إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي
دراسة فقهية مقارنة
د. عبد المؤمن عبد القادر شجاع الدين
الأستاذ المشارك رئيس قسم الفقه المقارن
كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء.
الملخص العربي للبحث:
يدرس هذا البحث موقف الفقه الإسلامي من إجبار الدولة لمواطنيها الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية أو العيوب التي تحول دون المعاشرة و العشرة الزوجية أو تلك الأمراض التي تنتقل إلى الأولاد، حيث تطرق البحث إلى خلاف الفقهاء في هذا الشأن وأدلتهم وقام بمناقشتها، وفي ضوء ذلك كان الترجيح بينها، ثم أشار البحث إلى موقف القانون اليمني والقوانين العربية من الإجبار على الفحص، لان فهم هذا الموضوع غير مستقر في أذهان غالبية المختصين ومتخذي القرار باليمن الذين يرفضون فكرة إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي، حيث أن اليمن هي الدولة العربية الوحيدة التي لا تجبر مواطنيها الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي، ويخلص البحث إلى تقديم النتائج والتوصيات المناسبة لمعالجة هذه المشكلة.الملخص الإنجليزي:
This research deals with the system of medical examination for those who wish to marry in light of the opinions of the jurists and the relevant laws and the obstacles to its application in Yemen. The research consists of three parts and a conclusion. The first topic deals with the definition of the system of medical examination for those who want to marry and the interests and the harms resulting from applying this system. The second topic deals with the opinions of the jurists about this system , while the third section ensures the position of Yemeni law of this system and the opinions of the obstacles that prevent its implementation.مقدمة:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه: أما بعد:
فإن هذه المقدمة تشتمل على أهمية البحث ومشكلته وأهداف البحث ومنهجيته والدراسات السابقة وتقسيمات البحث، وذلك على النحو الأتي:
أولاً: أهمية البحث:
تظهر أهمية هذا الموضوع من خلال الأتي:
1- إجبار الراغبين في الزواج على الفحص الطبي من المستجدات والنوازل المعاصرة التي تحتاج إلى الدراسة والبحث للإحاطة بها من نواحيها كافة.
2- الخلاف الفقهي الحاد والمتشعب بين الفقهاء المعاصرين بشأن هذا الموضوع الذي يحتاج إلى البحث فيه ومناقشة الأدلة واختيار القول الراجح.
3- موضوع البحث متعلق بالزواج وهو أساس تكوين الأسرة المسلمة.
4- وجود نص قانوني وحيد غير فاعل في القانون اليمني مما جعل اليمن الدولة الوحيدة التي لا تجبر مواطنيها الراغبين بالزواج على الفحص الطبي، ولذلك فأن هذا الفحص لا يتم في اليمن جبراً أو اختياراً .
5- الفحص الطبي للراغبين بالزواج من أهم الوسائل الوقائية لحفظ الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم من الأمراض الوراثية والمعدية والعيوب التي تنقض الحياة الزوجية.
6- كثرة الأمراض في اليمن التي يذكر المختصون أن سبب حدوثها يرجع إلى عدم الفحص الطبي كمرض الثلاسيميا وأمراض الإعاقة البدنية والذهنية، التي كان بالإمكان تلافيها لو تم فرض هذا النظام وتطبيقه على الإباء والأمهات قبل الزواج.
ثانياً: مشكلة البحث:
تكمن مشكلة البحث في أن اليمن الدولة الوحيدة في العالم التي لا تجبر مواطنيها الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي، وتثير هذه المشكلة التساؤلات الآتية:
1- هل مفهوم إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص مستقر في أذهان الراغبين بالزواج وفي أذهان المعنيين بإتخاذ القرار؟
2- هل هناك منافع ومفاسد للإجبار على إجراء الفحص؟ وهل هناك تناسب بين الأضرار والمنافع؟
3- هل الأضرار والمفاسد المترتبة على عدم الإجبار ظاهرة ومعروفة للراغبين بالزواج وللمعنيين بإتخاذ القرار؟
4- ما موقف الفقهاء من إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص؟ وهل هذا الموضوع محل اتفاق بين الفقهاء أم محل خلاف؟ وما هي أدلة الفقهاء في هذا الشأن؟ والى أي وجهة اتجه غالبية الفقهاء المعاصرين في هذه المسألة؟ وما هو الرأي الراجح من أقوال الفقهاء؟
5- ما موقف القوانين العربية من إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص؟ وما هي القوانين التي نظمت هذا الموضوع؟ وما هي صيغة الإجبار التي اتخذتها تلك القوانين؟
6- ما موقف القانون اليمني من إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص؟ ولماذا انفرد القانون اليمني في معالجته لهذا الموضوع؟ وما هي المعوقات التي حالت دون الأخذ بنظام إجبار الراغبين بالزواج في اليمن على إجراء الفحص الطبي؟
ثالثاً: أهداف البحث:
يستهدف البحث تحقيق الأهداف الآتية:
1- جمع أراء الفقهاء المعاصرين في هذا الموضوع من بحوثهم وفتاويهم وكتبهم وجمعها في قولين المجيزين للإجبار على حدة والمانعين على حدة، وبيان أدلتهم ومناقشتها واختيار القول الراجح منها.
2- عرض النصوص القانونية في الدول العربية وبيان موقفها من هذا الموضوع، للتأكيد على أن غالبية الدول العربية تجبر الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي عدا اليمن، والمقارنة بينها والاستفادة من تلك القوانين والاسترشاد والاستئناس بها.
3- إيجاد بدائل شرعية وتنظيمية وقانونية لإجبار الراغبين بالزواج على إجرائه لعدم وجود نص قانوني في اليمن يجيز ذلك في حالة عجز مجلس النواب عن تضمين القانون نص يقضي بإجبار الراغبين بالزواج على إجراء هذا الفحص.
4- إيجاد مادة علمية فقهية محايدة ومستقلة ومناسبة للتوعية بأهمية هذا الموضوع لحث الراغبين بالزواج في اليمن على إجراء هذا الفحص طوعاً في حالة تعذر اتخاذ الإجراءات الإلزامية بإجراء الفحص.
رابعاً: الدراسات السابقة في الموضوع وجدوى هذا البحث:
ليس هناك دراسات بحثية في الموضوع بحسب المفهوم الدقيق للبحث العلمي إلا دراستين سنشير إليهما لاحقاً، لان الدراسات المنشورة عن هذا الموضوع في المواقع الالكترونية (النت) هي عبارة عن أوراق عمل قدمها الفقهاء المعاصرون إلى ندوات وورش عمل تم تنظيمها بهدف التوعية بأهمية هذا الموضوع وخطره في بعض الدول العربية كالإمارات والسعودية والكويت مع أن قوانينها ونظمها تلزم الراغبين بالزواج على إجراء هذا الفحص، لان الهدف من تلك التوعية كان إقناع المواطنين في تلك الدول بقبول فكرة الإجبار على الفحص، وقد قامت جامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين ودار النفائس في الأردن بجمع غالبية أوراق العمل هذه في مجلدين كبيرين حسبما هو مشار إليه في هوامش هذا البحث وقائمة المراجع، والباحث يقر بأنه قد استفاد كثيراً من هذه الأوراق العلمية القيمة حيث تضمنت رأي كل عالم على حدة فاستطاع الباحث أن يقف على أراء العلماء المعاصرين وأدلتهم من خلال دراسته لأوراق العمل سواءً تلك التي جمعتها جامعة الأمارات أو غيرها من الأوراق والبحوث، في حين أن التوعية بهذا الموضوع في اليمن ينبغي أن تتجه أصلاً إلى جهات أخرى كمجلس النواب ومجموعات التأثير على متخذي القرار للأخذ بنظام الإجبار على إجراء الفحص فضلاً عن الراغبين بالزواج.
أما الدراسات السابقة في هذا الموضوع بالمفهوم البحثي الدقيق فهي دراستان:
الدراسة الأولى: الفحص الطبي قبل الزواج طبياً وشرعياً وقانونياً، للدكتور أيمن محمد علي حتمل، منشورة في مجلة جامعة القدس المفتوحة العدد (40) كانون الأول 2016م، وتقع هذه الدراسة في (30) صفحة وتتكون من مطلبين، وقد حاول فيها الباحث التأصيل الشرعي لفحص الراغبين بالزواج بالرجوع مباشرة إلى النصوص الشرعية في القران الكريم والسنة النبوية الشريفة إلا انه لم يتعرض لأقوال الفقهاء وأدلتهم بشأن إجراء الفحص، كما أنه لم يحصر أقوال الفقهاء المعاصرين ولم يذكر خلافهم بشأن الإجبار على الفحص، كما انه قد ذكر الآراء الطبية في هذا الموضوع ثم ذكر موقف القانون الأردني فقط ولم يشر مطلقاً إلى الحالة اليمنية (عدم وجود نص ملزم) وأسباب ذلك.
ولذلك فان بحثنا في هذا الموضوع سوف يقوم بحصر أقوال الفقهاء المعاصرين من خلال البحوث والدراسات المقدمة منهم بشأن هذا الموضوع، وهو جوهر بحثنا كما أن دراسة محمد حتمل هذه لم تتعرض للقانون اليمني وموقفه من هذا الموضوع، ولذلك فـأن بحثنا سيحاول دراسة موقف القانون اليمني واقتراح معالجات مناسبة للحالة اليمنية في ضوء القول الفقهي الراجح والقوانين النافذة.
الدراسة الثانية: عنوانها (الفحص الطبي قبل الزواج) ومؤلفها هو د.عبد الفتاح احمد أبو كيله-دار الفكر الجامعي- الإسكندرية- 2008م وتقع هذه الدراسة في (388) صفحة، وهي رسالة تقدم بها الباحث للحصول على درجة الماجستير من كلية الفقه وأصوله بجامعة الأزهر- وهذه الدراسة قيمة للغاية، تناول فيها الباحث أهمية الفحص الطبي عامة وتوسع في ذلك، ثم انتقل إلى أهمية الفحص الطبي للراغبين بالزواج وتوسع في ذلك، وقد حاول الباحث في الرسالة حصر أقوال بعض العلماء بشأن الفحص الطبي قبل الزواج، إلا أن هذه الدراسة القيمة لم تتناول موقف القوانين من ذلك، كما أنها لم تتناول الجانب الطبي تناولاً مناسباً ربما لأنه قد استجدت بعد إعدادها مسائل وندوات تجعل المطالع للدراسة يجد أن هذه الرسالة لم تتعرض لبعض المسائل التي تستحق البحث، ولذلك فأن بحثنا سوف يحصر أقوال الفقهاء والمعاصرين ويناقش أدلتهم كما أنه سوف يعرض النصوص القانونية التي تعرضت لهذا الموضوع في غالبية الدول العربية، كما أن بحثنا سوف يتعرض لمناقشة وضعية هذه المسألة في القانون اليمني ويحاول أن يجد لها المعالجات المناسبة ويشير إلى المعالجة قوانين الدول العربية لهذا الموضوع للاسترشاد بتلك المعالجات.
خامساً: منهجية البحث:
استعمل الباحث في هذا البحث المنهج الاستقرائي والمنهج الوصفي بالإضافة إلى المنهجين التحليلي والمقارن بحسب مقتضيات البحث.
سادساً: تقسيمات البحث:
يتكون البحث من مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، وبيان ذلك على الوجه الآتي:
المبحث الأول: ماهية إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي ، ويشتمل على المطلبين الآتيين:
§ المطلب الأول: تعريف إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي.
§ المطلب الثاني:المصالح والمفاسد المترتبة على إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي.
المبحث الثاني: أقوال الفقهاء في إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي ،ويشتمل على المطلبين الآتيين:
§ المطلب الأول:الفقهاء القائلون بجواز الإجبار على الفحص الطبي للراغبين بالزواج.
§ المطلب الثاني:الفقهاء القائلون بعدم جواز الإجبار على الفحص الطبي للراغبين بالزواج.
§ المطلب الثالث: الترجيح بين قولي المجيزين والمانعين من الإجبار على الفحص الطبي.
المبحث الثالث: تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج في القانون، ويشتمل على المطلبين الآتيين:
§ المطلب الأول: إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي في القانون اليمني ومعوقاته.
§ المطلب الثاني: إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي في الدول العربية.
