تحديد مستحقات مدير المشروع التجاري في القانون اليمني

*تحديد مستحقات مدير المشروع التجاري*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖➖

*▪️من المسائل التي يثور النزاع بشأنها مسألة تحديد مقابل الادارة لمدير المشروع التجاري لاسيما عندما يكون المدير من الشركاء في المشروع التجاري خاصة عند عدم الاتفاق المسبق على تحديد تلك المستحقات أو الاتعاب، حيث ارشد الحكم محل تعليقنا إلى طريقة وإجراءات تحديد مستحقات مدير المشروع حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13/3/2013م في الطعن رقم (51606) الذي قضى (بان نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بانه قد اعتمد في تقديره لمستحقات الشريك الذي يدير المحطة على الفترة التي حدث فيها النزاع بين الشريكين ولم يبحث الفترة السابقة لذلك لمعرفة طبيعة العلاقة بين الطرفين وكيفية إحتساب حقوق الطرفين وان الحكم لم يستند إلى الكشوفات الصادرة عن شركة النفط، والدائرة تجد ان تقدير الحكم المطعون لحقوق الشريك المدير للمحطة لم يكن منصفا، حيث ان تدقيق الحسابات بين الأخوين الشريكين لم يكن شاملاً لفترة الشراكة كلها حيث كان يجب تدقيق الحسابات لفترة الشراكة كاملة للوقوف على طبيعة العلاقة بين الطرفين، كما كان ينبغي الاستناد إلى الكشوفات الصادرة عن شركة النفط التي تظهر مقدار المحروقات الموردة للمحطة بدقة وكل ما تم إحتسابه من عمولات وغيرها بموجب الترخيص الممنوح للمحطة، لان الوقوف على هذه التفاصيل هو الذي يمكن المحكمة من معرفة نوع العلاقة القائمة بين الطرفين وحقوقهما، فالعبرة بحقيقة التصرف فعلياً لا بتسميته من قبل الخصوم، لان ذلك سوف يكشف النسب المستحقة للطرفين بما فيها نسبة مستحقات إدارة المحطة سواء زادت تلك النسبة أم قلت، ولهذا الغرض كان ينبغي على محكمة الموضوع الرجوع إلى أهل الخبرة في المحطات المجاورة لتقدير مصروفات المحطة، مما يستلزم إعادة الأوراق إلى الشعبة لمعاودة نظر خصومة الاستئناف وفقاً لما سبق ذكره)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: حقيقة التعامل تبين حقيقة التصرف وتفسره:*

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بان العبرة بحقيقة التصرف وليس بتسمية الخصوم للتصرف وفي الوقت ذاته قضى الحكم بان تدقيق كشوفات الحسابات اثناء فترة العلاقة كلها تكشف عن طبيعة العلاقة وحقيقة التصرفىالذي قام بين الخصمين إضافة الى أهمية ذلك في تكييف العقد وتفسيره ، فمن الشائع في اليمن نتيجة عدم تنظيم المشروعات التجارية ان يتم إطلاق تسميات غير حقيقية على كثير من التصرفات، ففي بعض الأحيان يطلق الخصوم على الشراكة بانها عقد عمل فيما بين الأخ واخيه واحيان اخرى يطلق عليها مسمى شراكة وفي حالات ثالثة يطلق على التصرف تنازل أي هبة في حين انه بيع أو إجارة، ولذلك فان الرجوع إلى كشوفات الحساب السابقة بين الخصوم السابقة على الخلاف تكشف حقيقة التصرف وهل هو شراكة أم عقد عمل، لان الكشوفات توثق وتدون العلاقة بين الخصوم منذ بدايتها فيظهر ذلك من خلال القيود المحاسبية التي يرد ذكرها في الكشوفات حيث تتضمن الكشوفات المبالغ المدفوعة لكل طرف والمسلمة منه، حيث يستفاد من القيود الواردة في الكشوفات للدلالة على نوع العلاقة لاسيما وان هذه الكشوفات السابقة للخلاف قد تم إعدادها قبل الخلاف فتكون محل قبول بين المتنازعين كما انها تكون بمناى عن التلاعب إضافة إلى ان قبول الاطراف بها خلال فترة تعاملهما دليل على رضاهم وقبولهم بها وعدم إعتراضهم عليها،علاوة على أن القيود الواردة في الكشوفات تفسر الاجمال الوارد في بنود العقد أو التصرف كما أن القيود المشار اليها تكمل بنود العقد أو التصرف باعتبار أن الخصوم قد تراضوا على تلك التعاملات التي تظهرها كشوفات الحساب حتي ولو لم يرد ذكرها في العقد، ولذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بانه كان يجب على محكمة الموضوع ان تقوم بدراسة وبحث كشوفات الحساب بين الأخوين المتخاصمين منذ بداية العلاقة التجارية بينهما وليس الاكتفاء بكشوفات الفترة التي حدث فيها الخلاف بينهما.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: حقيقة التعامل الفعلي تبين حقوق الخصوم:*

