مسائل ينبغي مراعاتها عند اعداد التشريعات

 

مسائل ينبغي مراعاتها عند اعداد التشريعات

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

 التشريع عملية محفوفة بمخاطر كثيرة ومتنوعة يترتب على عدم مراعاتها عند اعداد التشريعات واصدارها تعطيل المصالح والحقوق العامة والخاصة التي يفترض ان تنظمها التشريعات وتحميها، وسوف نشير في هذه  المحاضرة بإيجاز إلى بعض المسائل التي ينبغي مراعاتها عند اعداد التشريعات ،وذلك على النحو الاتي :

المسألة الأولى : ديباجة التشريع :

ديباجة التشريع هي سرد القوانين واللوائح والقرارات والاقتراحات والموافقات التي يستند اليها التشريع وذلك في بداية مدونة التشريع، فتعد الديباجة بمثابة القائمة المرجعية التي يجب على المشرعين مراعاتها عند اعداد مسودة التشريع ثم اعداد المشروع ،ولذلك نجد أن الديباجة تستهل بعبارة (بعد الاطلاع على الدستور وعلى قانون وعلى قرار ...الخ) فذلك يعني أن الذي اعد المسوّدة أو مشروع التشريع قد طالع الدستور والقوانين واللوائح والقرارات المذكورة في  الديباجة وتأكد من عدم تعارض التشريع معها وانه قد عالج أوجه القصور فيها وأنه قد ضمن التشريع النصوص التي تفسر بعض الواردة في القوانين المذكورة في الديباجة ...الخ، ولذلك يجب اعداد ديباجة التشريع قبل صياغة واعداد نصوص مشروع القانون يعني قيام المشرع الذي يتولى صياغة التشريع بمطالعة ودراسة الدستور وكافة القوانين واللوائح والنظم ذات الصلة بالتشريع المطلوب صياغته،كما أن الديباجة مفيدة للغاية حتى بعد صدور القانون لما لذلك من أهمية عند تطبيق نصوص التشريع وتفسيرها، إلا أن هذه المسألة مهملة في اليمن حيث تتم صياغة الديباجة بعد الانتهاء من صياغة التشريع ذاته بل أن غالبية التشريعات اليمنية لاتتضمن سوى الاشارة،ولعدم مراعاة هذه المسالة يظهر التناقض والتعارض بين التشريعات اليمنية.

المسألة الثانية : تبويب التشريع :

التبويب هو تقسيم التشريع إلى ابواب وفصول يتضمن كل باب أو فصل المواد المتجانسة التي تتناول موضوع معين بحيث تقرأ النصوص في كل قسم مع بعضها وحتى يتم ترتيب هذه النصوص ترتيباً إجرائياً وموضوعياً حتى تكون نصوص التشريع منسجمة مع بعضها وحتى تفسر بعضها بعضاً مثل الباب الأول (التعريف والانشاء والاهداف) كما أن تبويب التشريع ترتيبا منطقيا يسهل الرجوع إلى نصوص التشريع ومواده بيسر وسهولة سواء بالنسبة للقاضي أو المحامي أو الباحث، والامانة العلمية تقتضي القول بأن هذه المسألة لا تتم مراعاتها عند صياغة التشريعات ،ولذلك نجد اغلب التشريعات اليمنية لا تخلو من وجود باب كبير في غالبية القوانين بمسمى (احكام عامة) أو (احكام متفرقة) تتضمن نصوص كان ينبغي ادراجها في مواضعها الصحيحة أو في الباب الخاص بها بدلاً من ادراجها في الاحكام العامة !!!.

