إثبات إمتناع الخصم عن إستلام نسخة الحكم

 

إثبات إمتناع  الخصم عن إستلام نسخة الحكم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين       

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

من الإشكاليات الواقعية التي يتكرر وقوعها الخلاف بشأن إثبات إستلام الاطراف أو الخصوم للإعلانات أو إستلام الأحكام أو امتناعهم عن ذلك ، مع اهمية إثبات الاستلام أو الامتناع نظراً للآثار المترتبة على ذلك، وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى بعض الاخطاء التي تحدث عند إمتناع المحكوم عليه من  إستلام نسخة أو صورة الحكم، والحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22/1/2018م في الطعن رقم (59065) حيث ورد في اسباب حكم المحكمة العليا ( لدن التأمل لما تضمنه ملف القضية فقد تبين للدائرة من خلال محضر التسليم للحكم الابتدائي ان البيانات الواردة في محضر التسليم المشار اليه غير مكتملة فلم يدون فيه اسم المستلم وصفته وبطاقته الشخصية ورقمها وتاريخها ولم يتم التوقيع عليه من قبل المختصين وهم الموظف المختص وأمين السر ورئيس قلم الكتاب ولم يتم التوقيع عليه من قبل المستلم كما أن الإفادة المدونة اسفل ذلك المحضر والتي تفيد انه تم الإنتقال إلى مؤسسة ... ورفض الأخ ... إستلام الحكم بتاريخ ... والموقع عليها من رئيس قلم الكتاب وأمين السر ولم يوقع عليه احد من مؤسسة....، فهذه الإفادة غير  كافية  لصحة الإعلان بإستلام نسخة الحكم من قبل الطاعنة فلم يقم المحضر بتحرير تلك الإفادة ولم يتم الاشهاد عليها ولم يتم بيان صفة الرافض للإستلام ،الأمر الذي يجعل ذلك الإعلان بصورة من الحكم غير صحيح وفقاً للقانون وحيث ان الشعبة قد استندت إلى ذلك المحضر في حكمها بعدم قبول إستئناف مؤسسة ... لتقديمه بعد فوات الميعاد فان المتعين والحال كذلك هو قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول : إجراءات تسليم المحكوم عليه صورة الحكم اذا حضر لاستلامها :

حددت المادة (228) مرافعات حددت إجراءات وطريقة تسليم المحكوم عليه صورة الحكم، حيث نصت على انه (2- بمجرد الانتهاء من ختم النسخة الأصلية للحكم بختم المحكمة يتم تسليم صورة معتمدة منها لكل خصم بعد توقيعهم على الإستلام في السجل الخاص بذلك واذا لم يحضر المحكوم عليه لإستلام نسخته بعد الإنتهاء من كتابتها وجب إعلانه اعلاناً صحيحاً مصحوباً بنسخة الحكم وفقاً لقواعد الإعلان المقررة في القانون) وبتطبيق هذا النص على القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا نجد ان المحكوم عليه لم يحضر لإستلام صورة الحكم، ولذلك وجب إعلانه وفقاً للطريقة المقررة في القانون لإعلان الأوراق إلى الخصوم.

الوجه الثاني : طريقة وإجراءات إعلان المحكوم عليه بنسخة الحكم اذا لم يحضر لإستلامها من المحكمة :

بينت طريقة وإجراءات الإعلان في هذه الحالة المواد (من 39 إلى 46) مرافعات حيث اشترطت ان يتم الإعلان بواسطة محضر المحكمة او صاحب الشأن عند الضرورة حسبما نصت عليه المادة (39) ،في حين ان الإعلان في القضية التي اشار اليها الحكم محل تعليقنا لم يتم بواسطة المحضر او صاحب الشأن، كما نصت المادة (42) مرافعات على انه في حالة امتناع المحكوم عليه عن استلام صورة الحكم يتم عرض النسخة بواسطة عاقل الحارة أو القرية او قسم الشرطة إن وجد او  يؤخذ إيضاح العاقل او الاشهاد عليه، وعند تطبيق هذا النص على القضية التي تناولها الحكم نجد انه قد ورد في ورقة الإعلان ان المحكوم عليه قد رفض الإعلان ولكن هذه الإفادة لم تتم بنظر عاقل الحارة أو قسم الشرطة كما انه لم يتم الاشهاد على تلك الإفادة  بحسب ما ورد في النص المشار اليه، كما اشترطت المادة (41) مرافعات ان تتضمن ورقة الإعلان اسم وصفة الشخص الذي يتسلم نسخة الحكم وصلته بالمعلن المحكوم عليه، وهذا يعني ايضاً تحديد اسم الشخص الذي رفض استلام الإعلان وصفته وعلاقته أو صلته بالشخص المراد إعلانه، وبتطبيق هذا النص على الواقعة التي تناولها الحكم محل تعليقنا، فنجد انه قد ورد في ورقة الإعلان اسم الشخص الذي رفض إستلام  الإعلان إلا أن ورقة الإعلان لم تبين  صفة هذا الشخص هل هو الممثل القانوني للمؤسسة المراد اعلانها او مديرها العام ام انه شخص تصادف وجوده هناك كما ان ورقة الإعلان  لم تتضمن بياناً عن صلة هذا الشخص الذي رفض إستلام  الإعلان واستلام صورة الحكم صلته لصاحب الموسسة، وعلى هذا الاساس فقد قضى الحكم محل تعليقنا ببطلان الحكم الاستئنافي الذي استند إلى هذا الإعلان الباطل في قضائه بعدم قبول استئناف المحكوم عليه.

الوجه الثالث : الآثار المترتبة على  إثبات إعلان وتسليم المحكوم عليه أو امتناعه عن  استلام  صورة الحكم   :

نصت المادة (276) مرافعات على ان (يبدأ ميعاد الطعن من تاريخ استلام المحكوم عليه صورة الحكم او من تاريخ اعلانه بها اعلاناً صحيحاً وفقاً لما ورد في المادة (228) مرافعات ويسقط الحق في الطعن بعدم مراعاة مواعيده وتقضي محكمة الطعن بالسقوط من تلقاء نفسها) ومن خلال استقراء هذا النص نلاحظ ان  الاثر المترتب على الإعلان الصحيح هو تحديد تاريخ بدء إحتساب ميعاد الطعن الذي ينبغي على المحكوم عليه مراعاته وتقديم طعنه خلال المدة وانه إذا لم يراعي ذلك يسقط حق المحكوم عليه في الطعن،وهذا الامر يقتضي من محكمة الطعن الدراسة والتمحيص قبل الحكم بعدم قبول الطعن لسقوط الحق في تقديمه، وهذا يقتضي ان تتحقق محكمة الطعن من سلامة وصحة إجراءات تسليم صورة الحكم او إجراءات إعلان المحكوم عليه بنسخة الحكم، والله اعلم.