§ خاتمة البحث: وتتضمن أهم نتائج البحث وتوصياته
المبحث الأول
ماهية إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي
يتكون هذا المبحث من مطلبين الأول: نذكر فيه تعريف إجبار الراغبين في الزواج على إجراء الفحص الطبي، مع بيان الغرض من هذا الفحص، في حين نشير في المطلب الثاني إلى المصالح والمفاسد المترتبة على إجبار الراغبين في الزواج على إجراء الفحص الطبي.
المطلب الأول
تعريف إجبار الراغبين في الزواج على إجراء الفحص الطبي
ويتكون هذا المطلب من فرعين:
الفرع الأول: التعريف اللغوي والفقهي لإجبار الراغبين في الزواج على إجراء الفحص الطبي:
وسنذكر أولاً التعريف اللغوي، ثم نذكر ثانياً التعريف الفقهي.
أولاً: التعريف اللغوي لإجبار الراغبين في الزواج على إجراء الفحص الطبي:
الإجبار من الجبر وأصلها جبر، والإجبار في الحكم أن يقول أجبر القاضي الرجل على الحكم إذا أكرهه عليه، أجبرت فلاناً على كذا فهو مجبر أي أكرهته عليه، واستحب النحويون أن يكون الإجبار مقصور على الإكراه ([1]) ويتحقق الإجبار للراغبين بالزواج بإجراء الفحص الطبي عن طريق القوانين أو القرارات أو المنشورات أو التعميمات أو التعليمات أو الأوامر الإدارية التي توجب عليهم إجراء الفحص والحصول على شهادة مكتوبة تثبت ذلك, والأفضل من هذه الطرق هو الإجبار عن طريق القانون، أما معنى الفحص في اللغة فهو من فحص يفحص فحصاً، وهو شدة الطلب خلال كل شيء، فيقال فحص عنه أي بحث عنه، ويقال فحص عن فلان أي فحص عن أمره ليعلم حاله بالكشف والاختبار، حيث يقال: فحص الطبيب المريض أي كشفه ليعرف ما به من علة([2])، أما الراغبون بالزواج فمعلوم أنه كل رجل وامرأة يعتزما الزواج سواء تم هذا الفحص قبل الخطبة أو قبل إبرام عقد الزواج شريطة إصدار الجهة التي قامت بإجراء الفحص شهادة مكتوبة تثبت ذلك.
ثانياً: التعريف الفقهي لإجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي:
هو التنظيم أو التشريع الذي تضعه الدولة وتلزم بموجبه كل رجل وامرأة يرغبا في الزواج بإجراء كشوفات طبية معينة بهدف التأكد من صلاحيتهما للحياة الزوجية وخلوهما من الأمراض المعدية أو الوراثية الخطيرة على الزوجين أو نسلهما، سواء أجريت هذه الكشوفات الطبية قبل الخطبة أو قبل الزواج، ويتم هذا الكشف عن طريق وسائل الفحص والكشف المعروفة مثل: فحص الدم والبول والبراز والمني والموجات فوق الصوتية والأشعة وغيرها([3]).
ويذهب الشيخ الدكتور علي محي الدين القره داغي إلى تعريف فحص الزواج بأنه (فحص الجسم بكل الوسائل المتاحة من الأشعة والكشف المختبري والفحص الجيني ونحوها لمعرفة ما به من مرض، ويتم هذا الفحص عند الرغبة في الزواج وقبل عقد الزواج وذلك لمعرفة ما لدى الزوجين من أمراض خطيرة) ([4])
الفرع الثاني: الغاية من فحص الراغبين بالزواج:
تتلخص الغاية من هذا الفحص في التأكد من صلاحية الرجل و المرأة للزواج وخلوهما من العيوب التي تحول دون استمتاع الزوجين كالجب والعنة والإفضاء و الرتق والعفل والجنون وغيرها من العيوب الجسمية أو العقلية أو النفسية كانفصام الشخصية و الاكتئاب المزمن، كما أن الغاية من هذا الفحص أيضاً هي التثبت من خلو الرجل و المرأة الراغبين بالزواج
من الأمراض المعدية الخطيرة التي يخشى من انتقال عدواها إلى الزوج الأخر مثل الايدز والسل والتهاب الكبد الوبائي وغير ذلك من الأمراض المعدية و المزمنة الخطيرة، كما يستهدف فحص الراغبين في الزواج التحقق من خلو الرجل والمرأة من الأمراض الوراثية المزمنة و الخطيرة التي يخشى من انتقالها إلى نسلهما، ويقسم المختصون الأمراض الوراثية التي تنتقل إلى الأبناء إلى ثلاثة أقسام([5]):
القسم الأول:الأمراض المتعلقة بالكرموسومات، وهذه الأمراض ليس لها علاقة بالقرابة، وأسباب حدوثها في الغالب غير معروفة، ومن أشهر أمراض هذا القسم ما يسمى (الطفل المغولي).
القسم الثاني:الأمراض الناتجة عن خلل في الجينات،وتتفرع هذه الأمراض إلى أربعة أنواع من الأمراض هي: الأمراض المتنحية والأمراض السائدة والأمراض المرتبطة بالجنس المتنحية والأمراض المرتبطة بالجنس السائدة، وبيان أنواع هذه الأمراض على النحو الآتي:
النوع الأول:الأمراض المتنحية هي أمراض تصيب الأبناء، إذا كان كلا الأبوين حاملاً للمرض مع أنهما لا يعانيان من أية مشاكل صحية بسبب هذا المرض، وهذا النوع له صلة بالقرابة مثل مرض فقر الدم المنجلي (الانيميا المنجلية) وفقر دم البحر المتوسط (الثلاسيميا ) وأمراض التمثيل الغذائي.
النوع الثاني: الأمراض السائدة، فأنها في العادة ليس لها علاقة بالقرابة عندما يكون أحد الزوجين مصاباً بأي مرض من هذا النوع، ولكن عندما يكون الزوجان من الأقارب مصابين معاً بهذا النوع، فأن انتقال هذا المرض إلى الأبناء يكون محتملاً.
النوع الثالث: الأمراض المرتبطة بالجنس المتنحية، وهذا النوع من الأمراض ينتقل من الأم الحاملة للمرض فيصيب أطفالها الذكور فقط مثل مرض (انيميا الفول)([6]) ، ولكن هذا المرض قد يصيب البنات إذا تزوج رجل مصاب بالمرض بإحدى قريباته الحاملة للمرض.
النوع الرابع: الأمراض المرتبطة بالجنس السائدة، وهي الأمراض النادرة التي تنتقل في العادة من الأم إلى أطفالها الذكور والإناث، وقد يكون شديدا في الذكور أكثر منه في الإناث.
القسم الثالث: الأمراض المتعددة الأسباب، ومعظم الأمراض تدخل ضمن هذا القسم مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم والربو والشفة الأرنبية وغيرها، وليس لزواج الأقارب علاقة في حدوث هذه الأمراض، ولكن إذا تزوج قريبان مصابان بأي مرض من هذه الأمراض فإن ذلك يزيد من احتمال إصابة أبنائهما مقارنة بما إذا كان أحد الوالدين فقط مصاب بالمرض.
القسم الرابع: الأمراض المتفرقة ويصعب حصرها، ومن أشهر أمراض هذا القسم الأمراض المرتبطة بالميتوكندريا وهي الأمراض التي تؤدي إلى فقدان الإنسان لطاقته وضعفه والعمى وغير ذلك، وهذه الأمراض تنتقل من الأم فقط إلى بقية أطفالها.
ولا شك أن الفحص الطبي للراغبين بالزواج لا يشمل كافة الأمراض السابق ذكرها وإنما يقتصر على الأمراض المنتشرة في الدولة، فمثلاً كان يقتصر فحص ما قبل الزواج في السعودية على أمراض الدم الوراثية وهي مرض الانيميا المنجلية والثلاسيميا فقط، ثم تم توسيع نطاق الأمراض التي يشملها الفحص([7]).
ومن خلال ما تقدم تظهر لنا بوضوح الغاية من فحص الراغبين بالزواج، وهي تلافي انتقال الأمراض المعدية الخطيرة من الزوج المريض إلى السليم، ومنع انتقال الأمراض الوراثية الخطيرة والمزمنة من الوالدين إلى الأبناء ومعالجة الأمراض المكتشفة القابلة للعلاج([8]).
المطلب الثاني
المصالح والمفاسد المترتبة على إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي
يذكر المختصون كالفقهاء والأطباء والفنيين في المختبرات والأشعة مزايا وعيوب الإجبار على الفحص، ومن المهم للغاية الإشارة إلى هذه المزايا والعيوب لتأثيرها البالغ في مناقشة أقوال الفقهاء وأدلتهم والترجيح والاختيار من بين الأقوال المختلفة بشأن الحكم الشرعي في هذه المسألة، ولذلك سوف نذكر في الفرع الأول المصالح المترتبة على إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي، في حين نشير في الفرع الثاني إلى المفاسد المترتبة على هذا الإجبار.
الفرع الأول: المصالح المترتبة على إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي:
يذهب المختصون إلى أن هذا الإجبار يحقق مصالح كثيرة من أهمها:
1- وقاية الأبناء من الإصابة بأمراض الدم الوراثية لاسيما مرض (الثلاسيميا) أو تكسر الدم أو الرسوس، حيث تزايدت باليمن نسبة الإصابة بهذا المرض القاتل، وكذا وقاية الأبناء من الإصابة بمرض الزهري الذي ينتقل إلى الجنين بنسبة 99% إذا كانت الأم مصابة بهذا المرض قبل الحمل، وكذا وقاية الأبناء من الإصابة بمرض الايدز الذي ينتقل من الأم المصابة إلى أبنها وكذا، بقية الأمراض الوراثية التي يذهب الأطباء إلى أنها تنتقل من الأبوين المصابين إلى أبنائهما([9]).
2- منع الضرر عن الرجل والمرأة الذي كان من المتوقع حدوثه نتيجة انتقال المرض من الزوج المريض إلى السليم أو منع الضرر عن الزوج السليم الذي كان سيحدث له نتيجة العيوب في الزوج المعيب والتي تحول دون استمتاع الزوج السليم بالزوج المعيب أو تحول دون كمال الاستمتاع كالعنّة والجب والرتق والعفل والإفضاء وغيرها، وكذا منع الضرر عن الزوج إذا كان شريكه عقيماً([10]).
3- الحفاظ على المجتمع الإسلامي القوي الصحيح عن طريق الحيلولة دون إنجاب المعوقين والمرضى بأمراض مزمنة وراثية الذين يشكلون عبئاً مالياً وصحياً واقتصادياً واجتماعياً ونفسياً وثقافياً على المجتمع المسلم.
4- نفي الغرر بين الراغبين بالزواج،لأن الغرر عيب من عيوب الإرادة في العقود كافة، فالفحص الطبي قبل الزواج ينفي الغرر في عقد الزواج ويجعل الطرفين على بينة وعلم تام بكافة الأمراض والعيوب التي يعاني منها الطرف الأخر أو سلامته من تلك الأمراض والعيوب، وتبعاً لذلك يكون قبول الطرفين بالزواج أو رفضه عن علم ومعرفة ودراية.
5- يحقق الفحص الطبي أهم الغايات المبتغاة من الزواج وهي إنشاء أسرة قوامها حُسن العشرة، فالزواج الذي يتم بعد التأكد من سلامة الزوجين من الأمراض والعيوب يكون ناجحاً يحقق الانسجام والتوافق بين الزوجين، وتكون ثمرة هذا الزواج أولاد أصحاء يسعد بهما الزوجان والمجتمع ([11]).
6- يحول الفحص دون المشاكل والخلافات التي تحدث بين الزوجين بعد الزواج عند اكتشافهما للعيوب والأمراض، ومعلوم أن هذه الخلافات تؤدي غالباً إلى الطلاق والتفكك الأسري وتشريد الأبناء وانحرافهم.
7- إشاعة الثقافة الصحية في أوساط المجتمع المسلم بالأمراض المعدية المستعصية والأمراض الوراثية الخطيرة السابق ذكرها، والتثقيف بطرائق الوقاية منها ووسائل معالجتها.
8- يؤدي الفحص إلى اكتشاف الأمراض الخطيرة في بداية الإصابة بها وذلك يسهل علاجها قبل استفحالها ([12]).
الفرع الثاني: المفاسد المترتبة على إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي:
تترتب على ذلك مفاسد كثيرة من أهمها:
1- إيهام الناس إن إجراء الفحص الطبي سيقيهم من جميع الأمراض الوراثية المعدية، وهذا غير صحيح، لأن الفحص لا يشمل جميع تلك الأمراض وإنما يقتصر على مرضين أو ثلاثة أو خمسة من الأمراض المعروفة والمنتشرة، في حين أن عدد الأمراض الوراثية يزيد على ثمانية ألاف مرض، ومن المستحيل إجراء فحص لجميع هذه الأمراض([13]).
