التعويض عند رفض المستاجر إخلاء العين

 

التعويض عند رفض المستاجر إخلاء العين

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

تتمتع محكمة الموضوع بسلطة تقديرية بالنسبة لسبب التعويض ومبلغ التعويض استنادا إلى المسئولية العقدية عن إخلال المتعاقد بالتزاماته العقدية ووفقا لاحكام التعويض المنصوص عليها في القانون المدني ومن ذلك تعويض المؤجر إذا أمتنع المستأجر  عن إخلاء العين بعد  إنتهاء مدة الإيجار المتفق عليها في العقد حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 8/8/2017م في الطعن رقم (59100) وتتلخص وقائع القضية ان المحكمة الابتدائية حكمت على المستأجر لأرضية اقام عليها ورشة حكمت عليه بإخلاء العين المؤجرة وتعويض المؤجر مبلغ من المال لرفض المستأجر الإخلاء وتعنته رغم انتهاء مدة الإيجار المتفق عليها، حيث ورد ضمن اسباب الحكم الابتدائي (انه رغم انتهاء عقد الإيجار قبل خمس سنوات ومطالبات المدعي المتكررة للمدعى عليه بإخلاء العين إلا أنه امتنع عن الإخلاء وطالما ان المدعي قد طالب بتعويضه عن الإضرار التي لحقت به جراء امتناع المدعى عليه عن إخلاء العين، وحيث ان ذلك الطلب يجد سنده في المادة (733) مدني فان المحكمة تلزم المدعى عليه بدفع مبلغ التعويض المحدد في المنطوق) وقد قضت الشعبة المدنية بتأييد الحكم الابتدائي، وكذا قضت الدائرة المدنية بالمحكمة العليا بإقرار الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن اسباب حكم المحكمة العليا (وبرجوع الدائرة إلى أوراق القضية فقد تبين لها ان ما ورد في عريضة الطعن تكرار لما سبق طرحه امام محكمتي الموضوع فلا يوجد فيه أي سبب من الاسباب المنصوص عليها في المادة (292) مرافعات وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه فقد تبين ان الشعبة ناقشت ما فصلت فيه محكمة أول درجة وما طرح عليها وفقاً للمادة (288) مرافعات وبذلت جهدها في تحقيق الوقائع والبراهين وثبت لديها ان الحكم الابتدائي قد صدر موافقا لصريح القانون وموافقاً للصواب لان المستأنف لم يقدم أي جديد امام الشعبة، ولما كانت محكمة الاستئناف قد حققت الوقائع والتزمت حدود ما فصلت فيه محكمة أول درجة فان ما ذهبت اليه الشعبة في قضائها كان سديدا،ً لذلك فانه من المتعين رفض الطعن موضوعاً وإقرار الحكم الاستئنافي) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول : سند الحكم بإلزام المستأجر بتعويض المؤجر عن عدم إخلاء العين بعد انتهاء مدة الإيجار :

استند الحكم محل تعليقنا إلى النصوص الواردة في القانون المدني المنظمة لعقد الإيجار لاسيما المادة (711 و 733) اللتين حددتا ان عقد الإيجار ينتهي بإنتهاء مدته، وقصد الحكم في ذلك انه كان يجب على المستأجر إخلاء العين في تاريخ انتهاء مدة الإيجار المحددة في العقد طالما ان المؤجر قد اخطر المستأجر قبل ذلك بإخلاء العين، وتبعاً  لذلك فان المستأجر قد أخل بالتزامه العقدي الذي ينص على إخلاء العين عند إنتهاء مدة الإيجار بناءً على إخطار بذلك يصدر من جانب المؤجر، في حين تقرر المادة (351) مدني احقية المتعاقد في التعويض عما لحقه من ضرر بسبب إخلال المتعاقد الآخر بالتزاماته العقدية، ويندرج ضمن ذلك عقد الإيجار  حيث  نصت  المادة مدني 351على انه (إذا لم يكن متفقاً على مقدار التعويض في العقد او بنص القانون فالقاضي هو الذي يقدره ويكون التقدير على أساس ما لحق صاحب الحق من ضرر محقق شرط ان يكون هذا الضرر نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالحق او  للتاخر في الوفاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم  يكن في استطاعة صاحب الحق ان يتوقاه ببذل جهد معقول ، واذا كان الحق ناشئاً عن عقد فلا يحكم على الملتزم الذي لم يرتكب غشاً أو خطأ جسيماً إلا بتعويض الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت العقد) فهذا النص يقرر احقية المؤجر في التعويض اذا لم يقم المستأجر بإخلاء العين بعد انتهاء مدة الإيجار المتفق عليها في العقد بإعتبار أن المستاجر قد اخل بالتزامه العقدي بإخلاء العين عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد ولذلك فانه يستحق التعويض.

الوجه الثاني : تقدير التعويض في حالة إمتناع المستأجر عن إخلاء العين المؤجرة :

في حالة تاجير المشاريع الإستثمارية الكبيرة فان عقد الإيجار يتضمن بنداً يحدد التعويض المستحق للمؤجر اذا لم يقم المستأجر بإخلاء العين عند انتهاء المدة المتفق عليها اذا طالب المؤجر بذلك، فعندئذ يلزم المستأجر ان يدفع التعويض المتفق عليه إلا اذا كانت هناك اسباب مؤكدة تدل  يقيناً ان الضرر الذي لحق بالمستأجر اقل بكثير من التعويض الذي تم تقديره في العقد حسبما نصت المادة 354مدني، وفي غالب الأحيان لا يتم النص في عقد الإيجار على تقدير التعويض فعندئذ يتم تقدير التعويض من قبل محكمة الموضوع في حالة النزاع بشأنه.

الوجه الثاني : تقدير محكمة الموضوع للتعويض عند عدم الاتفاق عليه :

لا شك ان نص المادة 351مدني السابق ذكره قد منح القاضي السلطة التقديرية في تقدير ما اذا كان المؤجر يستحق التعويض ام لا وكذا تقدير التعويض المناسب، ولا شك ان هناك ضوابط وقواعد يجب على القاضي الالتزام بها ومراعاتها عند تقدير التعويض، فالسلطة التقديرية للقاضي ليست مطلقة،  فقد لايقضي القاضي بالتعويض  اذا كان هناك سبب اجنبي قد حال دون قيام المستأجر بإخلاء العين عملاً بالمادة (347) مدني وكذا فان المحكمة لا تحكم بتعويض المؤجر اذا كان المؤجر نفسه قد اشترك بخطته في احداث الضرر او  زاد فيه بحسب ما نصت عليه المادة (348) مدني، فالقاضي لايحكم بالتعويض الا اذا كان الضرر الذي لحق بالمؤجر نتيجة طبيعية لامتناع المستأجر عن اخلاء العين وكذا فان القاضي  لايحكم بالتعويض إلا عن الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت العقد حسبما نصت عليه المادة (354) مدني، ووفقاً للقواعد العامة فان القاضي يلتزم عند تقدير التعويض في حالة إمتناع المستاجر عن إخلاء العين عند انتهاء مدة الايجار يلتزم  بالقواعد العامة للتعويض كالتناسب فيما الضرر والتعويض، والله اعلم.