المسألة الثالثة : الاسباب الموجبة لنصوص التشريع :

التشريع عمل واع ، كما ان النصوص تكون عامة مجردة مجملة لذلك لا تظهر اهدافها والاسباب التي اقتضت وجودها أو تقنينها في التشريع خاصة لدى المستويات أو الجهات العليا المعنية بالتشريع مثل  مجلسي الوزراء والنواب حيث يتم تعديل مشاريع القوانين بدون معرفة الاسباب الموجبة للنصوص، كما أنه في حالات كثيرة تقوم بعض الجهات بإعداد اسباب موجبة شكلية للتشريع دون أن تعي الهدف من الاسباب الموجبة حيث تتعامل بعض الجهات مع هذه الاسباب كما لو انها جانب شكلي  فقط، في حين انه يجب أن تتضمن الاسباب الموجبة الاسباب الواقعية والقانونية التي دفعت الجهة إلى اقتراح التشريع أو تعديله وان تتضمن الاسباب الموجبة النصوص المقابلة والمناظرة المعمول بها في الدول الاخرى المشابهة لليمن إضافة إلى تدعيم الاسباب الموجبة بالدراسات والاحصائيات والمقترحات والتوصيات المقدمة من الخبراء التي دفعت الجهة لإعداد التشريع أو تعديل نصوصه.

المسألة الرابعة : متابعة الجهة التي اعدت التشريع للجهات التي تتولى استكمال إجراءات اصداره :

من المفارقات العجيبة في اليمن أن الجهة التي تقوم بصياغة التشريع أو تعديله تفاجئ بأن التشريع حين صدوره يكون قد تضمن نصوصاً واحكاماً لم تكن موجودة في المشروع الذي اعدته، كما انها قد تجد أن هناك نصوص واحكام كانت موجودة في المشروع المرفوع منها لم يعد لها وجود في التشريع، لان الجهات التي تتولى صياغة التشريعات واصدارها كثيرة ومختلفة تقوم بحذف نصوص أو إضافة نصوص وعبارات إلى التشريع جهات كثيرة مثل (الجهة التي اعدت  المشروع + مجلس الوزراء + وزارة الشئون القانونية + وزارة الدولة لشئون  مجلسي  النواب والشورى + اللجنة البرلمانية المختصة + قاعة البرلمان + رئاسة الجمهورية) ولذلك ينبغي على الجهة التي اعدت المشروع ان تقوم بمتابعة الجهات المشار اليها أولاً بأول للوقوف على التطورات والتدخل في الوقت المناسب قبل الموافقة على المشروع واصداره حتى يكون التشريع ملبياً للأسباب والمقتضيات التي استدعت اقتراح التشريع أو تعديله.

المسألة الخامسة : إعداد مسوّدة للقانون أو التشريع قبل صياغة مشروع القانون أو التشريع :

هناك في اليمن خلط واضح بين مسوّدة التشريع وبين مشروع التشريع فالمسوّدة يتم إعدادها من قبل الاكاديميين والباحثين في الجانب الموضوعي والإجرائي الذين يتولون إعداد المسوّدة ثم تقديمها  للجهة  التي تقوم بتشكيل لجنة لدراسة المسودة ومناقشتها واستيفاء أوجه القصور فيها، علماً بان المتبع في اليمن أن تقوم الجهة بتشكيل لجنة لإعداد المشروع مباشرة حيث تتعثر اعمال اللجنة في غالب الاحيان بسبب تشعب اراء اعضاء اللجنة وعدم وجود نواة للمشروع تشكل  الجامع المشترك للنقاش بين اعضاء اللجنة (فالمسوّدة)  تحدد نطاق النقاش ومحاوره.

المسألة السادسة : وجوب تضمين مشروع للتشريع اهداف التشريع :

اهداف التشريع هي عبارة عن المعايير التي تحدد جدوى وفائدة التشريع ،وهي التي تضبط اعداد وصياغة التشريع في مراحله المختلفة وتساهم في تماسك المشروع والتأكد مما اذا كانت نصوص التشريع محققة لأهداف التشريع ، ولأهمية اهداف التشريع فأنه يتم ذكرها في المادة الثالثة أو الرابعة من مشروع التشريع، ومع هذا فان غالبية التشريعات اليمنية تأتي خالية من الاهداف،والله الموفق.