2- انتهاك خصوصيات الأفراد والوقوف على أسرارهم الطبية الشخصية، حتى ولو أحيطت عملية الفحص بالسرية البالغة، لأن هذه الأسرار يطلع عليها من يقوم بالفحص وكذا الطرف الأخر الراغب بالزواج ويحتمل إفشاء السر خارج هذا النطاق، كما أن في ذلك انتهاك لإراداتهم وخياراتهم([14]).
3- النتائج التي يسفر عنها الفحص احتمالية وليست أكيدة، ولذلك تبقى هذه النتائج غير موثوقة لا يعتمد عليها.
4- نتائج الفحص أن أسفرت عن وجود أمراض مستعصية تولد اليأس والقنوط لدى أغلب الناس وقد يؤدي القنوط واليأس والقلق والخوف من هذه الأمراض إلى وفاة هؤلاء قبل أن تفضي الأمراض المكتشفة فيهم إلى وفاتهم.
5- إذا أسفرت عملية الفحص عن وجود أمراض مستعصية أو خطيرة يتعدى تأثيرها إلى أقارب وأسرة المرأة أو الرجل الذي تم فحصه، فأن ذلك يؤدي إلى امتناع الراغبين والراغبات عن الزواج من أسرة وأقارب المرأة أو الرجل الذي أظهر الفحص وجود المرض فيه.
6- إيهام الناس بالتأثير السلبي لزواج الأقارب وأنه مسئول بصفة قطعية عن انتشار الأمراض بين الأبناء،في حين أن ذلك ليس ثابتاً بصفة قطعية، ولا شك أن في ذلك تضليل يترتب عليه امتناع الكثير من الناس عن الزواج بالأقارب([15]).
7- تعاني المجتمعات العربية من ظاهرة العزوف عن الزواج لأسباب كثيرة، فالإجبار على الفحص يعد سبباً إضافياً يزيد من حدة هذه المشكلة.
8- هناك مؤثرات على نتائج الفحص كالرشوة والمحسوبية والضغوط وغيرها،فالأشخاص والجهات التي تتولى الفحص تكون عرضة لمؤثرات وضغوط عدة، وكل هذه المؤثرات تشكك في صحة النتائج التي ينتهي إليها الفحص.
9- تكاليف الفحص تعد عبئاً مالياً إضافياً يتكبده الراغبون بالزواج مما يزيد في نفقات الزواج ويجعله بعيد المنال على كثير من الأشخاص لاسيما وأن تكاليف هذا الفحص تصل في بعض الدول إلى ألف وستمائة دولار.
10- في أثناء الفحص تحدث أخطاء كثيرة بسبب قلة مهارة الأشخاص الذي يقومون بالفحص أو بسبب العيوب والأعطاب التي تعاني منها معامل الفحص والتحليل، وذلك كله يشكك في مصداقية النتائج التي يسفر عنها الفحص.
11- تكون فحوص ما قبل الزواج سبباً في العدوى ونقل أمراض عدة بسبب الإهمال والأخطاء التي ليست نادرة في تعقيم أدوات معامل الفحص والتحليل لاسيما في الدول المتخلفة ومنها الدول العربية والإسلامية.
المبحث الثاني
موقف الفقه الإسلامي من إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي
من المعلوم أن فحص الراغبين بالزواج من المسائل الفقهية التي اُستجدت في الوقت الحاضر،ولذلك لم يتناولها الفقهاء المتقدمون، أما الفقهاء المعاصرون فقد اختلفوا في حكم هذا الفحص خلافاً متشعباً لا يجمعه جامع كون آراء هؤلاء الفقهاء مثبتة في بحوثهم ورسائلهم وفتاويهم كل على حدة، ويمكن جمع آراء الفقهاء المعاصرين في هذه المسألة في قولين الأول يذهب إلى جواز إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي، والقول الثاني يذهب إلى عدم جواز ذلك، وسوف نخصص مطلباً لكل قول، أما المطلب الثالث فسوف نذكر فيه الرأي الفقهي الراجح بشأن الفحص الطبي للراغبين بالزواج، وذلك على النحو الآتي:
المطلب الأول
الفقهاء الذاهبون إلى جواز إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي
يذهب أغلب الفقهاء المعاصرين إلى أنه يحق للدولة أن تصدر تشريعات تنظم هذه المسألة وتجعل الفحص واجباً على كل من يرغب بالزواج([16]) ، وقد ذهب إلى هذا القول غالبية الفقهاء المعاصرين ومنهم الدكتور محمد الزحيلي([17]) والدكتور حمداتي ماء العينين شبيهنا([18]) والدكتور ناصر بن عبد الله الميمان([19]) والدكتور محمد عثمان شبير ([20]) والشيخ عبد السلام البسيوني ([21]) والدكتور نصر فريد واصل([22]) والدكتور محمد عبد الستار الجبالي([23]) والدكتور عبد الحميد الأنصاري ([24])
والدكتور أسامة الأشقر([25]) والدكتور عبد المؤمن شجاع الدين([26]) والدكتورة فاتن الحلواني([27]) والدكتور عبد الرحمن الصابوني([28]) ود.حسن صلاح الصغير([29]) ود.عارف علي العارف و د.عبد الله إبراهيم موسى ود.عبد الرشيد قاسم
والشيخ محمد أبو زهرة([30]).
واستدل الذاهبون إلى جواز إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي بالأدلة الآتية :-
1- قوله تعالى{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}([31])، فالآية تدل على أن من مقاصد الزواج السكينة والمودة والرحمة بين الزوجين ، والفحص الطبي يحقق هذه المقاصد عن طريق التحقق من خلو الزوجين من الأمراض والعيوب التي تنغص الحياة الزوجية.
ويناقش هذا الاستدلال بأن الأسرة المسلمة كانت منذ عصر التنزيل إلى ما قبل ظهور الفحص الطبي أكثر استقراراً وسكينة ومودة، في حين تعاني الأسرة المسلمة في عصر الفحص الطبي من التفكك والشقاق، كما أن هذه الآية عامة وليست نصاً في موضع النزاع.
2- قوله تعالى{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}([32])فهذه الآية الكريمة تدل على أن من أهم مقاصد الزواج حفظ النسل والنوع البشري عن طريق التناسل، وأن النفس البشرية قد جبلت على حب الأولاد وأنهم قرة أعين الوالدين ، والفحص الطبي وسيلة للتأكد من صلاحية الزوجين للإنجاب، فهو يحقق مقصد الشريعة من الزواج في التناسل وحفظ النوع البشري.
ويناقش هذا الاستدلال بأن نتائج الفحص الطبي ليست يقينية بل ظنية حسبما يذكر المختصون، إضافة إلى أن الآية عامة فليست نصاً في موضع النزاع.
3- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)([33](
فالمباح إذا أمر به ولي أمر المسلمين للمصـلحة العامة يصبح واجباً ويلتزم المسلمون بتطبيقه.
ويناقش هذا الاستدلال بأنه غير مسلم به، فإجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص ليس من المباح.
4- قوله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)([34]) فبعض الأمراض المعدية تنتقل بالزواج فإذا كان الفحص سبباً في الوقاية منها فقد تعين ذلك.
ويناقش هذا الاستدلال بأن انتقال الأمراض المعدية يتم بطرق كثيرة حداً وليس بالزواج فقط، كما أن هذا الاستدلال ظني لأن نتائج الفحص ظنية وليست يقينية.
5- قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)([35]) فالمحافظة على النسل من الكليات التي اهتمت بها الشريعة ، فلا مانع من حرص الإنسان على أن يكون نسله المستقبلي صالحاً غير معيب ، ولا تكون الذرية صالحة وقرة للعين إذا كانت مشوهة وناقصة الأعضاء متخلفة العقل، و الفحص الطبي وسيلة لتجنب هذه الأمراض.
ويناقش هذا الاستدلال بأن نتائج الفحص ليست يقينية، كما يناقش الاستدلال بهذه الآية والآيات السابقة بأنه استدلال عام لان هذه الآيات ليست نصاً في محل النزاع.
6- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا توردوا الممرض على المصح "([36]) فالحديث أمر باجتناب المصابين بالأمراض المعدية والوراثية ، ومثله حديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد"([37]) وهذا لا يعلم إلا من الفحص الطبي([38](.
ويناقش هذا الاستدلال بأن الممرض في الحديث الذي إبله تعاني بالفعل من المرض حقيقة ويقيناً، فالحديث يأمر النبي بإبعاد المريض منها عن الصحيح، فالتحذير النبوي خاص بالأمراض والأوبئة الموجودة فعلاً بخلاف الفحص الطبي الذي يستهدف أمراض متوقع حدوثها على سبيل الظن، في حين أن نتائج الفحص احتمالية، وكذلك الحال بالنسبة للمجذوم المصاب فعلاً بالجذام.
7- قال أبو هريرة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج إمرآة من الأنصار فقال له النبي ( أنظرت إليها قال : لا ، قال النبي : اذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً)([39]) فقد أمر النبي الرجل أن ينظر إلى المرأة ليتأكد من خلوها من أي عيب، لأنه كان منتشر بين الأنصار وجود شيء في أعينهم، قيل أنه صغر عيون الأنصار وقيل زرقة عيونهم وقبل عمش عيونهم([40])، وفي ذلك دليل على جواز الفحص قبل الزواج. ويناقش هذا الاستدلال بأن الفحص المذكور في الحديث كان ظاهرياً للتأكد من الأشياء الظاهرة بخلاف الفحص الطبي.
8- قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها)([41]) فالحديث يشتمل على توجيه نبوي صريح بالوقاية من الأمراض المعدية الخطيرة والحيلولة دون انتشارها ، والفحص الطبي للراغبين بالزواج يحقق هذا التوجيه النبوي الشريف.
ويناقش هذا الاستدلال بمثل مناقشة الاستدلال بالحديث السابق.
9- روى أنس رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة فبعث النبي امرأة لتنظر إليها فقال النبي (شمي عوارضها وانظري إلى عرقوبيها)([42]) والعوارض هي الأسنان، وقد اشتمل هذا الحديث على توجيه من النبي بفحص أسنان وأقدام المرأة التي رغب بالزواج بها، وفي ذلك دليل على جواز الفحص الطبي للراغبين بالزواج.
ويناقش هذا الاستدلال بأن هذا الحديث ضعيف حسبما هو مبين في تخريج الحديث و الحكم عليه، كما أن الفحص المذكور في الحديث فحص ظاهري عن عيوب ظاهرية بخلاف الفحص الطبي.
10- عن فروة بن مسيك أنه قال : قلت يا رسول الله : أرض عندنا يقال لها أرض أبين وهي قرية على البحر – ناحية من اليمن – وهي أرض ريفنا وأنها وبئة، أو قال وباؤها شديد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم( دعها عنك فإن من القرف التلف)([43]) فقد أمر النبي الصحابي الجليل بأن لا يسكن في تلك الأرض التي بها وباء لتوقي انتقال الوباء إليه، وكذلك الحال بالنسبة للفحص الطبي للراغبين بالزواج الذي يهدف إلى الوقاية من الإصابة بالأمراض سواء بالنسبة للزوجين أو أولادهما.
ويناقش هذا الاستدلال بأن هذا الحديث ضعيف حسبما هو مبين في تخريج الحديث والحكم عليه، كما أن هذا الحديث يتناول أرض مؤبوة بالفعل تصيب الأصحاء بالمرض بخلاف الفحص الطبي الذي يتناول أمراض قد تحدث في المستقبل وقد لا تحدث.
المطلب الثاني
الفقهاء الذاهبون إلى عدم جواز إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي
يذهب هذا القول إلى عدم جواز إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي، وهو قول بعض الفقهاء المعاصرين ومنهم الشيخ المرحوم عبد العزيز بن باز([44]) ويوسف القرضاوي([45]) والدكتور عبد الكريم زيدان([46]) والدكتور محمد رأفت عثمان([47]) ود.محمد عبد الغفار الشريف([48]) ود.حسام عفانه([49])، وبهذا القول أخذ المجمع الفقهي الإسلامي([50]) .
