لا تحتسب الاجازة ضمن مدة الشفعة
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
لقيد طلب الشفعة مدة
معينة وهي ثلاثة أيام حسبما هو مقرر في قانون الإثبات وكذلك هناك مدة محددة لتقديم
دعوى الشفعة التي يتم رفعها امام المحكمة وهي ثلاثون يوماً حسبما هو مقرر في
القانون المدني، والمدة المقررة لقيد الشفعة مدة سابقة على اللجوء إلى القضاء كما
أن مدة قيد طلب الشفعة قصيرة جدا، ولذلك يحدث الالتباس بشأن سريان القواعد العامة
على احتساب مدة الشفعة من حيث احتساب الاجازة في مدة الشفعة أو عدمه، وفي هذه
المسألة قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة
بتاريخ 21/3/2018م في الطعن رقم (59266) قضى بان مدة الشفعة مدة سقوط حق ولذلك فان
أيام الاجازة لا تحتسب ضمن مدة الشفعة، وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا
الحكم ان الشافع علم بالشفعة يوم الخميس فذهب إلى الأمين وطلب منه قيد الشفعة
لديه، فقال له الأمين : ان الشفعة يتم قيدها في المحكمة وليس عند الأمين، فذهب
الشافع يوم الأثنين اي بعد اربعة ايام من تاريخ علمه بالشراء ذهب إلى المحكمة وقام
بقيد شفعته ثم قام الشافع برفع دعوى الشفعة أمام المحكمة الابتدائية فرد المشتري
المشفوع منه بعدم قبول دعوى الشفعة لان المدعي لم يقيد طلب الشفعة الا بعد أربعة
أيام من علمه، وقد توصلت المحكمة إلى الحكم بقبول دعوى الشفعة، فقام المشتري
باستئناف الحكم فقبلت الشعبة المدنية الاستئناف وقضت بإلغاء الحكم الابتدائي، وقد
ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي (فقد ثبت للشعبة ان المستأنف ضده تأخر عن قيد
الشفعة في المدة المحددة في المادة (17) إثبات وهي ثلاثة أيام ولا يخفى على أحد ان
الأمين متواجد في منطقته فلا يخضع دوامه للإجازات ومن ثم فانه لا يمكن إعمال
المادة (111)مرافعات بشأن عدم احتساب الاجازات ضمن موعد
قيد الشفعة لدى الأمين) فلم يقبل الشافع بالحكم الاستئنافي فقام بالطعن فيه
بالنقض، فقبلت الدائرة المدنية الطعن ونقضت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب
حكم المحكمة العليا (والدائرة بعد الرجوع إلى الأوراق مشتملات الملف وجدت أن ما
نعاه الطاعن بمخالفة الحكم الاستئنافي للقانون حيث أكد الطاعن انه لم يتراخ، فقد
وجدت الدائرة ان هذا النعي سديد وفي محله حيث له ما يؤيده في الأوراق والقانون
وذلك لان مدة تقديم الشفعة هي مدة سقوط تتعلق بالنظام العام مما يجوز لهذه المحكمة
بحث ذلك دون أي طلب من الخصوم، فلما كان من الثابت من الأوراق ان الطاعن قد علم
بالبيع في يوم الخميس وتقدم بطلب الشفعة يوم الأثنين، وحيث ان علمه بالبيع قد كان
في يوم الخميس وهو يوم راحة ثم تلى ذلك يوم الجمعة وهو يوم اجازة لذلك فان يومي
الخميس والجمعة تخصم من مدة السقوط وفقاً للمادة (111)مرافعات وبناء على ذلك فان قيد طلب الشفعة قد تم في الميعاد
المقرر في المادة (17)اثبات) وسيكون تعليقنا
على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : مدة الشفعة مدة سقوط وليست مدة تقادم :
صرح الحكم محل تعليقنا بان مدة قيد الشفعة مدة
سقوط، فمدة السقوط هي التي وضعها القانون لاستعمال صاحب الحق لحقه خلال هذه المدة،
ويترتب على عدم استعماله الحق خلال المدة المقررة سقوط هذا الحق نهائياً وامتناع
المطالبة به بعد ذلك،ويحق للقاضي التصديق لمدة السقوط من تلقاء نفسه من غير طلب من
الخصوم، ولذلك لاحظنا في الحكم محل تعليقنا أن المحكمة العليا قد تصدت من تلقاء
ذاتها لمدة طلب قيد الشفعة باعتبار هذه
المدة مدة سقوط حق وليست مدة تقادم.
الوجه الثاني : الفرق بين مدة السقوط والتقادم :
اشار الحكم محل
تعليقنا إلى أن مدة قيد طلب الشفعة مدة سقوط وليست تقام، وهذا يقتضي الاشارة
بإيجاز بالغ إلى الفرق بين مدة السقوط والتقادم، فمدة السقوط تؤدي إلى سقوط حق
كالحق في الشفعة في حين ان مدة التقادم تؤدي إلى اكساب حق وليس سقوطه، وهذا يقتضي
القول بان التقادم المكسب لابد من التمسك به أمام محكمة الموضوع بعد مرور مدة زمنية
معينة على اكساب الحق فلا تقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها ولا ولايجوز التمسك به
لاول مرة أمام المحكمة العليا، اما السقوط فهو جزاء قرره القانون على صاحب الحق
الذي لم يبادر إلى استعمال حقه خلال المدة المقررة قانوناً، ولذلك لاحظنا في الحكم
محل تعليقنا ان المحكمة العليا تصدت من تلقاء ذاتها لمدة سقوط قيد طلب الشفعة
باعتبارها مدة سقوط وليس مدة تقادم.
الوجه الثالث : احتساب مدة طلب الشفعة :
باعتبار مدة طلب
الشفعة مدة سقوط فانها قصيرة جدا (3 أيام لقيد الشفعة و 30 يوماً لطلب الشفعة من
المحكمة) ومع ان بعض شراح القانون يذهبون إلى ان مدة السقوط لا تقبل الوقف
والانقطاع، إلا انها تخضع للقواعد العامة لاحتساب المواعيد فيتم احتساب بدء مدتها
من اليوم التالي للعلم بالبيع ولا يتم احتساب أيام الاجازات والعطل اذا تخللت هذه
المدة مثلما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجه الرابع : تصدي المحكمة من تلقاء ذاتها لمدة الشفعة :
سبق القول بانه يجب
على المحكمة من تلقاء ذاتها حتى لو كانت المحكمة العليا ان تتصدى بالبحث والفصل
في مدة طلب قيد الشفعة باعتبارها مدة سقوط
حق، لان ذلك من النظام العام حسبما قضى الحكم محل تعليقنا لأن التقرير بسقوط حق امر
في غاية الخطورة،لذلك فان هذا الامر يقتضي وقوف المحكمة على حقيقته وأسبابه
ومناقشة كيفية احتساب المدة واقوال الخصوم وادلتهم بشأنها وحكم القانون فيها حتى
ولو لم يقم الخصوم بإثارتها أمام المحكمة، ولان مدة السقوط من النظام العام بما
فيها مدة طلب قيد الشفعة فيحق للمحكمة العليا التصدي لها من تلقاء ذاتها، والله
اعلم.