مدى إلزامية تقرير عضو الاستئناف
أ.د/ عبدالمؤمن
شجاع الدين
الأستاذ بكلية
الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
ينص قانون الإجراءات الجزائية على أن يتولى احد
اعضاء الشعبة الجزائية إعداد تقرير يتضمن ملخص عن القضية والاجراءات التي تمت فيها وتتم تلاوة هذا التقرير في الجلسة، وتذهب محكمة المقص المصرية إلى أن هذا الاجراء واجب يترتب على إغفاله
بطلان الحكم الاستئنافي في حين تذهب المحكمة العليا إلى خلاف ذلك أي ان هذا
الاجراء غير لازم ولايترتب عليه بطلان الحكم الاستئنافي حسبما ورد في الحكم الصادر عن
الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13/3/2018م في الطعن
رقم (60538) ،وتتلخص وقائع القضية ان الطاعن عاب على
الحكم الاستئنافي ان الشعبة لم تكلف أحد اعضائها بإعداد التقرير الذي اوجب القانون إعداده وتلاوته
وذكر الطاعن أن مخالفة الحكم لهذا النص القانوني تجعل الحكم الاستئنافي باطلا، وقد رفضت الدائرة
الجزائية بالمحكمة العليا الطعن وأقرت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن اسباب حكم
المحكمة العليا (كما ان ما اثاره الطاعن بشأن عدم وجود تقرير عضو شعبة الاستئناف فعلى فرض صحته فأنه لا
يعد سبباً للبطلان وإنما شرع لإلمام الشعبة بوقائع القضية قبل الخوض بنظرها، وبذلك يكون الطعن غير مؤثر في الحكم المطعون فيه مستوجباً عدم قبوله
موضوعاً وإقرار الحكم المطعون فيه) وسيكون تعليقنا
على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : النص
القانوني المتضمن إعداد التقرير
والغرض منه:
نصت المادة (427) إجراءات على أن (يضع احد اعضاء المحكمة الاستئنافية
تقريراً في الدعوى يبين فيه ملخص القضية واسباب الاستئناف والرد عليها إن وجد دون
أن يبدي الرأي فيها ويتلى هذا في الجلسة ثم تستمع المحكمة إلى اقوال المستأنف
وباقي الخصوم ويكون المتهم اخر من يتكلم وتصدر حكمها اثر ذلك بعد إطلاعها على
الأوراق) ومن خلال استقراء ما ورد في النص السابق نلاحظ ان التقرير المشار اليه عبارة عن تلخيص يقوم به احد اعضاء الشعبة
بقصد الاختصار في إجراءات التقاضي وحصر النزاع بينهما والحرص على عدم تشعبه، والظاهر
ان هذه المادة منقولة حرفياً من المادة (411) إجراءات مصري، فالغرض من اعداد
التقرير إحاطة الشعبة بمجمل وقائع الدعوى وظروفها
وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات واسباب الاستئناف والرد
عليها..الخ.
الوجه الثاني: شكل التقرير:
يكون التقرير مكتوباً، وقد قضت
محكمة النقض المصرية بانه ينبغي ان يكون التقرير مكتوباً وانه لا يكفي ان يقوم
العضو بتلاوة التقرير من حفظه شفويا وإنما تتم التلاوة من وثيقة التقرير المكتوبة، وقضت محكمة النقض المصرية بان التقرير المشار اليه هو ورقة رسمية من أوراق القضية التي يتضمنها ملف
القضية، غير أنه لا يعيب الحكم ان يتم تحرير التقرير على غلاف ملف القضية او خلف احد
المحاضر أو على ورقة عادية ليست من النماذج المتبع إستعمالها في المحكمة، كما لا يعيب الحكم ان تكون هناك خدوش وحشر في
التقرير طالما ان ذلك ثابت انه من صنع القاضي الذي تعد التقرير ، ولا يعيب الحكم عدم توقيع معد التقرير عليه كما
لا يعيب الحكم عدم الاشارة في محضر الجلسة إلى اسم القاضي الذي اعد التقرير، وان
كان الغرض من إعداد التقرير هو تقديم
البيانات والمعلومات اللازمة للشعبة وإحاطتها والاطراف علماً بها إلا أن أي نقص في البيانات لا
يعيب الحكم او التقرير غير أنه يحق لأي من اطراف الدعويين
الجزائية والمدنية التبعية الاشارة إلى الوقائع والأدلة التي اغفلها التقرير(المرصفاوي في الاجراءات الجزائية،ا.د، حسن صادق المرصفاوي،ص1147).
الوجه الثالث: تلاوة التقرير:
تصرح محكمة النقض المصرية بان الاولى ان يتضمن محضر الجلسة الاشارة إلى
تلاوة التقرير من قبل عضو الشعبة غير أنه لا يترتب البطلان على إغفال ذلك لان الاصل ان الإجراءات قد روعيت وكذلك يفضل ان تتضمن مدونة الحكم أنه قد تم إعداد وتلاوة التقرير ، كما لا يشترط
ذكر العضو الذي قام بالتلاوة أو إعداد التقرير كما لا يشترط ان يقوم
العضو الذي اعد التقرير بتلاوته بنفسه فيجوز أن يعد
التقرير ويقوم بتلاوته عضو آخر .
الوجه الرابع: مدى إلزامية محتويات التقرير الشعبة والخصوم:
سبق
القول بأن الغرض من إعداد التقرير هو تلخيص القضية حتي يحيط أعضاء الشعبة
بتفاصيلها ولذلك فقد محكمة النقض المصرية بان فقدان
التقرير بعد تلاوته لا يبطل الإجراءات او الحكم وان ما ورد في التقرير لا يلزم
الشعبة ،فللشعبة ان تجري ما تراه من تحقيقات وإجراءات ضرورية سواء كانت واردة في التقرير أم لم تكن واردة في التقرير، كما ان التقرير ليس
حكماً قضائياً ولذلك يحق للخصوم ان يقدموا أدلتهم واوجه دفاعهم أو يعيدوا طرحها على محكمة الاستئناف باسلوب مختلف عما ورد في التقرير كما يحق لهم ان يطلبوا من
الشعبة إثبات الوقائع والأدلة التي اغفلها التقرير حيث يتم إثباتها في جلسة تلاوة
التقرير أو في محضر الجلسة التالية أو غيرها.
الوجه الخامس: الاثر المترتب على عدم إعداد التقرير أو تلاوته لدى المحكمة العليا في اليمن ومحكمة النقض
المصرية:
صرح الحكم محل تعليقنا بانه لا يترتب على عدم إعداد التقرير او تلاوته بطلان الحكم الاستئنافي لانه عبارة عن تلخيص لوقائع القضية والإجراءات التي تمت فيها، فالقضاة يستطيعون القيام بانفسهم بإستخلاص الوقائع والإجراءات من أوراق
القضية وذلك يوفر لهم معلومات اكثر حيادية وصوابية من تقرير العضو،اما محكمة النقض المصرية فقد استقر قضائها على انه
يترتب على عدم إعداد التقرير بطلان الحكم الاستئنافي ،وقد سرد استاذنا الدكتور حسن صادق المرصفاوي أحكام النقض في هذا الشأن
(المرصفاوي في قانون الإجراءات الجزائية، أ.د.حسن صادق المرصفاوي، صـ1149)، والله اعلم.