واستدل هؤلاء بالأدلة الآتية:
1- النصوص في الشريعة الإسلامية حددت أركان وشروط عقد الزواج وليس من بينها الفحص الطبي كشرط للزواج، وتبعاً لذلك فإن فرض هذا الفحص يعد زيادة عما جاء به الشرع الإسلامي، ولذلك فهو باطل على وفق قول النبي صلى الله عليه وسلم (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)([51]).
ويناقش هذا الاستدلال بان اشتراط إجراء الفحص لا يتعارض مع مقاصد الزواج في الشريعة بل يساهم في تحقيقها، لان زواج الأصحاء يدوم ويستمر أكثر من زواج المرضى، ويتحقق بالفحص الطبي مقصود الزواج الأعظم وهو حفظ النسل المتمثل بالذرية القوية الصحيحة ([52])
2- قوله صلى الله عليه وسلم( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) ([53]) فالحديث اشترط في الراغب بالزواج أن يكون صاحب دين وخلق، فلم يشترط أن يكون سليماً من الأمراض حتى يفرض على الراغبين بالزواج الفحص الطبي للتأكد من سلامتهم من الأمراض.
ويناقش هذا الاستدلال بان الصلاح لا يقتصر على صلاح الدين والخلق بل يشمل عدم وجود الإمراض الوراثية أو المعدية التي يمكن أن تنتقل إلى الزوجة أو إلى الذرية ([54]).
3- جاء في الحديث القدسي(أنا عند حسن ظن عبدي بي)([55]) فالراغب في الزواج ينبغي أن يحسن الظن بالله ويتوكل على الله ويتزوج ، والفحص الطبي ينافي إحسان الظن بالله.
ويناقش هذا الاستدلال بأن الأخذ بأسباب السلامة ليس اعتراضاً على قضاء الله وقدره، فقد قال عمر رضي الله عنه لما انتشر الطاعون في الشام (أفر من قدره الله إلى قدر الله)([56]).
4- النتائج التي يسفر عنها الفحص الطبي احتمالية يحتمل أن تكون غير صادقة، فأمرها متردد بين الصدق والكذب، وتبعاً لذلك ليست يقينية حتى يمكن الاعتماد عليها.
ويناقش هذا الاستدلال بأن توقع الإصابة بها يقع يقيناً أو غالباً، فقد اثبت الطب الحديث قدرته الأكيدة على اكتشاف أمراض عدة، وان كانت النتيجة احتمالية فالمتوقع كالواقع، و الشرع يحتاط لما كثر وقوعه كاحتياطه لما تحقق وقوعه بالفعل ([57]).
5- للفحص الطبي مفاسد كثيرة سبق ذكرها والقاعدة في الفقه الإسلامي أن (درء المفاسد مقدم على جلب المنافع).
6- أن النكاح لا يلزم منه الذرية ، فقد يتزوج الرجل لأجل إشباع الرغبة فقط فلا وجه لإلزامه بالفحص الوراثي كما هو الحال في كبار السن.
7- أن الفحص غالباً يكون على مرضين أو ثلاثة أو حتى عشرة ، والأمراض الوراثية المعلومة اليوم أكثر من 8000 مرض ، وكل عام يكتشف أمر جديد ، فإذا ألزمنا الناس بالفحص عنها جميعاً فقد يتعذر الزواج ويصعب وينتشر الفساد.([58])
ويناقش هذا الاستدلال بأن كثرة الأمراض الوراثية لا تصلح مبرراً لعدم الفحص، لان الفحص لا يكون إلا بالنسبة للأمراض الأكثر خطورة وليس على كل الأمراض.
8- إن الفحص الطبي يعتبر افتئاتاً على الحرية الشخصية والإرادة، في حين أن الشريعة الإسلامية تحترم إرادة الإنسان ولا تجبره على أشياء إلا في أضيق نطاق فالأفعال في الشريعة الصادرة نتيجة الإكراه والإجبار لا يتعد بها عملاً يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه)([59]).
ويناقش هذا الاستدلال بأن الفحص الطبي لا يعتبر افتئاتاً على الحرية الشخصية، لأن فيه مصلحة تعود على الفرد أولاً وعلى المجتمع والأمة ثانياً ، وإن نتج عن هذا التنظيم ضرر خاص لفرد أو أفراد فإن القواعد الفقهية تقرر أن (إذا تعارضت مفسدتان رعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما) وأنه "يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام([60]" (.
9- إن تصرفات ولي الأمر في جعل الأمور المباحة واجباً إنما تجب الطاعة إذا تعينت فيه المصلحة أو غلبت للقاعدة الفقهية "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة"[61]) ) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف"([62]) وإلزام الناس بالكشف قبل الزواج فيه مفاسد عظيمة تزيد على المصالح المرجوة ([63]).
ويناقش هذا الاستدلال بأن طاعة ولي الأمر مقيدة بعدم الأمر بالمعصية، فما دام يدعو إلى ما فيه مصلحة المسلمين فيجب طاعته، والإجبار على الفحص الطبي فيه مصلحة محققة تعود على الراغب بالزواج وعلى الأمة وأن ترتب على هذا التنظيم ضرر خاص لفرد أو افراد كما قال الشاطبي (ان المنافع الحاصلة للمكلف مشوبة بالمضار عادة) ([64]).
المطلب الثالث
الرأي الفقهي الراجح بشأن إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي
عند التأمل وإمعان النظر في أقوال الفقهاء في الفحص الطبي للراغبين في الزواج والتي تم تلخيصها إلى قولين الأول يذهب إلى جواز الإجبار على الفحص الطبي والقول الثاني يذهب إلى عدم جواز ذلك، وعند التأمل في الأدلة التي استدل بها كل قول نجد أن الأدلة التي استدل بها الذاهبون إلى جواز إلزام الراغبين بالزواج على الفحص سليمة من المطاعن باستثناء حديث(شمي عوارضها) وحديث( أن من القرف التلف) فهما ضعيفان ولكن هذا الضعف لا يؤثر في رجحان القول لأن هناك أحاديث صحيحة في المسألة أخرجها البخاري ومسلم في صحيحهما كحديث(إذا سمعتم بالطاعون) وحديث(لا يرد ممرض على مصح) وحديث(فأن في أعين الأنصار شيءٌ) وفهذه الأحاديث نص في موضع النزاع أما استدلال القائلون بالإجبار بالآيات الكريمة العامة فتؤيده القواعد العامة المعتبرة في الفقه الإسلامي كقاعدة (الدفع أولى من الرفع) ([65]) ومقتضى هذه القاعدة أنه إذا أمكن دفع الضرر قبل وقوعه فهذا أولى وأسهل من رفعه بعد الوقوع، فالوسائل لها حكم الغايات([66]) فإذا كانت الغاية هي سلامة الإنسان العقلية والجسدية فإن الوسيلة المحققة لذلك مشروعة، فطالما أن الفحص الطبي للراغبين بالزواج يحقق مصالح مشروعة للفرد وللأسرة والمجتمع ويدرأ عنها مفاسد صحية واجتماعية ومالية، لذلك فهو من الأسباب المأمور بها شرعاً([67])، إضافةً إلى أن حفظ النفس واجب في الشريعة والإجبار على الفحص يحقق هذا الوجوب ولذلك تنطبق عليه قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)[68] ولذلك فأن أدلة المجيزين للإجبار على الفحص وجيهة ومقنعة([69](.
أما أدلة المانعين من الإجبار فهي كلها عامة ليست مباشرة في موضع النزاع، ومن ذلك استدلالهم بحديث (كل شرط ليس في كتاب الله باطل) لأن شرط الفحص الطبي من مقتضيات عقد الزواج كما سبق نقاشه، كما أنهم قد استدلوا بالحديث الضعيف (إذا أتاكم من ترضون دينه).
ولذلك كله فنحن نطمئن إلى اختيار القول الذي ذهب إلى جواز إجبار الراغبين على الزواج بالفحص الطبي، لأن الفحص الطبي للراغبين بالزواج يحقق مصالح كثيرة كحسن العشرة بين الزوجين والتوافق بينهما وغير ذلك من المصالح التي يحققها الفحص والسابق ذكرها، ومن جهة ثانية فإن هذا الفحص يدفع مفاسد كثيرة عن الزوجين والأبناء والأمة، كالوقاية من الأمراض ومنع انتشارها وحفظ الأولاد من الأمراض الوراثية الخطيرة وغيرها من المفاسد التي يتم دفعها عن طريق الفحص الطبي، والشريعة الإسلامية منهجها تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
المبحث الثالث
إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي في القانون الوضعي
ويتكون هذا المبحث من مطلبين الأول نظام الفحص الطبي في القانون اليمني، والمطلب الثاني إجبار الراغبين بالزواج على الفحص الطبي في القوانين العربية.
المطلب الأول
الإجبار على الفحص الطبي في القانون اليمني ومعوقات تطبيقه
ويتكون من فرعين الأول : الفحص الطبي في القانون اليمني، والفرع الثاني معوقات تطبيق الفحص الطبي الإجباري في اليمن.
الفرع الأول: الفحص الطبي في القانون اليمني
اليمن هي الدولة العربية الوحيدة التي لا زال فيها الفحص الطبي للراغبين بالزواج اختيارياً، فللراغبين بالزواج أن يقوموا بهذا الفحص ولا يُحظر ذلك عليهم ولا يُحرم، وإن كان في الواقع لا يتم إلا في حالات نادرة جداً، ومع ذلك فأن اليمن كانت في طريقها لجعل هذا الفحص إجباريا عن طريق النص في القانون على ذلك، حيث ناقش مجلس النواب عام2006م مشروع قانون الأمومة المأمونة الذي تضمن النص على إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص حيث أقر مجلس النواب بتاريخ10/7/2006م إحالة المشروع إلى لجنة الصحة العامة السكان بالمجلس لدراسته وتقديمه إلى المجلس بصيغته النهائية، حيث انتهت اللجنة البرلمانية عام2008م من دراسة مشروع القانون المشار إليه ورفعت اللجنة تقريرها إلى البرلمان متضمناً التعديلات التي أجرتها اللجنة على المشروع ، وبموجب هذا التقرير فقد أحالت اللجنة المشروع إلى البرلمان للتصويت عليه عام2008م طبقاً للائحة مجلس النواب ، وقد تضمن هذا التقرير بشأن الفحص الطبي للراغبين بالزواج أن المادة (5) من المشروع الأصلي لقانون الأمومة المأمونة المحال إلى اللجنة قد نصت على أنه (على من يقوم بإجراء عقد الزواج بين الرجل والمرأة التأكد من حصولهما على شهادة طبية من قبل احدى المنشآت الصحية في عموم محافظات الجمهورية تؤكد صلاحيتهما للزواج من الناحية الصحية بما في ذلك خلوهما من الأمراض الوراثية كما يجب أن تشتمل الشهادة الصحية للزوجة على ما يؤكد تلقيها حقن التطعيم بلقاح الكزاز ويصدر الوزير قراراً يتضمن مواصفات هذه الشهادة الطبية ومضمونها وكيفية الحصول عليها كما يصدر قراراً بتنظيم كيفية تقديم المشورة الصحية قبل الزواج) وعندما ناقشت لجنة الصحة والسكان بالبرلمان هذا النص أقرت تعديله بحيث ينص بعد تعديله على أنه (على من يقوم بإجراء عقد زواج بين الرجل والمرأة التأكد من حصولهما على شهادة طبية من أي من المنشأت الطبية المختصة تبين خضوع طرفي العقد للفحوصات الطبية اللازمة ) وقد بررت اللجنة تعديلها للمادة على النحو السابق ذكره (بأن صياغة المادة على هذا النحو ستكون معقولة من حيث التطبيق وأكثر واقعية نظراً لعدم توفر البيانات والمعطيات الحيوية الطبية من واقع السجلات الطبية في المنشآت الصحية في مختلف مناطق الجمهورية) ولم يناقش مجلس النواب تقرير لجنة الصحة والسكان بشأن مشروع قانون الأمومة المأمونة الذي تضمن إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي لم يناقش المجلس ذلك منذ 2008م وطبقاً للائحة مجلس النواب فإن مشروع القانون يسقط إذا مضت مدة سنة على رفعه إلى المجلس من اللجنة البرلمانية المختصة([70])، ومع هذا وذاك فقد صوت البرلمان بتاريخ 31/مارس/2014م على مشروع قانون الأمومة المأمونة بالموافقة عليه بعد استبعاد المادة السالف ذكرها التي كانت تنص على إجبار الراغبين بالزواج بإجراء الفحص الطبي بحجة ان المادة(6) من قانون الصحة العامة قد نصت على ذلك، في حين أن تلك المادة قد نصت على انه(على الوزارة توفير الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية المتعلقة بصحة الأم والطفل ومنها:1- إجراء فحص طبي قبل عقد الزواج للتأكد من خلو الزوجين مما يمكن أن يؤثر على صحتهما وصحة نسلهما) وعند استقراء هذه المادة نجد أنها غير ملزمة للراغبين بالزواج وان كانت ملزمة لوزارة الصحة، وقد صرح النائب محمد ثابت العسلي عضو لجنة الصحة والسكان بمجلس النواب بأن هناك معارضة للإجبار على الفحص الطبي للراغبين بالزواج، وذكر أن توعية المجتمع بذلك كفيلة بدفع البرلمان وتشجيعه على القبول بفكرة إجبار الراغبين بالزواج على إجراء هذا الفحص، وقد أفادت الجمعية اليمنية لمكافحة مرض تكسر الدم (الثلاسيميا) بأن انتشار هذا المرض باليمن يرجع إلى عدم وجود قانون يجبر الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي([71]).
