الأمر على عريضة الذي يفصح عن عقيدة القاضي

الأمر على عريضة الذي يفصح عن عقيدة القاضي

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
➖➖➖➖➖➖

▪️من المعلوم ان الأوامر على العرائض يصدرها القاضي بصفته الولائية وليس القضائية وان حجيتها مؤقتة وفقاً لما هو مقرر في قانون المرافعات إلا أنه في بعض الحالات يفهم الخصوم من تلك الأوامر وجهة القاضي في الحكم في القضية الموضوعية حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 1/1/2012م في الطعن رقم (47075)، وقد قضى هذا الحكم انه ((برجوع الدائرة إلى أوراق القضية فقد وجدت ان الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه انه تجاهل  طلباته العارضة وطلباته إصدار الاوامر على عرائض بإستمراره في العين المؤجرة، وبالرجوع إلى الأوراق فقد وجدت الدائرة ان الطاعن كان قد تقدم بطلب إلى المحكمة مضمونه الإستمرار في العين المؤجرة وعدم معارضة المؤجر له، ومعلوم قانوناً ان الأمر على عريضة عبارة عن قرار وقتي تحفظي يصدر في غير خصومة بمقتضى السلطة الولائية لرئيس المحكمة أو القاضي المختص لا يمس موضوع الحق، وحيث ان الخصومة موضوعها طلب تجديد عقد الإيجار فمن المتعذر الاستجابة لذلك الطلب فان الأمر بذلك يعني إبداء رأي مسبق في نزاع بشان عقد إيجار انتهت مدته، لذلك  فالأمر غير جائز قانوناً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:
➖➖➖➖➖➖

▪️الوجه الأول: الوضعية الواقعية للطاعن في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا:


▪️الطاعن كان مستأجر حديقة عامة اقام عليها منشأت وانتهى عقد الإيجار واراد الإستمرار في إستئجار الحديقة بحجة انه قد اقام عليها منشأت والعاب ويلحقه ضرر كبير من الإخلاء رغم انتهاء مدة الإيجار ورغبة الجهة الحكومية بالإشراف على الحديقة وتشغيلها، وكان قد طلب في دعواه الموضوعية الإستمرار في إستئجار الحديقة، وفي اثناء سير القضية قدم طلبا عارضا بإستمراره في الحديقة وكذا تقدم بطلبات عدة لأمر على عريضة ببقائه في الحديقة وإستمراره فيها، وقد امرت محكمة الموضوع بضم طلبات الطاعن إلى ملف القضية الموضوعية، وعند طعنه بالنقض  عاب على الحكم الاستئنافي ومن قبله الحكم الابتدائي بانهما قد تجاهلا طلباته تلك، وقد أقر الحكم محل تعلقينا تعامل محكمة الموضوع مع طلبات الطاعن بالإستمرار في عمله بالحديقة، لان قيام المحكمة بإصدار أوامر بإستمرار الطاعن في عمله بالعين سيعني ان المحكمة قد افصحت عن قناعتها عما ستحكم به في الحكم الموضوعي المنهي للخصومة، لان طلب الطاعن الوارد في طلبه الأمر على عريضة الإستمرار في العين هو ذاته طلب الطاعن المذكور في نهاية دعواه الموضوعية.*
➖➖➖➖➖➖

▪️الوجه الثاني: الأوامر على عرائض وإفصاح القاضي عن قناعته وتوجهه في الحكم الموضوعي:


▪️مع ان الأوامر على عرائض ليست قرارات قضائية فهي صادرة من القاضي بمقتضى سلطته الولائية وليس القضائية كما انها لا تمس موضوع الحق وان حجيتها وقتية إلا أن كثيراً منها تدل على وجهة القاضي في الحكم الموضوعي مثلما اشار الحكم محل تعليقنا لاسيما إذا كانت الطلبات الواردة في مذكرات طلبات الأوامر على عرائض مماثلة أو مقاربة للطلبات المذكورة في الدعوى الموضوعية، والواقع العملي يشهد ان الخصوم يفسرون غالبية الأوامر على عرائض بانها تتضمن إشارات تدل على الوجهة التي سيتجه إليها القاضي في حكمه الموضوعي، فهذه المسألة ينبغي ان تكون حاضرة في ذهن القاضي  حينما  يتقدم اليه الخصوم بطلبات الأوامر على عرائض.
➖➖➖➖➖➖

▪️الوجه الثالث: تعامل قاضي الموضوع مع طلبات الأوامر على عرائض في القضية التي تناولها الحكم:


▪️من خلال المطالعة للحكم محل تعليقنا نجد ان قاضي الموضوع كان يؤشر على طلبات الأوامر على العرائض بان تضم إلى ملف الدعوى، لان القاضي كان يقدر بان رفضه لها سيدل على وجهته وكذا إصداره الأمر سيدل أيضاً على وجهته فاختار القاضي الطريق الصحيح وهو ضمها إلى ملف الدعوى لان الطلبات الواردة فيها هي الطلبات الواردة في الدعوى الموضوعية، والله اعلم.