إشكالية إرجاع المهر عند الفسخ للكراهية في القانون اليمني

*إشكالية إرجاع المهر عند الفسخ للكراهية*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖

*▪️نصت المادة (54) أحوال شخصية على انه عند الفسخ للكراهية على الزوجة (ان ترجع المهر) وهذا الأمر يثير إشكاليات عملية عند التطبيق العملي حسبما أظهر ذلك الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19/3/2018م في الطعن رقم (60770)، الذي قضى بانه( إما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة تفاصيل ما ورد في الطعن والرد عليه المشار إليهما فيما تقدم، وبعد الإطلاع على الحكم الابتدائي وما تعقبه لدى محكمة الاستئناف، ولدى تأمل الدائرة فقد وجدت ان حكم الاستئناف موافق من حيث النتيجة لأحكام القانون فيما علل به وأستند إليه عدا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في حكمها بتعديل الفقرة الثانية من منطوق الحكم الابتدائي وذلك بإنقاص المهر المحكوم بإعادته إذ لا إجتهاد مع النص فقد خالفت محكمة الاستئناف المادة (54) من قانون الأحوال الشخصية، لذلك فإن ما أثاره الطاعن في هذه الجزئية مقبول موضوعاً، وعليه فقد تعين نقض التعديل الوارد في حكم الاستئناف وإقرار ما قضى به الحكم الابتدائي بشأن إرجاع المهر كما ورد في الحكم الابتدائي لموافقته أحكام المادة المذكورة من قانون الأحوال الشخصية) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضعية الواقعية للمهر في اليمن:*

*▪️من الإشكاليات الواقعية انه في حالات كثيرة لا يذكر المهر المعجل المدفوع للزوجة في عقد الزواج، فبدلاً من ذلك نجد في العقد عبارات مثل (مهر المثل) أو (المهر المتراضى عليه) وفي حالات أخرى يذكر في العقد المبلغ الذي دفعه الزوج كاملاً كمهر وشرط على انه مهر، وفي بعض الحالات يذكر في عقد الزواج مبلغ غير المبلغ المدفوع بالفعل كمهر للزوجة، وعندما يحكم القاضي بفسخ الزواج لكراهية الزوجة لزوجها يتطلب الأمر من القاضي أن يعالج أولا مسألة تحديد المهر الذي ينبغي على المرأة أن تعيده.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الوضعية الشرعية والقانونية للمهر المذكور في عقد الزواج:*

*▪️المهر في الشرع والقانون لازم وإن لم يكن ركنا أو شرطاً في عقد الزواج، أي انه يجب على الزوج الوفاء بالمهر المسمى المذكور في عقد الزواج إذا كان مؤجلاً كما ان ذلك يعني أن الزوجة أو وليها قد إستلما المهر المعجل المسمى المذكور في عقد الزواج بإعتبار المهر المذكور في عقد الزواج قد تم الاتفاق بشأنه، وبإعتبار ماورد في عقد الزواج ملزم لاطرافه وللزوجة المعقود عليها كما أن المهر المذكور في العقد هو الحقيقة الظاهرة الثابتة في العقد المكتوب فعلى من يدعي خلاف ذلك أن يثبت.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: وجوب إرجاع المرأة المهر المذكور في عقد الزواج عند فسخ الزواج للكراهية:*

*▪️نصت المادة (54) أحوال شخصية على انه (إذا طلبت المرأة الحكم بالفسخ للكراهية وجب على القاضي ان يتحرى السبب فإن ثبت له عين حكماً من أهل الزوج وحكماً من أهلها للإصلاح بينهما وإلا أمر الزوج بالطلاق فإن امتنع حكم بالفسخ وعليها ان ترجع المهر). فهذا النص صريح في قيام المرأة بإرجاع المهر المتفق عليه المذكور في عقد الزواج، لان عقد الزواج هو الوثيقة المعدة قانوناً لإثبات الزواج وإثبات مقدار المهر وما إذا كان معجلاً أم مؤجلاً وما إذا كان بعضه معجلاً وبعضه مؤجلاً، فعند الحكم بإرجاع المهر يكون المهر اللازم على الزوجة إرجاعه هو ذلك القدر المذكور في عقد الزواج انه معجل قد استلمته الزوجة أو وليها، وإذا كان مقدار المهر معينا في عقد الزواج بطريقة واضحة وسليمة فلا يثير إرجاع المهر اية إشكالية حيث يحكم القاضي بإرجاع المهر المعجل المذكور في عقد الزواج، إما إذا كان مقدار المهر المذكور في عقد الزواج هو المهر المعجل المتراضى عليه أو مهر امثالها معجلاً فان مقدار المهر في هذه الاحوال يكون مجهولاً، فعندئذ ينبغي إثبات مقدار المهر المتراضي ومهر المثل المدفوع بوسائل أخرى غير عقد الزواج، كما ينبغي على القاضي ان يحكم على الزوجة بإعادة المهر المذكور في عقد الزواج كاملاً لانه قد تم ذكره في عقد الزواج على أساس انه مهر، فلا يجوز ان ينقص من هذا المبلغ على أساس ان بعض المبلغ المذكور في عقد الزواج لم يسلم إلى الزوجة وإنما كان مصاريف الزفاف أو ان والدها قد أخذ المهر،فقد لاحظنا في الحكم محل تعليقنا انه نقض الحكم الاستئنافي الذي انقص المبلغ الواجب على المرأة إرجاعه عن مقدار المهر المعجل المسمى المذكور في عقد الزواج ،لان ذلك إجتهاد مخالف لنص المادة (54) السابق ذكره، وعلى هذا الأساس لا يجوز الحكم بإنقاص مبلغ المهر المذكور في العقد ولا تجوز الزيادة عليه بحجة ان الزوج قد دفع مبالغ إضافية كشرط أو نفقات زواج، فاللازم فقط إرجاع مبلغ المهر المعجل المذكور في عقد الزواج، والله اعلم.*