الفرع الثاني: معوقات تطبيق نظام إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص باليمن.
تحول دون تطبيق هذا النظام في اليمن معوقات شتى، يمكن تصنيفها وتلخيصها على النحو الآتي:
أولا: معوقات قانونية:
فالقانون اليمني لم ينص على إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي وإلزام الأمناء الشرعيين بعدم تحرير عقود الزواج إلا بعد تقديم شهادة الفحص الطبي، كما أن القانون لم ينص على إلزام أقلام التوثيق بالمحاكم المختلفة بعدم توثيق عقود الزواج إلا بعد تقديم شهادة إجراء الفحص الطبي، ومع وجود نص في قانون الصحة يشير إلى إجراء الفحص للراغبين بالزواج إلا أن الجهات المختصة لم تصدر قراراً تنظيمياً يبين إجراءات الفحص والأمراض التي يشملها الفحص والمختبرات المعتمدة لإجرائه على غرار ما ورد في القرارات التنفيذية التي صدرت في الدول الأخرى، ومع أن وزارة العدل قد أصدرت منشوراً إلى أقلام التوثيق تحثها على توعية الأمناء والراغبين بالزواج بأهمية هذا الفحص إلا أن ذلك المنشور جاء على هيئة رجاء خالياً من صيغة الإلزام، كما انه لم يتعرض إلى إجراءات الفحص التي سبقت الإشارة إليها.
ويندرج ضمن المعوقات القانونية أن النص على إجراء الفحص الطبي قد ورد في قانون الصحة العامة الذي تتولى تطبيقه وزارة الصحة، في حين أن الجهات والشخصيات المعنية بالتحقق من إجراء الفحص وضمان تطبيقه تتبع وزارة العدل(الأمناء الشرعيون والموثقون بالمحاكم)، ولو كان النص قد ورد في قانون التوثيق أو قانون الأحوال الشخصية لتمكنت وزارة العدل من تطبيقه كونها الجهة التي تبسط رقابتها وأشرافها المباشر على الأمناء الشرعيين والموثقين، وهذا هو المتبع في كل الدول العربية على النحو السابق بيانه.
ثانياً: معوقات تنظيمية وإجرائية:
تطبيق نظام الفحص الطبي الإجباري على الراغبين بالزواج يحتاج إلى إجراءات وتنظيمات تندرج ضمن اختصاص جهات كثيرة، فهناك إجراءات وتنظيمات ينبغي أن تقوم بها وزارة الصحة كتحديد الأمراض التي يشملها الفحص والمختبرات المؤهلة لإجرائه وتكاليف ورسوم إجراء الفحص وشهادة الفحص الطبي والبيانات التي تتضمنها شهادة إجراء الفحص، ومن جهة ثانية هناك إجراءات وتنظيمات أخرى تقع على عاتق وزارة العدل التي يتبعها الأمناء الشرعيون والموثقون كتعديل وثيقة عقد الزواج وسجلات الأمناء والموثقين لتضمينها بيانات إجراء الفحص باعتباره إجراء سابق على إبرام عقد الزواج، وحتى تستطيع أقلام التوثيق بالمحاكم المختلفة من بسط إشرافها ورقابتها على الأمناء وإلزامهم بعدم إبرام عقود الزواج إلا بعد حصول الراغبين بالزواج على شهادة الفحص الطبي.
ثالثاً: معوقات مالية:
إجراء الفحص يتطلب تكاليف مالية باهضة نسبياً تجد الحكومة اليمنية نفسها عاجزة عن الوفاء بها، فضلاً عن أن الغالبية العظمى من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر، ولذلك فهم عاجزون أيضاً عن دفع تكاليف إجراء الفحص أو بعضها، إضافة إلى أن مناطق كثيرة لاتتوفر فيها مختبرات قادرة على إجراء هذا الفحص.
رابعاً: معوقات اجتماعية:
بسبب ظروف المجتمع اليمني المحافظ يحجم اغلب اليمنيين عن إجراء هذا الفحص،لأنه يتضمن التشهير بالزوج أو الزوجة الذي قد يظهر الكشف انه يعاني من مرض جنسي أو معدي، كما أن غالبية اليمنيين يظنون أن إجراء الفحص الطبي ينافي التوكل على الله في الأشياء ومنها الزواج.
خامساً: انعدام التوعية بأهمية الفحص الطبي للراغبين بالزواج:
مع أن الدول العربية كافة عدا اليمن قد جعلت هذا الفحص إجبارياً بقوة القانون إلا أنها لم تغفل التوعية بأهمية الفحص الطبي للراغبين بالزواج لحثهم وحضهم على إجراء الفحص طواعية، ولهذه الغاية انعقدت ندوات وحلقات ومؤتمرات علمية كثيرة لمناقشة الدراسات والبحوث وأوراق العمل التي تتناول هذه المسألة من نواحيها كافة.
ولم تكتف هذه الدول بذلك بل أنها قامت بنشر هذه الفعاليات على أوسع نطاق لاسيما بواسطة الشبكة العنكبوتية (النت)، وحملات التوعية تلك هدفها وغاياتها هي مجتمعاتها، وأن كانت حملات التوعية تلك مفيدة أيضاً في اليمن، إلا أن هناك اختلاف بين دولة وأخرى ومجتمع أخر وذلك يقتضي نوع من الاختلاف في التوعية.
ولاريب أن اليمن أكثر حاجة إلى توعية مناسبة لهذه الظاهرة من نواحيها المختلفة الشرعية والقانونية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، والباحث يحسب هذا البحث إسهاماً متواضعاً في هذا الشأن.
سادساً: غالبية اليمنيين لا يدركون موقف الفقهاء في هذه المسألة:
فمشكلة المجتمع اليمني لا تكمن فقط في عدم وجود نص يجبر الراغبين بالزواج وإنما أيضاً الاعتقاد الجازم لدى غالبية اليمنيين بأن الفحص يتنافي مع عقيدة المسلم بالتوكل على الله ولذلك ينبغي دراسة هذه الموضوع دراسة شرعية وافية ونشرها في كافة وسائل النشر والتواصل الاجتماعي الالكترونية على غرار ما صنعت الدول العربية كافة.
المطلب الثاني: إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي في القوانين العربية
أولاً: نظام الفحص الطبي في القانون الكويتي:
الفحص الطبي للراغبين بالزواج إجباري بموجب القانون رقم (31)لسنة2008م بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج حيث تنص المادة (الأولى) منه على أنه (على راغبي الزواج إجراء الفحوصات الطبية التي تفيد خلوهم من الأمراض المعدية والوراثية التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة ويثبت ذلك بشهادة صحية يبين فيها أن الزواج آمن أو غير آمن تصدرها وزارة الصحة وتحدد فترة صلاحية هذه الشهادة بستة أشهر من تاريخ الإصدار) في حين نصت المادة (الثانية) من هذا القانون على أنه (لا يجوز لمأذون إبرام عقد الزواج كما لا يجوز لأي جهة أخرى توثيقه إلا بعد تقديم الشهادة المشار إليها في المادة الأولى فإن كانت نتيجة الشهادة أن الزواج غير آمن أرفق معها إقرار من الطرفين بعلمهما وموافقتهما على إتمام عقد النكاح ولا يعتد في هذه الحالة بموافقة من لم تبلغ سن الرشد ولا يحق لوليها تمثيلها في هذه الحالة ) أما المادة (الثالثة) من القانون ذاته فقد نصت على أن ٍ(يصدر وزير الصحة اللائحة التنفيذية لهذا القانون التي تبين نوعية الفحص المطلوب وإجراءاته خلال ثلاثة أشهر من نشر القانون في الجريدة الرسمية ) أما المادة (الرابعة) من ذلك القانون فقد قررت عقوبة إفشاء سر الفحص حيث نصت على أنه (مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون أخر يعاقب كل من أفشى سراً يتعلق بشهادة الفحص المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون بالحبس مدة لا تجاوز سنة والغرامة التي لا تجاوز ألف دينار كويتي أو أحدى هاتين العقوبتين) أما عقوبة مخالفة المأذون فقد بينتها المادة (الخامسة) التي تنص على أن (يعاقب المأذون أو الموثق الذي يخالف أحكام المادة الثانية من هذا القانون بالحبس مدة لا تجاوز سنة والغرامة التي لا تجاوز ألف دينار كويتي أو أحدى هاتين العقوبتين).
وتنفيذاً للمادة (الثالثة) من القانون السابق ذكره فقد أصدر وزير الصحة الكويتي اللائحة التنفيذية للقانون بموجب القرار الوزاري رقم (96) لسنة2009م وقد تضمنت هذه اللائحة كافة التفاصيل والجزئيات المتعلقة بالفحص الطبي للراغبين بالزواج، مثل تحديد الأمراض التي يشملها الفحص الطبي وإجراءات الفحص وكيفيته، ونتائج الفحص الطبي وحجيتها وعدم إفشائها وإصدار الشهادة الطبية التي تثبت إجراء الفحص ونتائجه.
ثانياً: الفحص الطبي للراغبين بالزواج في البحرين:
وهذا الفحص إجباري في البحرين بموجب القانون رقم(11) لسنة 2004م بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج، ويتكون هذا القانون من ست مواد نصت على أن الفحص إجباري وقررت عقوبات من يباشر عقد الزواج أو يوثقه من غير شهادة تثبت إجراء الفحص، وهذه النصوص تماثل تماماً نصوص القانون الكويتي.
ثالثًا: تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج في القانون السوري:
الفحص الطبي للراغبين بالزواج في قانون الأحوال الشخصية السوري إجباري منذ أكثر من نصف قرن حيث تنص المادة (40) من ذلك القانون على أن (يقدم طلب الزواج لقاضي المنطقة مع شهادة من طبيب يختاره الطرفان بخلوهما من الأمراض السارية ومن العيوب الصحية للزواج وللقاضي التثبت من ذلك بمعرفة طبيب يختاره)([72]).
ومع وجود هذا النص فإن بعض الباحثين يذهبون إلى أن هذا النص لا يطبق لعدم وعي الناس بأهمية الفحص الطبي قبل الزواج، ولعدم وجود هيئة حكومية محددة تقوم بالفحص وتشرف عليه، ولذلك بقي هذا الإلزام بالفحص أمراً شكلياً فباستطاعة أي شخص أن يحصل على شهادة الفحص بأية طريقة ولو لم يفحص أصلاً ([73]).
رابعاً: تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج في القانون العراقي:
بموجب قانون الأحوال الشخصية العراقي فأن هذا الفحص إجباري حيث تنص المادة (10) من هذا القانون على أنه (يشترط في المتقدم للزواج أن يبرز تقريراً طبياً يؤيد سلامته من الأمراض) إلا أن القانون لم يحدد هذه الأمراض، ولذلك صدر القانون رقم (31) لسنة 2008م ليلزم الراغبين في الزواج على إجراء الفحص الطبي قبل إتمام الزواج، وقد تضمن هذا القانون الأمراض التي يشملها الفحص وشهادة إجراء الفحص، كما صرح هذا القانون بمنع المأذون من إجراء عقد الزواج في حالة عدم وجود شهادة إجراء الفحص حسبما ورد في المادة (1) من هذا القانون.([74])
خامساً: تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج في القانون المصري:
الفحص الإجباري للراغبين بالزواج مقرر بمصر وفقاً للقانون رقم 143 لسنة 1994م فلا يتم توثيق عقد الزواج إلا بتقديم طالب التوثيق شهادة إثبات إجراء الفحص الطبي، في حين حدد إجراءات هذا الفحص وشهادة إجراء هذا الفحص قرار وزير العدل رقم (6937) لسنة2008م بتعديل بعض أحكام لائحة المأذونين حيث نصت المادة (الأولى) على أنه يجب على المأذون (الإطلاع على الشهادة الطبية التي تثبت توقيع الفحص الطبي على الزوجين وفقاً لقرار وزير الصحة رقم (338) لسنة2008م وإثبات أرقامها بالوثيقة ) وبموجب هذا النص نجد أن الفحص الطبي للراغبين بالزواج إجباري في مصر ، وقد تضمن قرار وزير الصحة المشار الأمراض التي يشملها الفحص الطبي للراغبين بالزواج وكيفية الفحص والمراكز الطبية التي يتم فيها الفحص وشهادة إتمام الفحص وغير ذلك([75]).