*▪️حقيقة التعامل السابق بين الخصوم لا تكشف فقط عن طبيعة العلاقة بينهما أو التصرف الذي تم بينهما فحسب كماسبق بيانه بل ان حقيقة التعامل السابق بين الخصوم تظهر حقوق الخصوم في كل مراحل وفترات التعامل قبل النزاع وبعده ، فتلك الكشوفات السابقة على النزاع تكشف المبالغ التي كان يسلمها ويستلمها كل طرف ومقابل تلك المبالغ المسلمة أو المستلمة والغرض من دفع هذه المبالغ أو إستلامها أو سبب الدفع أو الإستلام ، وحيث ان هذه الكشوفات كانت محل رضاء وقبول من الخصوم فان هذه الكشوفات السابقة وسيلة من أهم وسائل تحديد حقوق الخصوم، فحقوق الخصوم اثناء النزاع ستكون هي الحقوق ذاتها التي قبلها الخصوم قبل الخلاف من غير نزاع أو خلاف، ولذلك لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد قضى بانه كان من الواجب على محكمة الموضوع ان تدرس كشوفات الحسابات السابقة على النزاع منذ بداية العلاقة بين الأخوين لمعرفة مقدار النسب المستحقة لكل طرف من عائدات المشروع.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الكشوفات المحايدة ودورها في تحديد حقوق الخصوم:*

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بانه كان من الواجب على محكمة الموضوع دراسة الكشوفات الصادرة عن شركة النفط باعتبارها كشوفات محايدة صادرة من جهة محايدة، لان هذه الكشوفات تبين كميات الوقود الموردة بالفعل إلى المحطة وعمولة المحطة وقيمة المواد الموردة للمحطة، فهذه البيانات لها تأثير بالغ في تحديد حقوق الخصوم خاصة ان هذه الكشوفات صادرة من الجهة التي منحت المحطة الترخيص حيث ان المحطة بمثابة وكيل لشركة النفط في توزيع المواد البترولية، علاوة على ان أغلب التعاملات الأكثر أهمية بالنسبة للمحطة هي مع شركة النفط إضافة إلى انه يتعذر التلاعب في كشوفات الحساب الصادرة عن شركة النفط لارتباط هذه الكشوفات بمستحقات الشركة ذاتها.*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: كيفية تقدير مستحقات مدير المشروع التجاري:*

*▪️حدد قانون الشركات مقابل إدارة المشروع التجاري إذا كان المشروع قد اتخذ شكلاً من اشكال الشركات التجارية التي نظمها قانون الشركات حيث حدد القانون بان هذا المقابل قد يكون مبلغاً مقطوعاً أو نسبة من الارباح كما قد يجمع بين الأمرين، وفي المشاريع التجارية غير النظامية يمكن الاسترشاد بهذه الطريقة المحددة في القانون حيث يتم التقدير على أساس شركة مماثلة للمشروع النظامي من حيث النشاط والارباح والجهد الذي يبذله المدير في الشركات النظامية المماثلة، كما ان الحكم محل تعليقنا قد ارشد محكمة الموضوع إلى ان تقوم بندب خبراء من العاملين في المحطات المجاورة للمحطة محل النزاع لتحديد مقابل الإدارة الذي يستحقه الشريك الذي يتولى إدارة المحطة، لان المحطات المجاورة تماثل المحطة محل الخلاف من حيث نوع النشاط والجهد الذي يبذله المدير والارباح التي تحققها محطات الوقود حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم.*