كان يرى ان سعر المتر يزيد عما هو متبع في عقود المقاولات الأخرى المماثلة في المنطقة، فأختلف المقاول مع الشخص الذي تعاقد معه لإنشاء العمارة مما جعل المقاول يمتنع عن تسليم العمارة لمالكها صاحب الأرض ثم قام المقاول برفع دعوى أمام المحكمة طلب فيها تنفيذ عقد المقاولة وإلزام مالك العمارة بمحاسبته ودفع مستحقاته المقررة في عقد المقاولة الذي لم يكن مالك العمارة طرفاً فيه.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: التكييف القانوني لعقد المقاولة في هذه القضية:*

*▪️كما ذكرنا لم يكن صاحب العمارة التي قام المقاول بإنشائها لم يكن طرفاً في عقد المقاولة على إنشائها كما أنه لم يقم  بتوكيل الشخص الذي تعاقد مع المقاول، حين كان المتعاقد مع المقاول مجرد قريب من اقارب مالك الأرض كما أن المتعاقد مع المقاول لم يفصح عند إبرام  العقد  عن انه يتعاقد بصفته نائبا عن صاحب الأرض ، وتبعاً لذلك فقد تم التعاقد في عقد المقاولة على أساس ان الشخص المتعاقد مع المقاول أصيل عن نفسه وليس وكيلاً عن مالك الأرض أو العمارة، ولذلك فان الإلتزامات المقررة في عقد المقاولة مترتبة على طرفي العقد ولا تتعدى هذه الالتزامات إلى غيرهما ولو كان  هذا الغير هو صاحب الأرض مالك العمارة، وقد اسهب الحكم في بيان عدم تعدية التزامات العقد أو إنتقالها إلى غير طرفي العقد، واستند الحكم في ذلك إلى المادتين (167 و 215) مدني اللتين صرحتا بان التزامات العقد قاصرة على اطرافه.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: وجوب وفاء المتعاقد مع المقاول بحقوق المقاول:*

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بإلزام المتعاقد مع المقاول بالوفاء بمستحقات المقاول بحسب الاسعار المتفق عليها في عقد المقاولة عملاً بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وإستناداً إلى المادتين (167 و 215) مدني،لان الشخص الذي اتفق مع المقاول قد التزم بذلك بموجب العقد الذي ابرمه مع المقاول، فهذا الالتزام شخصي بصرف النظر عن المستفيد من اعمال المقاولة، لان المتعاقد مع المقاول قد ابرم العقد بالأصالة عن نفسه وليس بصفته وكيلاً عن مالك الأرض  التي اقام عليها المقاول العمارة.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: إمكانية رجوع المقاول على مالك العمارة:*

*▪️كان بإمكان المقاول الرجوع على مالك العمارة ومطالبته بدفع نفقات بناء العمارة على أساس  الإثراء بلا سبب وليس بموجب عقد المقاولة الذي لم يكن مالك العمارة طرفاً فيه، لان مالك العمارة قد استفاد أو اثرى بسبب بناء المقاول لعمارته ولكن تحديد مستحقات المقاول في هذه الحالة سيتم تحديدها عن طريق تكليف المحكمة لخبيرين عدلين، فلن تعتمد المحكمة على الاسعار المتفق عليها في عقد المقاولة لأنها غير ملزمة لمالك العمارة،  لأنه لم يكن طرفا فيه،وربما أن الاسعار التي كانت محددة  في ذلك العقد أكثر من الاسعار المعتادة ولذلك أستند المقاول في دعواه الى العقد وليس الى  قاعدة الإثراء بلا سبب ، ولان مالك العمارة لم يكن طرفا في ذلك العقد فقد قضى الحكم محل تعليقنا بعدم إلزام مالك العمارة بالاسعار المحددة في العقد، والله اعلم.*