سادساً: تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج في الأردن:
الفحص إجباري في الأردن بموجب نظام الفحص الطبي قبل الزواج رقم (57)لسنة2004م حيث نصت المادة(4) فقرة (أ) على أنه (يتوجب على طرفي عقد الزواج قبل توثيق العقد إجراء الفحص الطبي لدى أي من المراكز الطبية المعتمدة) وهذا النص صريح في وجوب الفحص الطبي، وتنفيذاً لهذا النص فقد أصدر وزير الصحة الأردني تعليماته رقم (1) لسنة2004م التي تبين أنواع الفحوصات ومراكز المشورة وسرية هذه الفحوصات وضرورة إجراء فحص تأكيدي للتأكد من صحة وسلامة النتيجة الأولية وغير ذلك من التفاصيل([76])
سابعاً: تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج في الأمارات:
ينظم هذه المسألة قانون الأحوال الشخصية الإماراتي حيث نصت المادة (27) فقرة (2) من هذا القانون على أنه (يشترط لتوثيق عقد الزواج تقديم تقرير من لجنة طبية مختصة تفيد الخلو من الأمراض التي نص القانون على جواز التفريق بسببها) والأمراض التي نص عليها القانون مذكورة على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، وهي الأمراض المعدية المستحكمة والعقم، ولم يقرر القانون العقوبة على من يباشر عقد الزواج أو يقوم بتوثيقه من غير تقديم شهادة إجراء الفحص.
ثامناً: تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج في المغرب:
هذا الفحص إجباري بموجب مدونة الأسرة المغربية ( قانون الأسرة ) حيث تنص هذه المدونة في المادة (65) على أن ( يستحدث ملف لعقد الزواج يحفظ بكتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة بمحل إبرام العقد ويضم الملف الوثائق التالية: مطبوع خاص بطلب الأذن بتوثيق الزواج يحدد شكله ومضمونه بقرار من وزير العدل شهادة طبية لكل واحد من الخطيبين يحدد مضمونها وطريقة إصدارها بقرار مشترك لوزيري العدل والصحة ) وبموجب هذه المادة يتم عرض ملف عقد الزواج على قاضي الأسرة المكلف بالزواج الذي يتحقق من توفر الشهادات المطلوبة وسلامتها ومنها الشهادة الطبية بإجراء الفحص الطبي وبعد ذلك يأذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج للمختصين بتوثيق عقد الزواج.
وعند استقراء النص القانوني السابق ذكره نجد أن القانون المغربي قد جعل الفحص الطبي للراغبين بالزواج إجبارياً بحيث إذا تخلف الرجل والمرأة عن إجراء هذا الفحص فلا يتم توثيق هذا العقد حسبما هو ظاهر في النص القانوني السابق ذكره، كما يلاحظ أن النص القانوني قد أحال تفاصيل الفحص الطبي ومضمون الشهادة التي تثبت إجراء الفحص وطريقة إصدارها الشهادة إلى قرار يصدر من وزير العدل والصحة([77]).
تاسعًا: تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج في قطر:
ينظم هذا الموضوع قانون الأسرة رقم (22) لسنة2006م الذي نص في المادة (18) على (تقديم شهادة طبية من الجهات المختصة للطرفين قبل توثيق عقد الزواج ولا يجوز لموثق الامتناع عن توثيق عقد الزواج مهما كانت نتائج الفحص الطبي متى رغب الطرفان في إتمام هذا العقد)وتنفيذاً لهذا النص فقد أصدر وزير الصحة القطري تعليماته بشأن الأمراض التي يشملها الفحص وطريقة الفحص وغيرها من تفاصيل الفحص وجزئياته، ولم يقرر القانون عقوبة على من يباشر عقد الزواج أو يقوم بتوثيقه من غير تقديم شهادة إجراء الفحص.
عاشراً:الفحص الطبي للراغبين بالزواج في السعودية:
أصدر مجلس الوزراء السعودي قراره رقم (5) بتاريخ4/1/1432هـ بتشكيل لجنة لتطبيق الضوابط الصحية للفحص الطبي قبل الزواج وتنظيم حملة توعية صحية إعلامية واسعة للتوعية بفوائد الفحص الطبي قبل الزواج وخطورة الأمراض المعدية والوراثية ، وكذا قضى القرار بتوفير الإمكانيات والمختبرات اللازمة لهذا الفحص ، كما نص هذا القرار على أن إجراء هذا الفحص اختياري وليس إجبارياً بحيث يتم هذا الفحص لمن يرغب في ذلك مع توخي السرية التامة في توثيق المعلومات الناتجة عن الفحص وحفظها وتداولها ، كما قضى قرار مجلس الوزراء السعودي المشار إليه بأن تقوم وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة العدل من أجل توعية مأذوني الأنكحة بفوائد الفحص الطبي قبل الزواج، ومن خلال مطالعة هذا القرار يظهر أن الفحص الطبي للراغبين بالزواج بالسعودية اختيارياً إلا أن توجيهات قد صدرت بتطبيقه إجبارياً ابتداءً من شهر محرم 1425ه 20/2/2004م حيث يجب على طرفي العقد إحضار شهادة الفحص قبل إجراء عقد الزواج، إلا أن نتائج الفحص ليست ملزمة لطرفي العقد فيحوز لهما الزواج مع وجود المرض، والفحص الطبي لا يشمل إلا مرضين منتشرين في السعودية هما الأنيميا المنجلية والثلاسيميا، وفي 1429ه تم إضافة بعض الفحوصات مثل الكشف عن الإصابة بمرض الإيدز والتهاب الكبد الوبائي، كما تم إضافة فحص الدم للتأكد من عدم إدمان المخدرات بالنسبة للأجنبي الذي يطلب الزواج بسعودية([78]) .
المطلب الثالث
مقارنة موجزة للفحص الطبي في القوانين العربية
من خلال استقراء المعالجات القانونية العربية لهذا الموضوع نخلص إلى النتائج التالية:
1- الفحص الطبي للراغبين بالزواج إجباري في الدول العربية كافة عدا اليمن.
2- ورد تنظيم الفحص الطبي للراغبين بالزواج ضمن نصوص قوانين الأحوال الشخصية في كل من العراق وسوريا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وليبيا وقطر والإمارات، في حين ورد هذا التنظيم في اليمن ضمن قانون الصحة العامة، أما في الكويت وقطر والبحرين فقد ورد هذا التنظيم ضمن قانون خاص للفحص الطبي فلم يتضمن هذا القانون شيئاً آخر غير الفحص، في حين ورد هذا التنظيم ضمن قرارات إدارية صادرة عن الوزير المختص (وزير الصحة ووزير العدل) في كل من مصر والأردن.
3- تنظيم الفحص الطبي للراغبين في الزواج في القوانين العربية تمت صياغته بصيغة عامة مجردة ومجملة ضمن القوانين، ولذلك تولت الإحاطة بتفاصيل هذا الموضوع وجزئياته اللوائح والقرارات.
ولا شك انه من المفيد للغاية ترك تفاصيل وجزئيات هذا الموضوع إلى اللوائح والقرارات الإدارية التي تصدرها الجهات التنفيذية المختصة حتى تتوفر فيها المرونة والمناسبة عند تطبيق وتنفيذ نظام الفحص الطبي.
4- اللائحة التنفيذية للفحص الطبي في الكويت تعد نموذجاً لما ينبغي أن يكون عليه الفحص الطبي من وضوح وترتيب في الإجراءات .
5- الفحص الطبي في الدول العربية لا يشمل كافة الأمراض والعيوب، وإنما يقتصر على الأمراض الشائع انتشارها في هذه الدول وتختلف هذه الأمراض من دولة إلى أخرى.
6- قوانين مصر والبحرين والكويت تقرر عقوبات على من يباشر عقد الزواج أو يوثقه بدون تقديم شهادة الفحص الطبي، في حين أن قوانين الدول الأخرى لا تقرر هذه العقوبة.
7- نتائج الفحص الطبي غير ملزمة لطرفي عقد الزواج، فيجوز لهما الزواج إذا قبلا الزواج مع وجود المرض، وذلك في كل القوانين العربية.
خاتمة البحث
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات الذي وفقني إلى إتمام هذا البحث والذي خلصت فيه إلى نتائج وتوصيات عدة قمت بإثباتها في مواضعها من البحث، ونكتفي هنا بالإشارة بإيجاز بالغ إلى أهم هذه النتائج والتوصيات على النحو الآتي:أولاً: أهم نتائج البحث:
ونذكرها وعلى الوجه الآتي:
1- مفهوم إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي، وكذا الأضرار المترتبة على عدم إجراء هذا الفحص غير مستقرة في أذهان الراغبين بالزواج وإلا لبادروا من تلقاء أنفسهم وبصفة إختيارية لإجراء الفحص.
2- فكرة إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي وأهميتها غائبة عن اهتمام المجتمع اليمني عامة وإلا لكانت هناك جماعات وتيارات وشخصيات تمارس الضغط على متخذي القرار للأخذ بهذه الفكرة، بل لو كانت هذه الفكرة حاضرة في أذهان متخذي القرار ومفهومة لما رفضها مجلس النواب.
3- هناك منافع مؤكدة لإجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص، ولا شك أن هذا الإجبار تشوبه بعض الأضرار حسبما هو مبين في موضعه من البحث، إلا أنه من المؤكد أيضاً أن منافع الإجبار هي الغالبة.
4- الجهل بالمخاطر والأضرار المترتبة على عدم الإجبار على إجراء الفحص ومدى يقينية تحققها جعلت الأفراد لايقبلون على إجراء الفحص إختيارياً، وجعلت الجهات المعنية تحجم عن إجبار الراغبين بالزواج على إجراء هذا الفحص.
5- الدين والفقه الإسلامي ضمير المجتمع اليمني وهو المحرك لكل تصرفاته، وموقف الفقه الإسلامي من إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص مهم للغاية لتوجيه المجتمع اليمني إلى الوجهة التي يحددها الفقه الإسلامي برأيه الراجح.
6- إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص مسألة من النوازل الطبية المعاصرة التي لم يتناولها الفقهاء المتقدمون، ولكنها كانت محل خلاف بين الفقهاء المتأخرين الذين ذهب غالبيتهم إلى أنه يجوز لولي الأمر أو الدولة أن تجبر رعاياها الراغبين بالزواج على إجراء هذا الفحص، وهذا الرأي هو الرأي الراجح لقوة أدلته وسلامتها حسبما هو مبين في موضعه من البحث.
7- القوانين العربية كافة تجبر مواطنيها الراغبين بالزواج على إجراء الفحص، فبعضها يقرر عقوبات رادعة على من لا يلتزم بذلك مثل قوانين الكويت والبحرين ومصر، وقوانين بقية الدول تمنع إبرام عقد الزواج إلا بعد الحصول على شهادة تثبت خلو طالبي الزواج من أمراض معينة، وقد نظمت أغلب الدول العربية هذا الإجبار في قوانين الأحوال الشخصية ماعدا الكويت والبحرين اللتين نظمتا ذلك في قانون خاص به، أما القانون اليمني فقد نظمه في قانون الصحة العامة وجعله إختيارياً وليس إجبارياً.
8- القانون اليمني وحده الذي لا يجبر الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي لعدم وضوح هذه المسألة من الناحية الفقهية والطبية بالنسبة للبرلمان اليمني ولخوف البرلمان من ردة فعل المجتمع اليمني المحافظ والمتدين، إضافة إلى انعدام التوعية الفقهية والطبية بهذا الموضوع.
ثانياً: توصيات البحث
لقد توصل هذا البحث إلى توصيات عدة تم إثباتها في مواضعها من البحث، ونكتفي هنا بالإشارة إلى أهم هذه التوصيات وعلى الوجه الآتي:1- قيام الجهات المعنية وتحديداً الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة واللجنة الوطنية للمرأة واتحاد نساء اليمن ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بشئون المرأة والطفل والجمعية اليمنية لمكافحة أمراض الثلاسيميا بعقد ندوات ودورات وورش ولقاءات علمية لمناقشة نظام الفحص الطبي الإجباري للراغبين بالزواج شريطة أن تستهدف هذه الفعاليات الأشخاص والجهات المعنية حتى يتوفر لدى هؤلاء الإلمام التام بتفاصيل وجزئيات هذا النظام الهام ونوصي بأن يكون من ضمن المستهدفين الأمناء الشرعيين وقضاة الأحوال الشخصية وأعضاء لجنتي تقنين أحكام الشريعة الإسلامية والعدل والأوقاف بمجلس النواب والعاملين بالإدارة العامة للتوثيق والإدارة العامة للشئون القانونية بوزارة العدل بالإضافة إلى العاملين بالإدارة العامة للطب الوقائي بوزارة الصحة.
2- قيام الجهات السابق ذكرها، بالتوعية المستدامة بالمصالح التي يحققها الفحص الطبي الإجباري للراغبين بالزواج، وكذا المفاسد والأضرار المترتبة على عدم الأخذ بنظام الفحص وذلك لضمان قبول المجتمع والجهات المعنية لهذا النظام وعدم معارضتها له ، لأن الأمانة العلمية تقتضي القول بأن الغالبية العظمى من أفراد المجتمع بل ومن الأشخاص المعنيين لا يعرفون هذا النظام، ومعلوم أن الناس أعداء لما يجهلونه.
3- قيام المجامع الفقهية الإسلامية المعنية بالإجتهاد الجماعي بإستكتاب الفقهاء والأطباء المتخصصين لإعداد بحوث فقهية وطبية بشأن هذا الموضوع، وفي ضوء ذلك يتم إصدار قرار في هذا الشأن حسماً للخلاف الفقهي القائم.
4- قيام الجهات المعنية بالخبرة الطبية في الدول الإسلامية كالمجلس الأعلى للتخصصات الطبية في اليمن بدراسة موضوع الفحص الطبي للراغبين بالزواج وإبداء الرأي الطبي الواضح والحاسم في هذه المسألة.
5- تعديل قانون الأحوال الشخصية اليمني لتضمينه النص على الفحص الطبي الإجباري للراغبين في الزواج، لأن قانون الأحوال الشخصية هو القانون الخاص الذي يتناول مسائل الزواج وأركانه وشروطه وكيفية إبرامه وتوثيقه، ولذلك فمن المناسب للغاية أن يتضمن قانون الأحوال الشخصية هذا النظام، وذلك أولى من تضمينه في قانون الصحة العامة أو قانون الأمومة المأمونة.
6- إعداد مذكرة إيضاحية تتضمن الأسباب الموجبة لتعديل قانون الأحوال الشخصية وتضمينه مادة بشأن إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي، على أن تتضمن هذه المذكرة المصالح التي يحققها الفحص الطبي والمفاسد التي يدفعها والآثار السلبية والمخاطر التي تحدث بسبب عدم النص في اليمن على الفحص الطبي الإجباري للراغبين بالزواج.
7- إصدار قرار مشترك من وزارتي العدل والصحة والسكان يتضمن كيفية إجراء الفحص والأمراض التي يشملها الفحص وشهادة الفحص ومضمونها وحجيتها وغير ذلك من التفاصيل حتى تتوفر لدى المعنيين بتنفيذ هذا النظام وتطبيقه الإحاطة التامة بكافة جوانب هذا النظام وجزئياته وتفاصيله عند تطبيقهم وتنفيذهم لهذا النظام، فلا يكفي تضمين القانون نصاً يجبر الراغبين بالزواج على الفحص، لأن هذه النص القانوني يكون عاماً ومجرداً ومجملاً لا يستطيع الموظف المختص تطبيق هذا النظام المتشعب والمتغير.
8- إصدار وزارة العدل قراراً تنظيمياً بشأن تحرير عقود الزواج وتوثيقها ينص على إلزام الأمناء الشرعيين وأقلام التوثيق بالمحاكم بعدم تحرير عقود الزواج أو توثيقها إلا بعد التثبت من وجود شهادة طبية تؤكد خلو الراغبين بالزواج من الإمراض والعيوب المحددة في القرار المشترك لوزارتي العدل والصحة (ويكون هذا القرار بمثابة بديل حتى يتم تعديل قانون الأحوال الشخصية).
9- إصدار وزارة الصحة قراراً تنظيمياً تحدد فيه المراكز والوحدات والمختبرات الطبية المؤهلة لإجراء الفحص الطبي للراغبين بالزواج وتحديد الرسوم المقررة على إجراء هذا الفحص.
والحمد لله في البدء والختام والصلاة والسلام على محمد بدر التمام وعلى آله وصحبه الكرام {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}([79])صدق الله العظيم.
![]() |
إجبار الراغبين بالزواج على إجراء الفحص الطبي . |
قائمة المراجع
1- الإرشاد الجيني، موسوعة قضايا إسلامية معاصرة، د.محمد الزحيلي، الجزء الخامس، دار المكتبي 2008م.2- الأشباه والنظائر، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، درا الكتب العلمية 1403هـ، الطبعة الأولى.
3- الأمراض التي يجب أن يكون الاختبار الوراثي فيها إجبارياً، د.حمداتي ماء العينين، وثائق الندوة الفقهية الطبية الخامسة المنعقدة في الكويت 1409ه– مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية.
4- الأمراض الوراثية: حقيقتها وأحكامها في الفقه الإسلامي، هيلة بنت عبد الرحمن اليابس، دار كنوز اشبيليا السعودية 2012م .
5- التقرير الصادر عن لجنة الصحة العامة والسكان بمجلس النواب المتضمن نتائج دراستها لمشروع قانون الأمومة المأمونة بتاريخ 4/6/2008م، مجلس النواب 2008م.
6- الجنين المشوه والأمراض الوراثية، د.محمد علي البار، دار القلم جدة، الطبعة الأولى 1997م.
7- حكم فحص المحتوى الوراثي للمقبلين على الزواج، د. محمد بن هائل المدحجي-منشور في الموقع الالكتروني figh.islammessage.com.
8- حاشية السندي على النسائي، محمد بن عبد الهادي أبو الحسن السندي، مكتب المطبوعات الإسلامية حلب، الطبعة الثانية 1406هـ.
9- حكم الكشف الإجباري عن الأمراض الوراثية، د.محمد عبد الغفار الشريف، كتاب ندوة الوراثة بجامعة الإمارات.
10- سنن أبي داوود، الأمام سليمان بن الأشعث الازدي المتوفى 275ه- تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد- المكتبة العصرية بيروت 2010م.
11- سنن الترمذي، ابو عيسى الترمذي، دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1996م،.
12- السنن الكبرى، الأمام احمد بن الحسين بن علي البيهقي المتوفى 458ه-تحقيق محمد عبد القادر عطا – دار الكتب العلمية بيروت- الطبعة الثالثة 2003م.
13- سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد بن ماجه، دار احياء الكتب العربية، الطبعة الثانية.
14- صحيح البخاري(الجامع الصحيح)، الأمام محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى 256ه- الطبعة الأولى 1422ه.
15- صحيح مسلم، مسلم بن حجاج، دار طيبة 1427هـ.
16- صحيح ابن حبان، علاء الدين على بن بلبان، دار المعارف 1372هـ.
17- الفحص الطبي قبل الزواج من منظور الفقه الإسلامي، د.علي محي الدين القرة داغي- منشور في الموقع الالكتروني https/www.e.cpg
18- الفحص الطبي قبل الزواج – د.هناء فاخوري منشور بالموقع الالكتروني ngha.med.sa
19- الفحص الطبي قبل الزواج– دراسة شرعية قانونية تطبيقية – صفوان محمد عضيبات – الأردن 2004م.
20- الفحص الطبي قبل الزواج، د.عبد الفتاح أحمد أبو كيلة- الطبعة الأولى- دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2008م.
21- الفحص الطبي قبل الزواج، د.عبد الحميد القضاة اختصاصي تشخيص الأمراض الجرثومية والأمصال، جمعية العفاف الخيرية 2008م .
22- الفحص الطبي قبل الزواج، د.يوسف عبد الله التركي، كلية الطب، جامعة الملك سعود أستاذ طب الأسرة- بحث متقدم لمؤتمر الهندسة الوراثية بالإمارات 2002م.
23- قضايا فقهية في الجينات البشرية، عارف علي عارف، دار الكتب العلمية بيروت 2012م.
24- قواعد الأحكام في مصالح الانام ، ابو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام المتوفى 660هـ، دار الكتب العلمية بيروت 1414هـ.
25- قانون الأحوال الشخصية السوري – مجلس الشعب السوري دمشق 2010م.
26- قانون الأحوال الشخصية العراقي وقانون الفحص الطبي قبل الزواج- وزارة العدل العراق بغداد، مطبعة الزمان.
27- قانون الأمومة المأمونة- مجلس النواب 31 مارس 2014م.
28- قانون رقم (4) لسنة 2009م بشأن الصحة العامة، الجريدة الرسمية العدد 6 مارس 2009م، وزارة الشئون القانونية باليمن.
29- قانون رقم (31) لسنة 2008م بشأن الفحص الطبي للراغبين بالزواج، دولة الكويت 2008م.
30- قانون الأحوال الشخصية الإماراتي.
31- قانون الأسرة القطري رقم (22) لسنة 2006م.
32- القانون رقم (57) لسنة 2004م بشأن الفحص الطبي قبل الزواج، وزارة العدل الأردنية، عمان 2005م .
33- قرار مجلس النواب بتاريخ 10/7/2006م بإحالة مشروع قانون الأمومة المأمونة إلى لجنة الصحة العامة والسكان، مجلس النواب 2006م.
34- قرار وزير الصحة الكويتي رقم 96 لسنة 2009م بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الفحص الطبي للراغبين بالزواج، دولة الكويت 2008م.
35- القواعد الفقهية، علي أحمد الندوي، الطبعة الثالثة 1414ه، ص47.
36- قرار مجلس الوزراء السعودي رقم (5) بتاريخ4/1/1432ه صحيفة المدينة ، العدد 5121 الصادر بتاريخ 5/1/1432ه.
37- قرار وزير العدل المصري رقم 6937 لسنة 2008م بتعديل أحكام لائحة المأذونين، القاهرة 2008م.
38- لسان العرب، محمد بن مكرم بن على بن منظور المتوفى 711ه- دار صادر بيروت – الطبعة الثالثة 1414ه.
39- مدى مشروعية الإلزام بالفحص الطبي قبل الزواج– دراسة مقارنة – د.حسن صلاح الصغير عبد الله– جامعة الأزهر– دار الجامعة الجديدة 2007م.
40- مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، د.أسامة الأشقر، الطبعة الأولى 1420هـ، دار النفائس الأردن.
41- مجموعة قوانين الأحوال الشخصية وفقاً لأحدث التعديلات 2008م – إعداد حمدي معوض عبد التواب، عالم الفكر والقانون للنشر والتوزيع، مصر 2009م
42- مدونة الأسرة المغربية – صادرة عن برلمان المغرب، 2004م.
43- موقع وزارة الصحة السعودية www.werathah.com
44- موقف الإسلام من الأمراض الوراثية، ، د. محمد شبير مجلة الحكمة العدد السادس صفر 1416هـ.
45- مختار الصحاح، زين الدين أبو عبدا لله محمد بن أبي بكر الرازي المتوفى 666ه- تحقيق يوسف الشيخ محمد- المكتبة العصرية بيروت – الطبعة الخامسة 1999م.
46- المسؤولية الجسدية في الإسلام ، عبد الله إبراهيم الطبعة الأولى 1416ه – دار ابن حزم بيروت .
47- الموسوعة الطبية الحديثة منشورة في الموقع الالكتروني https\www.google.com
48- الموسوعة الطبية الفقهية، احمد محمد كنعان دار النفائس الأردن ص763.
49- الموافقات، إبراهيم بن موسى بن محمد الشاطبي، دار ابن عفان الطبعة الأولى 1417هـ.
50- المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله المتوفى 450ه-تحقيق مصطفى عبد القادر عطا- دار الكتب العلمية بيروت- الطبعة الأولى 1990م.
51- نظام الفحص الطبي قبل الزواج الأردني رقم 57 لسنة 2004م.
52- نظرة فقهية في الإرشاد الجيني، د.ناصـر عبد الله الميمان، جامعة أم القرى، مكة.
53- الوراثة البشرية الحاضر والمستقبل، د.سامية التمتامي، مركز الأهرام للترجمة والنشر 1996م.
54- الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، محمد صدقي بن احمد الغزي، مؤسسة الرسالة2014م.
[1]/ مختار الصحاح للرازي مادة ( نظم )، زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الرازي المتوفى 666هـ- تحقيق يوسف الشيخ محمد- المكتبة العصرية بيروت – الطبعة الخامسة 1999م ص59.
[2]/ لسان العرب لابن منظور مادة (فحص) محمد بن مكرم بن على بن منظور المتوفى 711هـ- دار صادر بيروت – الطبعة الثالثة 1414هـ.
\[3] الفحص الطبي قبل الزواج، د.عبد الفتاح أحمد أبو كيله- الطبعة الأولى- دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2008م ص7
[4]/ الفحص الطبي قبل الزواج – د.علي محي الدين القره داغي صــ 3 منشور في الموقع الالكتروني https/www.e.cpg بحث مقدم إلى ندوة الوراثة بالإمارات ص3.
[5]/ الفحص الطبي قبل الزواج، د.عبد الحميد القضاة اختصاصي تشخيص الأمراض الجرثومية والأمصال، جمعية العفاف الخيرية 2008م ص11.
[6]/ انيميا الفول: مرض وراثي تم اكتشافه عام 1956م، وهو أحد أمراض فقر الدم (الموسوعة الطبية الحديثة) منشورة في الموقع الإلكتروني https\www.google.com
[7]/ الفحص الطبي قبل الزواج، د.يوسف عبد الله التركي، كلية الطب، جامعة الملك سعود أستاذ طب الأسرة- بحث متقدم لمؤتمر الهندسة الوراثية بالإمارات 2002م 2/570 والموسوعة الطبية الفقهية، احمد محمد كنعان دار النفائس الأردن ص763.
[8]/ الفحص الطبي قبل الزواج – د.هناء فاخوري منشور بالموقع الالكتروني ngha.med.sa
[9]/ الجنين المشوه والأمراض الوراثية، د.محمد علي البار، دار القلم جدة، الطبعة الأولى 1997م ص366.
[10]/ حكم الكشف الإجباري عن الأمراض الوراثية، د.محمد عبد الغفار الشريف، كتاب ندوة الوراثة بجامعة الإمارات 2/971.
[11]/ الكشف الطبي قبل الزواج والفحوص الطبية المطلوبة، بحث متقدم لمؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون جامعة الإمارات 2/864.
[12]/ مدى مشروعية الإلزام بالفحص الطبي قبل الزواج– دراسة مقارنة – د.حسن صلاح الصغير عبد الله– جامعة الأزهر– دار الجامعة الجديدة 2007م صـ20.
[13]/ الوراثة البشرية الحاضر والمستقبل، د.سامية التمتامي، مركز الأهرام للترجمة والنشر 1996م ص925، والفحص الطبي قبل الزواج– دراسة شرعية قانونية تطبيقية – صفوان محمد عضيبات – الأردن 2004م صـ60.
[14]/ مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، د.أسامة الأشقر، ص91.
[15]/ الأمراض الوراثية: حقيقتها وأحكامها في الفقه الإسلامي، هيلة بنت عبد الرحمن اليابس، دار كنوز اشبيليا السعودية 2012م ص47.
[16] / ندوة الوراثة والهندسة الوراثية 2 / 781، 821، 956، والمسؤولية الجسدية في الإسلام ، عبد الله إبراهيم الطبعة الأولى 1416ه – دار ابن حزم بيروت ص 302 ، و موقف الإسلام من الأمراض الوراثية، ، د. محمد شبير مجلة الحكمة العدد السادس صفر 1416هـ ص 210 ومستجدات فقهية، د.أسامة الأشقر ص 92، و مدى مشروعية الإلزام بالفحص الطبي قبل الزواج– د. حسن صلاح صـ5، وإجبارية الإختبار الطبي قبل إبرام عقد الزواج، د.حمداتي ماء العينين ص116 ضمن أبحاث الندوة الفقهية الطبية.
[17] د. محمد الزحيلي: أستاذ فقه يحمل شهادة الدكتوراه في الفقه المقارن من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالشارقة سابقاً، له مجموعة من المؤلفات في الفقه واصوله.
[18] د. حمداتي شبيهنا ماء العينين عضو مجمع الفقه الإسلامي، عالم من علماء المغرب العربي له مجموعة من المؤلفات.
[19] د. ناصر عبد الله الميمان: عضو المجمع الفقهي الإسلامي أستاذ الفقه والقواعد الفقهية بجامعة أم القرى مكة، وله مجموعة من المؤلفات.
[20] د. محمد عثمان شبير: حاصل على الدكتوراه في الفقه المقارن من جامعة الأزهر عمل أستاذاً في جامعات قطر والأردن والكويت والسعودية، عضو اللجنة العلمية للموسوعة الفقهية التي تشرف عليها وزارة الأوقاف بالكويت.
[21] الشيخ عبد السلام بسيوني: خريج جامعة الأزهر يعمل في وزارة الأوقاف القطرية قام بتأليف مجموعة كبيرة من الكتب في الشريعة الإسلامية.
[22] د. نصر زيد واصل: مفتي الديار المصرية رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قام بتأليف مجموعة من المؤلفات في الفقه الإسلامي.
[23] د. محمد عبد الستار الجبالي: أستاذ الفقه المقارن رئيس قسم الفقه المقارن الأسبق بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر.
[24] د. عبد الحميد الأنصاري : أستاذ السياسة الشرعية بكلية القانون-جامعة قطر..
[25] د. أسامة عمر الأشقر: أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية بعمان وجامعة أم القرى بمكة.
[26] د. عبد المؤمن شجاع الدين: دكتوراه في الفقه المقارن رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة صنعاء.
[27] د. فاتن الحلواني: أستاذ في قسم الشريعة والدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز جدة.
[28] د. عبد الرحمن الصابوني: عميد كلية الشريعة بدمشق وأستاذ فقه الأحوال الشخصية.
[29] د.حسن صلاح الصغير أستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر.
[30] فقيه وعالم مصري غني عن التعريف، له مؤلفات كثيرة في الفقه الإسلامي.
/[31]سورة الروم الآية (21)
/[32]سورة الفرقان الآية (74)
[33] / سورة النساء: 59
[34]/ سورة البقرة: 195
[35]/ سورة آل عمران: 38.
[36]/ أخرجه البخاري (56) كتاب الطب (53) باب لا عدوى برقم 57.
[37] / أخرجه البخاري (56) كتاب الطب (19) باب الجذام.
[38]/ مستجدات فقهية د.أسامة الأشقر ص 94 – 95، وتحفة العروس ، محمود مهدي الاستانبولي ص 38 – 39.
/[39]أخرجه مسلم 2/104 حديث رقم(1424)
[40]/ حاشية السندي على النسائي 6/253
/[41]أخرجه البخاري 3/1281حديث رقم(3286)
/[42]أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 2/180 حديث رقم(2699) وقال حديث صحيح على شرط مسلم وقال الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة: منكر أخرجه الحاكم 3/422.
/[43]أخرجه أبو داوود 4/19وأخرجه البيهقي 9/347 قال الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة 4/210 عن هذا الحديث: منكر أخرجه أبو داود واحمد من طريق يحيى بن عبد الله بن بحير.
[44]/ الشيخ عبد العزيز بن باز: عالم وفقيه بارز شغل رحمه الله مفتي عام المملكة العربية السعودية.
[45]/ د. يوسف عبد الله القرضاوي: أستاذ الشريعة بجامعة قطر رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
[46]/ د. عبد الكريم زيدان: حاصل على الدكتوراه في الفقه من جامعة الأزهر، عمل أستاذا بالجامعات العراقية واليمنية.
[47] / د. محمد رأفت عثمان: أستاذ الفقه المقارن، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر سابقاً.
[48] / د.محمد عبد الغفار الشريف: أستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت، أمين عام وزارة الأوقاف بالكويت.
[49]/ د. حسام الدين عفانه: من أبرز علماء فلسطين.
[50]/ حكم الكشف الإجباري عن الأمراض الوراثية، المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، محمد عبد الغفار الشريف ص926.
[51] / أخرجه البخاري كتاب الشروط باب المكاتب برقم 2584 وأخرجه مسلم4/213.
[52]/ رأي مجلس الإفتاء الأوروبي بشأن الفحص الطبي قبل الزواج محددات وضوابط موقع المجلس.
[53]/ أخرجه الترمذي في أبواب النكاح برقم 1084، وقال عنه الترمذي في علله (154) حديث ضعيف برقم 7505.
[54] قضايا فقهية في الجينات البشرية، عارف علي عارف 2/786.
[55]/ أخرجه البخاري 7505 وأخرجه مسلم برقم 2677.
[56]أخرجه البخاري في كتاب الطب باب ما يذكر في الطاعون رقم 5729 ص1200.
[57]قواعد الأحكام، العزيز عبد السلام 1/107.
[58]/ علم الوراثة، ماثيو كوب، سيدهارتا موخيرجي، الطبعة العربية 2016م،ص85.
[59] / أخرجه ابن ماجه في كتاب طلاق المكره برقم 268 وقال حديث حسن والبيهقي 7/356 وابن حبان 16/202.
[60]/ الأشباه والنظائر للسيوطي قاعدة (87)، والقواعد الفقهية، علي أحمد الندوي، الطبعة الثالثة 1414ه، ص47.
[61]/الأشباه والنظائر للسيوطي ص 121، قواعد الفقه للبركتي ص 70، المنثور للزركشي 1/ 309، بحوث فقهية لعبد الستار أبو غدة ص 32.
[62]/ أخرجه البخاري (73) كتاب الأحكام (4) باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية برقم 7145، ومسلم (34) كتاب الإمارة (8) باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية برقم 1840.
[63] / الوراثة والهندسة الوراثية – المناقشات الفقهية ص 833، 840، 850. عقد
\[64]الموافقات للشاطبي 2/38.
[65] / الأشباه والنظائر للسيوطي ص 138، والمنثور للزركشي 2 / 155، والإبهاج لابن السبكي 2 / 227.
[66]/ طريق الوصول إلى العلم المأمول للسعدي ص 238.
[67]/ مستجدات فقهية لأسامة الأشقر ص 96.
[68] الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، محمد صدقي بن احمد الغزي، مؤسسة الرسالة2014م، ص288.
[69]/ الإرشاد الجيني لمحمد الزحيلي ص 780، 782، و الإرشاد الجيني لناصـر الميمان ص814،821، والأمراض التي يجب أن يكون الاختبار الوراثي فيها إجبارياً لحمداني ماء العينين ص 956 ،وندوة الوراثة والهندسة الوراثية – مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، والمسؤولية الجسدية في الإسلام لعبد الله إبراهيم ص302
[70]/ التقرير الصادر عن لجنة الصحة العامة والسكان بمجلس النواب المتضمن نتائج دراستها لمشروع قانون الأمومة المأمونة بتاريخ 4/6/2008م، مجلس النواب 2008م
[71]/ تصريح النائب العسلي منشور في الموقع الالكتروني https\almasdronlien.com
[72]/ قانون الأحوال الشخصية السوري – مجلس الشعب السوري دمشق 2010م.
[73]/ الفحص الطبي قبل الزواج – صفوان عضيبات – صـ153 .
[74]/ قانون الأحوال الشخصية العراقي وقانون الفحص الطبي قبل الزواج- وزارة العدل العراق بغداد، مطبعة الزمان 2010م.
[75]/ مجموعة قوانين الأحوال الشخصية وفقاً لأحدث التعديلات 2008م – إعداد حمدي معوض عبد التواب، عالم الفكر والقانون للنشر والتوزيع، مصر 2009م
[76]/ القانون رقم (57) لسنة 2004م بشأن الفحص الطبي قبل الزواج، وزارة العدل الأردنية، عمان 2005م .
[77]/ مدونة الأسرة المغربية – صادرة عن برلمان المغرب، 2004م.
[78]/ موقع وزارة الصحة السعودية www.werathah.com
[79]/ سورة البقرة الآية (286) .